البـام يقدم رؤيته لإعادة الإقلاع السريع الاقتصادي والاجتماعي الوطني بعد الركود الذي تسبب فيه انتشار فيروس كورونا

جسر التواصل10 يونيو 2020آخر تحديث :
البـام يقدم رؤيته لإعادة الإقلاع السريع الاقتصادي والاجتماعي الوطني بعد الركود الذي تسبب فيه انتشار فيروس كورونا

الفهرس

مقدمة 3
I. استراتيجية الخروج من أزمة الاقتصاد الوطني: إجراءات من أجل إعادة إقلاع سريع للاقتصاد الوطني على أسس جيدة 8
II. الإجراءات الأفقية التي تستهدف الحفاظ على الاستقلال الاقتصادي الوطني 12
أ‌. التدابير المتعلقة بالميزانية 12
ب‌. الإجراءات لفائدة الشركات في وضعية صعبة 14
III. الإجراءات الاجتماعية لحفظ كرامة المواطنين 15
أ‌. تقديم تسهيلات مالية 15
ب‌. حماية المستهلكين 16
IV. الإجراءات الموجهة للقطاعات المجددة 16
V. الإجراءات الموجهة للقطاعات الحساسة 17
أ‌-قطاع التربية والتعليم 17
ب‌-قطاع الصحة العمومية 18
ت‌-قطاع السياحة و الصناعة التقليدية 18
ث‌-قطاع العقار 19
ج‌-القطاع الصناعي 20
خاتمة: 21

مقدمة:
يعتبر تدبير أزمة جائحة كوفيد 19، محورا أساسيا في السياسات العمومية الوطنية في المرحلة المقبلة. وإذا كانت هذه الأزمة صحية بالأساس، إلا أن أثرها على صحة المواطنين ليس هو النتيجة الوحيدة، حيث سيكون على المغرب، بعد محاصرة جائحة كورونا، أن يقيم الحصيلة الاقتصادية والاجتماعية المثقلة بأسابيع من ركود الأنشطة الاقتصادية على مستوى العالم، سيؤثر بلا شك على الاقتصاد الوطني المرتبط بالاقتصاد العالمي.
وقد أبانت أولى الدراسات التشخيصية و تحاليل الظرفية التي أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط عن عمق الأثر الاقتصادي السلبي الذي ستخلفه الجائحة الوبائية على قطاعات عدة من الاقتصاد الوطني، بشكل يستوجب علينا بلورة حزمة من الإجراءات و المبادرات ذات الصبغة الاقتصادية و المالية و الضريبية و الاجتماعية لإنقاذ الاقتصاد الوطني وتوفير شروط إعادة الإقلاع.
لذلك سيكون من الواجب القيام بجرد شامل للواقع، حتى نتمكن من اقتراح أفضل السبل لتحقيق تحريك الاقتصاد، وتمكين مواطنينا المتأثرين بنتائج الأزمة من إعادة الإندماج في سوق الشغل وتحريك عجلة الاستهلاك. لا مجال لأي تساهل أو تهاون، لأنه من المهم أن نتحرك كقوة اقتراحية إيجابية متفاعلة دفاعا عن مصالح المواطنين والمقاولات الوطنية، وذلك من منطلق قناعاتنا في حزب الأصالة و المعاصرة ومرجعيتنا الديمقراطية الاجتماعية، التي ما فتئنا ننبه الحكومة، انطلاقا منها، إلى ما تكتسيه مسألة الدفاع عن السيادة الغذائية و الطاقية من أهمية استراتيجية، و إلى ضرورة اعتماد توزيع عادل للثروة الوطنية و تعزيز المساواة بين جهات المملكة، و محاربة الهشاشة و الفقر بسياسات عمومية ناجعة.
في عالم مطبوع بالسرعة والتنافسية الشديدة بين أقطاب المال والاقتصاد العالمي، والصراع الجيوستراتيجي القوي بين الدول، يتعين على الحكومة أن تنتبه لما هو موجود في واقعنا الوطني من هشاشة مختلفة الأوجه، ومن الضروري اعتماد الاستباقية والتصدي للتحديات الجديدة. و من الأهمية بمكان أن تنطلق الحكومة من اعتبار عنصر تجديد الثقة بين مختلف الفاعلين، كمدخل أساسي لبناء استراتيجية الخروج من الأزمة، وفق رؤية شمولية تتناول الاقتصاد الوطني كوحدة مترابطة بعيدا عن أي مقاربات قطاعية.
لذلك، نرى أن على حكومتنا أن تيسر استمرار الدولة في لعب أدوارها بفعالية باعتبارها مُحركة وضامنة للمصلحة العامة، عبر قدرات تفاوضية حقيقية، وصرامة فيما يخص احترام الأولويات الوطنية، لإنتاج أفضل الإستراتيجيات و البرامج لتحريك الاقتصاد الوطني.
على الحكومة أن تركز على سياسات وإجراءات تمزج بين تشجيع الاستهلاك الموجه لكل ما هو “منتوج بالمغرب” في كل القطاعات، وبين تشجيع الصناعة الوطنية والاستهلاك المحلي. بذلك، ستتمكن بلادنا من تجاوز الأزمة الاقتصادية التي تسببت فيها جائحة فيروس كورونا، وتعزيز الإندماج في اقتصاد العالم لما بعد كورونا، من خلال مراجعة شاملة بعيدة عن المقاربات الدغمائية والمعيارية السابقة على هذه المرحلة الاستثنائية.

