قراءة مختصرة في كتاب : {{ مسار محارب .مثل الأب ، مثل الإبن }} للكاتب : { الزبير الملطي }

جسر التواصل4 مايو 2024آخر تحديث :
قراءة مختصرة في كتاب : {{ مسار محارب .مثل الأب ، مثل الإبن }} للكاتب : { الزبير الملطي }

الأستاذة : ريحانة دوعلي

الحمد لله رب العالمين، وحده لا شريك له ، أحمده حمد الشاكرين ،وأشكره شكر الحامدين . والصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين .
تحية احترام وتقدير للجميع في هذا الخطاب ، وسأكون سعيدة إن نال قسطا من الإعجاب .
أما بعد…..لقد تعاقبت الكثير من المؤلفات و الكتب ؛ ونٌشر منها العديد حول آفة العنصرية والتمييز بين البشر، لكنها والحمد لله لم تحبط من عزيمة كاتبنا ، ولم تهزمه بل جعلته يرفع راية نصره من أجل الإنسانية وقيمها العادلة .مضيفا كنزا من كنوز الإبداع والمتمثلة في كتابه { مسارمحارب،مثل الأب مثل الإبن} ورغم صغر سنه إلا أن حجم معاناته تعدى السنين والعقود.. لتتمخض عنها سيرة ذاتية عاشها وعايشته بكل تفاصيلها.
فهذا الكاتب الكبير قيمة بمخزونه العلمي والفكري ، هو مهندس حاصل على عدة شهادات نذكر منها :
ــــ شهادة الكفاءة للندريس المهني في الرياضيات والعلوم .
ــــ دبلوم الماستر في الإلكترونيات والأوتوماتيك بجامعة [ مونبوليي للعلوم ]
ــــ دبلوم الإجازة في الهندسة الكهربائية بكلية [ أورليون ] وغيرها في التكنولوجيا والفيزياء والكيمياء والعلوم الصناعية …
من مؤلفاته :[ كيفية إنقاذ الطلاب المتسربين وتجنب ظاهرة الفظاظة والعنف]
[ مسار محارب مثل الأب مثل الإبن] ترجمته للغة للعربية: الباحثة : [ أميمة بو نخلة ]
وكتاب [ أقدار متقاطعة ]
فمن خلال هذه الإبداعات نلاحظ أنه شخصية منصهرة في عشق الأدب والكتابة رغم تكوينه ودراسته العلمية …كما أكد في إحدى حواراته مع الإعلامي والكاتب [ بوشعيب خلدون ] بأنه :
{ مهندس عاشق للأدب والكتابة ؛ فهي منظار أرى من خلاله الأشياء أكثر وضوحا }
والعشق هو الكلمة المستعملة بدل الحب في الأدب الفارسي ، وهو عند هؤلاء العظام وغيرهم من عظماء أدب [ العرفان ] وراء كل حركة تكاملية في حياة الأفراد والجماعات ، ووراء كل من يكسر صنم ذاته ويذوب في هدف سام جميل .
المناضلون الحقيقيون عاشقون ، والعلماء الواقعيون ، وهكذا الفنانون والأدباء
الذين يعيشون لفنهم وأدبهم كلهم عاشقون …عاشقون لجمال باهر لا يفهمه من يخمد العشق في نفسه ، ومن عاش لذاته الضيقة.
فعشقه للكتابة رحب وشاسع ، من خلال منظاره الذي يوضح له كل ما خفي في نفسه وروحه ، وما انطوت عليه جوانحه خلال مراحل حياته في فرتسا ..
{ هذه الروح مثل الشعلة ، لكن دخانها أكبر من نورها ،وعندما يتجاوز دخانها الحد…لا تٌظهر ضياءها } كما قال مولانا [ جلال الدين الرومي ] في مؤلفه { ديوان العشق }

