محمد كمل مشرع بالقصيري 29/6/24
اولا :تمهيد لابد منه قبل الحكي :
كم هي قوية ضربة ‘كورونا ” وضريبة ” كورونا ” هذا الضيف الثقيل الذي حصد الكثير من الأرواح والناس والافكار لكن ليس هذا فحسب بل إن “كورونا” قد اصابتنا في الروح والأحاسيس والمشاعر ومشاريع قصص و قصائد وكادت ” كورونا ” ان تحولنا الى اناس بلا ذاكرة او كما كنت اظن حينها اننا في وبسبب هذا الوباء قد أصبحنا بلا ذاكرة او تماما مثل ٱلات تحاول أن تستعيد إنسانيتها وكنا على عتبة ان نصير اشياء بلا تاريخ بلا ذاكرة كل تلك الاشياء التي كنا سنبدع فيها كانت من الممكن ان تكون لبنة لأعمال شتى في ميادين شتى وهذا النسيان الذي حملته ” كورونا ” الينا هو اننا كدنا ننسى الكتابة والقراءة وجميع ماله صلة بالثقافة والفكر والذوق الرفيع مما جعلني افشل في كل المحاولات الشعرية التي تجاوزت الٱن الألف حتى كدت انسى انني قد كنت كاتب قصة قصيرة في الاصل وقد كان والدي رحمه الله واسكنه فسيح جناته هو اكبر ” حكواتي ” عرفته البشرية وقد أصدرت مجموعة قصصية في دجنبر “1997” بعنوان ” طابور الاحلام ” عن المطبعة السريعة لصاحبها اطال الله في عمره الحاج ميلود العروصي لكن زيارتي الأخيرة لمدينة “مشرع بلقصيري في المهرجان الوطني للقصة القصيرة الخامس عشر _ 28/29/30 يونيو 2024 _ هو من خلق لدي الرغبة وهي رميم للعودة إلى محاولة كتابة القصة القصيرة وهذه هي ظروف ومسببات هذا الحكي .
ثانيا : الحكي _ من هنا ابتدأت الحكاية عن” الفأر والذبابة وأنا” لا تستغربوا إن وضعت هذا الثلاثي هنا حسب الأهمية وليس في الامر احتقار لي او تنقيص من قيمتي الإفتراضية او جميع المخلوقات الربانية الاخرى نحن سواسية امام الله وهذا كل ما في الأمر : الفأر لا يعادلني في الحجم ولا الشكل فانا أزن مائة كيلوغرام او يزيد قليلا كثيرا والفار يزن غرامات معدودة عقل الفأر والذبابة هما على شكل نقطة صغيرة وانا عقلي ” يوزن بلد ” لكن العلاقة التي تربطني بالفأر هي غريبة كغرابة الحياة في هذه الدنيا الفانية فانا صاحب الغرفة ومالكها حيث اسكن فيها بطول متران وعرض ثلاتة امتار لكن انا لا استعمل هذه الغرفة التي تفتح النفس إلا ليلا لأريح جسدي من عناء ” اللاحياة ” لكن الفأر يستفيد من غرفتي طوال اليوم وأسأل نفسي كيف يقضي الفأر اليوم في غرفة ضيقة يصعب فيها دخول الهواء والريح حقيقة أن حجم الفأر والذبابة صغيران بحيث يشعران أنهما يسكنان في “تاج محل ” لأنهما لا يتوفران على نفس المقاييس والمؤشرات التي نكتسبها نحن البشر وفي الحقيقة اجد على الأرض بعض من تصرفات الفأر في غيابي فهو يقوم بقضم الخبز الذي أتركه في غرفتي او بقايا الأكل ويفترس العناوين الكبرى في الجرائد التي افترش على أرضية غرفتي ولكي يستفزني دائما واكثر من هذا فإن الفأر يترك بعضا من برازه على الأرضية كأنما يخبرني انه هو صاحب الغرفة وانا الضيف وهذا ما يؤكد لي هذا الحيوان الوديع.
