أي عالم.. بعد كورونا!

جسر التواصل19 مايو 2020آخر تحديث :
أي عالم.. بعد كورونا!

روما. محمد الصقلي
19.05.2020

لعل العقل المعاصر مطالب بالضرورة بالتفكير البراغماتي الواقعي في صياغة و ابتكار تصور جديد لعالم ما بعد كورونا.
لكن أي عقل المقصود هنا. ليس العقل السياسي و الشق السلطوي منه بخاصة. و إنما الحاجة تدعو إلى إقصاء
السياسة السياسوية كونها إن لم ترتبط بالراسمال لدى الكبار ارتبطت بالأدلوجة أو بالدين او بالتهافت الجشع إلى تحويل العالم لسوق استهلاكية مهلكة للبيئة و الإنسان. إذ الدول العظمى انصرف همها في وجهتين إما صناعة السلاح و إما صناعة الرفاه.
كثيرون من اعتبروا سقوط جدار برلين نهاية ما بين عهدين.
عهد الانقسام و الإنشطار بين عالمين.
غربي بقيادة أمريكا. و آخر شرقي ممثلا في الصرح السوفياتي و ملحقاته بزعامة روسيا. وهو الصرح الذي كان بمثابة عملاق من خزف ومن ثم تداعت معه تطلعات الشعوب للنعيم الذي بشر به الفكر الماركسي.
جائحة كورونا جاءت لتحصد ما قبلها من منظومة القيم سلوكا و تقاليد و تصرفات و لتجرف معها القوانين الجائرة المجحفة التي سادت لما يفوق نصف قرن.
وأهم تحدي يواجهه العالم اليوم يتمثل في القيام بعملية نقد عميقة كي لا أقول تقويض لهذه المنظومة التي أطاح بها هذا الحدث الكارثي غير المسبوق من حيث وقعه و تداعياته غير المحسومة حتى اليوم.
و بصرف النظر عما إذا كان هذا الفيروس ناتجا عن اختلالات في جينية عناصر الطبيعة و مكونات البيئة و الأضرار المحدقة بها. أو ما إذا تم تخليقه في مختبرات وهل كانت نتائجه متوقعة و قيد الحسبان ام خرجت عن السيطرة.
غير أن العبرة في النازلة مما يتعين استخلاصه أن النظام العالمي انهار
و المهمة الأولية و الملحة أمام الجميع دولا وتكتلات و أنظمة في عالم فقد قيادته و أضاع البوصلة هي ما يستدعي العمل على إقامة قواعد جديدة أكثر قوة و تماسكا و متانة بهدف توفير شروط قيام عالم مابعد كورونا. بدءا بتقويض هياكل مهترئة موروثة عن الحرب الباردة و صراع القطبين و ما تمخض عنه من حروب و نزاعات.
وهذه الهياكل الهلامية ممثلة في المؤسسات الدولية و الأممية البالغة الكلفة دونما مردودية ملموسة وإنما هي لا تعدو وجودا صوريا و لا فاعلية لها على أرضية الواقع.
ميزانيات الدعم التي تنفق على هذه الهيئات إنما هي أموال مندورة للضياع والعالم بأمس الحاجة إليها و يتعين تخصيصها وجوبا لتمويل مشاريع البحث العلمي في شتى فروعه لمواجهة الأخطار التي تتهدد العالم من بينها ضمان الأمن الغذائي وآفة شح المياه و تلوث الأنهار و البحار و تراجع الفرشات الغابوية و تعاظم سموم الأدخنة و معضل التخلص من النفايات.
و بصرف النظر عن تنبآت هنري كيسنجر الذي قال في خريف عمره أن ما يسمى بالوطن العربي سيختفي من الخارطة ولعل مرحلة من هذا المخطط لا زالت قيد الإنجاز مع تعاقب الفصول المدمرة للربيع العربي.
وأيضا ما تم نشره في الفضاء الازرق من كون بيل غيتز ندر ملايير من ماله الخاص بهدف خلق فيروسات قاتلة قصد نشرها في أفريقيا. بما يعني حرب باكتيرولوجيا تكون ضحيتها قارة بأكملها.
و بالنظر في السياق إلى آخر خروج للمفكر الكبير ناعوم تشومسكي و الذي يبدو فيه متشائما غير مستبعد لوشوك حرب نووية.وذلك عبر استقراء أهم مؤشرات الصراع الحالي من تضارب المصالح بين أمريكا التي قادت العالم إلى مهالك. وبين الصين التي تمتلك اضخم ترسانة نووية والتي تحولت في العقدين الأخيرين إلى أخطبوط يمتص جيوب العالم.
في ضوء هذه المعطيات فالوضع الجديد الذي كشف عنه فيروس كوفيد 19 أن مستقبل العالم أصبح رهينا بما سيخلص إليه الصراع بين أمريكا و الصين وهو الصراع الذي ليس كورونا إلا فصله التمهيدي.
و التساؤل المقلق هو ترى أي موقع سيكون لبقية دول العالم بمن فيها بعض أقطار أوروبا. ومن الجهات التي ستبقى بمنجى عن شرور هذا الصراع.
من يا ترى سيدفع الثمن؟ و ما هو الحجم الحقيقي لهذا الثمن؟
اما الخلاصة هل نحن لا قدر الله في الشوط الأول من نهاية الحضارة؟
كما قال يوكوهاما أم هو غرق الحضارة كما في الإصدار الأخير لأمين معلوف.
وما أصدق المثل العامي القائل
/ إذا تعاركو لبغال ف الگلته كيموت الجران/.

الاخبار العاجلة