عبد الغني القاسمي
خلال العامين الماضيين كثف صاحبنا من ظهوره في عدد من القنوات مدليا بتحليلاته و مواقفه التي تجاوب معها البعض و تحفظ إزاءها البعض الآخر ، و شوهد وهو يحاضر في بعض المحافل الجامعية و المنتديات الثقافية داخل المغرب و خارجه ، الرجل لفت الأنظار لكونه قدم نفسه كأستاذ بإحدى الجامعات الأمريكية و خبير سابق في النزاعات و التوترات الدولية لدى الأمم المتحدة ، و قدرته في التعبير و جذب المستمع و المشاهد لمتابعته لا جدال فيها ، و في المغرب عادة ما نعجب و نرحب بكل صوت يأتينا من وراء الحدود و قد نتسرع أحيانا في التطبيل و التزمير له ظنا منا أنه مثال في العبقرية و الطاقة الخارقة بل نفخر به إذا كان مغربيا ، و هذا ما حصل مع هذا المثقف الذي اتضح في الأخير أن له مآرب أخرى ، خصوصا بعد أن كشف عن وجهه الحقيقي ، و من عرفوه منذ أن كان تلميذا في ثانوية الأيوبي ثم ثانوية النجد بسلا و ينتمي لأسرة متواضعة الحال يحكون عنه أنه عصاميا و طموحا و لكنه ممن لا يحسبون خطواتهم في هذه العصامية و ذاك الطموح ، و الدليل أنه غاب عن المغرب عدة عقود و ظن عند عودته الآن أنه باستطاعته أن يدرك المنى وسط مجتمع يفتقد الى عبقري مثله ، راوده الحلم في أن يصبح وزيرا أو سفيرا او مسؤولا ساميا او منظرا يفهم في كل شيئ و هذا غير ممكن و بهذه السهولة في بلد تغير و تطور بسرعة مذهلة لكونه يعاني من تخمة في عدد الكفاءات و ذوي الخبرة الذين يتجاوزون مستوى صاحبنا ، مغرب اليوم يختلف عن مغرب الأمس فالجامعات و المعاهد و المدارس العليا قد عمت كل جهات البلاد ، و البحث عن الشهرة و الفرص يعرف منافسة شرسة و يخضع لمعايير متعددة ، و لعل هذا ما دفع المثقف -الذي حسب رأيه – لا يشق له غبار الى تغيير مواقفه و أسلوبه في التعامل مع بعض الأحداث التي عرفها المغرب مؤخرا فأخذ ينعت سياسة الدولة بالهرولة و التهور و المسؤولين بالدقايقية و يمزج عداءه لترامب بتبخيس القرارات السيادية التي اتخذها المغرب لتأمين نفسه من التهديدات الخارجية و اعتراف الادارة الأمريكية بمغربية الصحراء الذي يعتبره لاغيا عند تسلم بايدن للسلطة ، و الخلاصة أن المعني بالأمر لم يجن مكسبا من الشهرة التي جرى من وراها فتحول إلى راضي ليلي آخر و على نفسها جنت براقش كما يقول المثل .