الرباط – صدر مؤخرا للكاتب محمد لكيحال مؤلف تحت عنوان “نحو ابتكار نظام معلوماتي لتثمين ممتلكات الجماعات الترابية المغربية”.
ويبرز الكاتب في مؤلفه، أن الجماعات الترابية “تتوفر على أرصدة عقارية وممتلكات جد مهمة تشكل أساس مواردها المالية والمحفز الرئيسي للاستثمار المنتج وأساس التنمية الإنتاجية المستدامة والمدرة للدخل والموفرة لفرص الشغل لها”، مسجلا أنه “بالإضافة إلى ذلك، فهي الأرضية التي تبنى عليها السياسات العمومية للدولة والبرامج الترابية في مجال التخطيط الترابي لتقديم الخدمات العمومية المثلى للمواطن الزبون”.

وتابع أن تثمين هاته الممتلكات يبقى رهينا بوجود نظام معلوماتي للممتلكات “ناجع ومساعد للفاعلين الترابيين على اتخاذ القرارات الاستراتيجية”، مشيرا إلى أن “تثمينه يبقى مقرونا بدوره بتجانس ونجاعة وشفافية النظامين المكونين له، وهما نظام تدبير الممتلكات، التي تشمل خصوصا الأرصدة العقارية والممتلكات العامة والخاصة وتجهيزات المرافق العمومية، والنظام المعلوماتي المحاسباتي المرتكز على مبدأ الشفافية في المحاسبة ويمكن من تقديم وضعية الممتلكات الجماعية بطريقة شفافة وصادقة”.
وفي هذا الصدد، أبرز الدكتور محمد لكيحال أنه تم تصنيف النظامين، حسب النظريات والمذاهب العلمية، كنظامين معقدين ومجالين واسعين بسبب حجم الاختصاصات اللامركزية وكثرة الجهات المتدخلة وكذا الطبيعة المعقدة والمتشابكة لهيكلهما.
ويضيف الكاتب أن من بين الإكراهات الأساسية التي تواجه هذين النظامين “كون تدبيرهما وتحليلهما من قبل الفاعلين الترابيين والجامعيين يتم بطريقة منفصلة، غير أن المقاربات التدبيرية العصرية تدبرهما بطريقة مندمجة. كما أن المحاسبة العمومية المرتكزة على مقاربة الممتلكات لا تدرس في الجامعات، مما يعيق إدماج الفاعلين الترابيين في مسلسل التغيير”.
ولهذه الغاية، قام الكاتب، مستندا إلى نظرية التدبير العمومي الترابي الجديد وإطار نظري علمي جديد يعتمد على نموذج لاحتمالية الابتكارات في مجال المحاسبة العمومية المحلية وعلى مبدأ الاتساق ومبدأ قابلية المرفق للتغيير والتطور، بوضع إطار تصوري مندمج لنظام معلوماتي للممتلكات. وهو نموذج علمي وعملي يجمع بين نظام تدبير الممتلكات المرتكز على مبادئ التدبير العمومي الجديد (NPM) ونظام المحاسبة العمومية المحلية المرتكز على معايير المحاسبة الدولية في القطاع العام (IPSAS) .
ويشير الكاتب إلى أنه في غياب نظام معلوماتي محاسباتي خاص بالممتلكات “مندمج وناجع” داخل الجماعات الترابية، يبقى النموذج المحاسباتي الحالي الخاص بالممتلكات غير قادر على تثمين وترجمة البرامج الترابية والخدمات العمومية المحلية بشكل شفاف وصادق إلى العموم. زيادة على ذلك، فإنه يعيق توحيد وتجانس الحسابات العمومية للدولة، وبالتالي يشكل حاجزا لأجهزة الحكامة لتمكينها من ممارسة مهمة المراقبة وتقييم البرامج الترابية بشكل فعال.
وبهدف فهم وتحليل العوامل المساعدة والمعيقة لإحداث نظام معلوماتي محاسباتي فعال ومندمج خاص بالممتلكات الجماعية، اعتمد الدكتور محمد لكيحال في مؤلفه مقاربة علمية جديدة ترتكز على نموذج لاحتمالية الابتكار في المحاسبة العمومية المحلية.
وقد خلص المؤلف إلى نتيجتين رئيسيتين، الأولى تؤكد أن متغيرات ومحددات السياق الخارجي والمتغيرات القانونية المتمثلة في الالتزامات الدولية وآليات الحكامة القانونية خصوصا دستور 2011 والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية تشكل محفزا للجماعات الترابية لابتكار نظام معلوماتي محاسباتي فعال ومتكامل خاص بالممتلكات، في حين تكشف الثانية عن أن العوائق الهيكلية، المرتبطة بطبيعة الجماعات وبروفايلات القادة السياسيين الترابيين، تظل من أبرز المعيقات أمام ابتكار نظام محاسباتي شفاف وناجع يمكن من تثمين ممتلكات الجماعات الترابية.
وفي ختام مؤلفه، يبرز الدكتور محمد لكيحال الخصائص والمحددات التي تتميز بها شركات التنمية المحلية كنموذج تدبيري حديث يتميز بالحياد السياسي والاعتماد على المعايير الدولية لنظام محاسباتي ممتلكاتي، وهو ما من شأنه أن يساعد سصالقادة السياسيين الترابيين على ابتكار أنظمة معلوماتية محاسباتية خاصة بالممتلكات تمكنهم من ترجمة برامجهم بنجاعة وشفافية عبر تثمين الممتلكات الجماعية.
وتمكن هذه المقاربة المحاسباتية الجديدة الجماعات الترابية في بعدها الاستراتيجي من تأهيل حكامتها المالية، سواء من ناحية توسيع وعائها الجبائي أو عقلنة مصرفها، عبر تثمين ونجاعة نظام تدبير الممتلكات، مما سيساعد في بزوغ ثقافة جديدة في إطار المنافسة السياسية والترابية، معززة التنزيل الأمثل لمبادئ الأوراش الترابية الكبرى كالجهوية المتقدمة والميثاق الوطني للاتمركز الإداري وتكريس ريادة الحكامة الذكية التي تميز دبلوماسية الجماعات الترابية للمملكة إفريقيا وتقاسم قيمها في إطار التعاون الدولي اللامركزي.
Views: 8
