وهكذا ..لم يقنع الكاتب بمعاناته الفردية، بل أفصح عن كل ما أضمره في قلبه وروحه ، وسعى سعيا حثيثا لنقل كل ما عاناه من خصوصيات ذاته ؛ جاعلا عقله يتناغم مع قلبه ، في حديث أصبح كالرياح محملا بثقل التجارب المريرة المحملة بمختلف المعاملات اللاإنسانية في محراب المبادئ المشبوهة ..لكن تأثيرها حرره من قيودها ليثور على هذه القيم المزيفة والتي ليست إلا ادعاءات وبهتان وتخاريف يحتويها النفاق من كل جانب .
وهكذا حل علينا الكاتب العبقري الأستاذ : {{ الزبير الملطي }} حاملا مشعلا ينير به ظلمات ومتاهات هذه العنصرية المتفشية…. بتسليط ضوء أفكاره وقناعاته ومبادئه من خلال كتابه هذا …
وقد ارتأيت أن أضيف بكل فخر واعتزاز عنوان الأمومة والتي لعبت دورا أساسيا ومحوريا في تربية هذه الشخصية المتشبعة بالإنسانية والعدالة لأنقش بمداد الاعتراف بجميل الأم هذا العنوان أيضا :
{{ مسار محارب .مثل الأم ، مثل الإبن }}
كما أن كلمة { محارب } لا تخص فردا بعينه ، فهي كلمة جامعة وشاملة لكل فرد عاش واكتوى بنيران العنصرية ؛ في كل زمان ومكان ، على حساب حقوقه كإنسان .
وقد أكد ذلك الكاتب والصحفي والمتفرد في [ فن البورتري ] الكاتب [ حسن بيريش ] في الصفحة الرابعة لغلاف الكتاب معلقا :
{{ هو كتب كثيرة في كتاب واحد..ثم هو قضايا بالجملة في قضية مفردة ؛ أليس هاهنا يكمن وعي يكبر عمره … بل ويكمن عمر أصغر من ذكائه ا؟
وما يبرهن ويشهد على ذلك ما كتبه في مقدمة كتابه ‘ الصفحة رقم 5 :
{{ وأصبح الأمر بالنسبة للبعض يستلزم خوض معارك شرسة ‘ ليس فقط من أجل انعدام تكافؤ الفرص ..بل كذلك مجابهة التمييز …الصور النمطية والأحكام المسبقة المتجذرة في المجتمع :[ سمرة البشرة ‘ الأصل ، العمر ‘ الوزن ؛الجنس ؛ المظهر ..الإعاقة ] كل هذه الاختلافات يمكن أن تشكل عائقا في مجال العمل ..فوفقا لدراسات قامت بها وزارة العمل التي نشرت في دجنبر 2016 فإن السيرة الذاتية [ المغاربية ] لديها فرص أقل للنجاح من السيرة الذاتية [ الفرنسية ] وهذا ما يعد حقيقة مريرة في بلد [ حقوق الإنسان ] }}
ومما يسترعي الانتباه في هذا الكتاب أن فصوله الثلاثة تتصدرها تجربته الذاتية وسيرته ومسيرته في محاربة العنصرية كمحور أساسي ومهم ..وليلفت الانتباه إلى أخطر المعاملات في المجتمعات الغربية وخاصة فرنسا ألا وهي العنصرية والتمييز بين البشر؛ ثم ينتقل بعد ذلك للحديث عن أبيه ومخاطرته بنفسه للدفاع عن حقوق الإنسان في محاربة النازية خلال الحرب العالمية الثانية… ليعاني ابنه من انعدام هذه الحقوق عندما التحق بفرنسا لاستكمال دراسته …ليختم كتابه بالحديث عن طفولته التي عاشها في وطنه المغرب خاصة في مدينة تطوان ..هذه الحمامة البيضاء والتي ترمز للأمن والسلام والاستقرار..هي التي زرعت وغرست وربت كاتبنا { الزبير الملطي }} على الأخلاق الكريمة والمبادئ النبيلة ..لتتفتح زهورا عطرها المحبة و التسامح والدفاع عن الأقلية وسط مجتمع فاقد للإنسانية.
وقد استرعى انتباهي إيمان الكاتب بقدراته، وثقته في نفسه ، وفي أهدافه المحددة ؛ بالعمل على تحقيقها بكل تفان وإخلاص ، مما وجب اعتبارها تاجا على رأسه ؛ ووساما يفتخر به من خلال فضح وكشف هذه الممارسات اللاإنسانية للرأي العام …وعدم تأثره وخضوعه لها بتصميمه على إصداره لهذا الكتاب والذي يمكن اعتباره وثيقة تاريخية هامة ، أطلعتنا على تخلف بعض المجتمعات الغربية فيما يخص حقوق الإنسان والتناقض الذي تعيش
فيه ؛ والذي يذهب ضحيته المهاجرون إلى دول الشمال .

الاخبار العاجلة