هذا الفأر موجود وانه ليس فأر حاسوب او فأرا إفتراضيا وقد سعدت ذات يوم ونحن على بعد ليلة من عيد الأضحى الأخير لسنة 2024 ان هذا الفار قد هم خارجا مغادرا الغرفة بسرعة الضوء وتاملت حجمه وشكله ولونه الرمادي المغلوق وقد غادر الغرفة لا أعرف هل هذا الهروب مني كان خوفا او تقديرا لي او انه لا يريد ان يجمعنا نفس المكان لكي لا ينغص علي حياتي كان بودي ان اتحدث معه وان اسأله عن موطنه وكيف حل معي في هذه الغرفة واي إثم ارتكبه هو او أجداده لكي يعاقب بالتعايش معي في نفس الغرفة ولكوني لست ” سليمان عليه السلام ” لأخبر لغة الحيوان فقد كلفت خيالي الهارب بان يغوص في يوميات هذا الفأر التعس لقد كانت تنخره الوحدة وحيدا مثلي تماما امامه مائة كتاب او يزيد وجرائد ومصحف ومجلات بثلات لغات لا يمكنه ان يستمتع بمحتوى هذه الكتب وليس في غرفتي مطبخا لتجزية الوقت والتمتع ببقايا الأكل او رائحته او الجبن وانه هو في وحدته وتعاسته تجاوزني مرات عديدة لكونه لا يمكن له أن يقرأ او يرى فيلما على الهاتف او الدخول الى وسائل التواصل الاجتماعي لكي يتقاسم صورت وافكارا تجعل من الرداءة عينا لها وكل هذا يخفف من المي ومن حرقتي على حظي التعس وهنا انتقل الى الحديث عن الذبابة التي لا اراها ليلا ربما كان لها بيتا ٱخر او حياة اخرى بعيدا عني لكنها لا تظهر إلا نهارا وهي شخصية غريبة جدا ذلك انني عندما استيقظ واستحم في الهواء الطلق وانشف جسدي او ماتبقى منه اكون قد اخترت القميص والسروال في الليل واتزين بالصبر وعطر منحه لي صديق يناصرني على الحياة دوما واستعد للخروج من غرفتي هنا فقط تظهر الذبابة وتبدا دندنتها _ ليست كدندنة وردة الجزائرية _ فقط تحط فوق راسي وبإلحاح وأحاول بدون جدوى ان اقضي عليها لكن كل محاولتي بائت بالفشل وتتنقل معي وفوق راسي من الغرفة الى الطريق الوطنية لٱخد سيارة الأجرة الى القنيطرة ولا اعرف كيف تفعل هذه الذبابة فهي لا تظهر إلا في الصباح وتشيعني إلى الطريق عبر غابة معمورة كل يوم هل هي نفس الذبابة ام ان هناك ” G.P.S ” خاص بالذباب يتناوب علي كل يوم بحسب دور لا أعرف كيف يحصل
والغريب في الأمر ان هذه الذبابة التي تختفي تماما عندما استقل وسيلة النقل العمومي فإن الذبابة تتبخر كما سراب ملحاح الى اليوم الموالي وسر الظهور والاختفاء الذي تمارسه معي الذبابة هو طقس لن اجد تاويلا لغرابته ؛طبيعي قبل الختم ان اتحدث عن البطل والشخصية الثالثة في هذا المتن ” أنا ” وهو هذا الشخص الذي تعرفونه يعيش في حالة” المابين _ بين ” بين الفأر والذبابة والبشر فلا انا فأرا واستريح منكم ولا انا ذبابة حتى احول حياتكم الى جحيم اعيش هكذا تماما كما الكلاب الضالة التي تسير وسط الطريق بعزم وباس شديد لكن تسير الى مالانهاية وبدون برنامج مثلي تماما تقريبا .