يتوفر المغرب اليوم، على مقومات القوة الاقتصادية التي يمكنها أن تعيننا على التحرر الاقتصادي وتمكين بلدنا من أن يصبح قطبا اقتصاديا وصناعيا هاما، يستفيد من موقعه الجيوستراتيجي وتجربته المتراكمة خلال العشرين سنة الماضية، لجلب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتشجيع تحويل صناعات مهمة من شرق آسيا إلى المغرب لتكون أقرب إلى السوق الأوروبية، خصوصا الصناعات الدوائية التي برزت أهميتها خلال الأزمة.
لذلك يتعين تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، وتقوية الموقف التفاوضي تجاه شركائنا، وتكثيف قدرتنا على اختراق أسواق جديدة، وتنزيل محاور استراتيجيات تفاعلية مع شركائنا ومنافسينا وخصومنا. و أن نواجه قدرنا بوضوح : إما استباق الآثار النفسية والوقع الاقتصادي للأزمة، وجعلها محركا للنمو ورافعة للاقتصاد؛ أو اعتماد سياسة انتظارية ستسيء لنا على المدى القصير وستربك اقتصادنا الوطني على المدى البعيد.
لهذا الغرض نحتاج إلى مقاربة شمولية لا تهون من أي معطى اقتصادي، وإلى رؤية متكاملة لتحريك الاقتصاد الوطني والتنفيس عن المالية العمومية المنهكة بأثر ثلاثة أشهر من الأزمة.
سياساتنا العمومية يجب أن تكون في قلب دينامية إعادة الانطلاق، لاسترجاع الثقة في عجلة الاقتصاد التي توقفت فجأة من أثر الجائحة، عبر تفعيل وظيفة الدولة الأساسية كحكم مواكب، من خلال سياسات عمومية وبرامج اقتصادية واضحة.
على هذا الأساس، من المهم طرح السؤال حول استراتيجية النمو على المدى المتوسط والطويل، التي تفرض أن تكون التنمية الاقتصادية الوطنية لما بعد كوفيد 19، مدمجة ومتناسقة، وقادرة على تجاوز المعيقات دون إخلال بالتوازنات الاقتصادية والمالية والاجتماعية.

في هذا الإطار، وضعنا مقترحاتنا بناء على مبادئ أساسية:
المبدأ الأول وهو أن السياسة الاقتصادية يجب أن تكون وحدة متكاملة. وعليه، لا يجب التعاطي التجزيئي والقطاعي مع الأزمة، بل يتعين حل مشكل أزمة النسيج الاقتصادي الوطني من خلال التعاطي بشكل شمولي و عدم تجاهل الارتباط و التكامل الموجود، في الزمن و المجال، بين إجراءات السياسة الاقتصادية وتشابك تفاصيلها.
المبدأ الثاني، الذي هو مبدأ التجانس في تنزيل السياسات الاقتصادية، تم الابتعاد عنه في مناسبات عديدة. ويبقى احترام هذا المبدأ في الاستراتيجيات العمومية هو الكفيل بأن نمكن الدولة من بلورة وفرض اختيارات قابلة للتنفيذ بشكل لا يخلق تصادم بين استراتيجيات قطاعية أو بين مراكز قرار، بل يسهل التكامل الإيجابي.
هذا المبدأ هو أيضا ما سيمكن من تنزيل إجراءات وعمليات تخلق القيمة المضافة والإلتقائية بين السياسات في كل التراب الوطني، وتيسر التأقلم الجيد مع رؤية الاستراتيجية العمومية بالنسبة لكل الفاعلين والمتدخلين.
المبدأ الثالث، و هو مبدأ العقلانية، بمعناها المرتبط بالفعالية الاقتصادية. وهنا لا بد من التنبيه إلى أن وضع السياسات لم يكن دائما يستحضر التعاطي مع المشاكل المطروحة و واجب الحسم بين اختيارات متعددة بناء على هاجس “الفعالية الاقتصادية”، إما لاعتبارات سياسية أو تحت ضغط لوبيات معينة، مما ضيع فرصا عديدة لتحقيق القيمة المضافة الممكنة.
بدون شك إن اعتماد رؤية ضيقة تستند إلى اعتبار حسابات وإكراهات مرتبطة بالظرفية قد يؤدي إلى السير في سبل بعيدة عن الأهداف الرئيسية المتمثلة في خدمة الصالح العام بناء على تفويض سياسي واضح. وبالتالي، يتعين اعتماد أوجه استراتيجي يخدم الالتزامات الوطنية أكثر من التزامه بالمعايير الدولية. ففي نهاية المطاف، بمؤشر حسابات التكلفة والعائدات، يبقى من الأفيد إيلاء العناية الالتزامات الوطنية لما يحققه ذلك من مكاسب تعزز السيادة الوطنية وتحقق الاستجابة لانتظارات المواطنين.

لذلك يتعين عدم الإرتكان لتوجيهات المؤسسات المالية الدولية، كما لا يجب تطبيق نماذج مستوردة من الحلول والبرامج، دون مراعاة الواقع الوطني وإكراهاته، بما فيها المكونات الهيكلية الاقتصادية و المالية و الثقافية و السياسية الوطنية، و ذلك لتجنب الدخول في حلقة مفرغة تمنع تحقيق أهداف الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي المرجوة.
ويبقى الخيار الأنجع هو تجديد الأولويات ووسائل التدخل العمومية، وتحديد دقيق للأهداف وفق أولويات أساسية تحتاجها بلادنا لاسترداد نسبة نمو الاقتصاد الوطني تمكن السلطات العمومية من إعداد سياسات اقتصادية بديلة ومواكبة الفاعلين لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
ويتعين التفكير، أيضا، في الأجيال القادمة وفي احتياجات الشباب، و هم أكبر نسبة في الهرم السكاني خلال العشرين سنة المقبلة، عندما نقوم باختيارات اقتصادية و نضع سياسات عمومية ترهن المستقبل. لا يهم أن نحل المشاكل الحالية الضاغطة ونعيق التقدم المنشود لبلادنا في المستقبل. وهذا معطى أساسي للأسف لا يأخذ دائما الحيز المطلوب من العناية لدى أصحاب القرار الحكومي.
وعلى العموم يتعين أن تتحرر الحكومة من المقاربة القصيرة المدى في تدبير شؤون الاقتصاد الوطني، وأن تستند في تحركها إلى تفكير استراتيجي عميق يحدد أركان الإقلاع الاقتصادي، والقطاعات الواعدة التي علينا تعزيز سيادتنا فيها، ويضمن التكامل في الأثر والالتقائية في الأهداف وفي الوقع الميداني.

I. استراتيجية الخروج من أزمة الاقتصاد الوطني: إجراءات من أجل إعادة إقلاع سريع للاقتصاد الوطني على أسس جيدة
أظهرت أزمة جائحة كورونا هشاشة الاقتصاد الوطني ومحدودية بعض الاختيارات الاستراتيجية السابقة. وبالتالي، يجب أن تتأسس استراتيجية إعادة إقلاع الاقتصاد الوطني على رؤية شمولية، تمنح مختلف الفاعلين الاقتصاديين الوطنيين أجوبة واضحة و مباشرة، ليتضح أمامهم الأفق في ظل وضعية أزمة استثنائية تميزت بخرجات غير متناسقة لمسؤولين حكوميين.
الاختيارات المقترحة ترمي إلى الحد من إفلاس المقاولات، والحفاظ على مناصب الشغل، وإعادة الإقلاع السريع للآلة الإنتاجية فور رفع الحجر الصحي، وكهدف محوري تقليص التكلفة الاجتماعية على السكان في وضعية هشاشة. والمطلوب هو أن لا يؤثر الخروج من الأزمة على سيادة بلادنا المالية و الصناعية و الغذائية.
البرنامج الذي نقترحه لإعادة الإقلاع الاقتصادي يتضمن بشكل خاص إجراءات ضرورية على المدى القصير، نبتغي من خلالها المساهمة في مجهودات الخروج السريع من تداعيات الأزمة التي خلفتها الجائحة الوبائية. أما باقي الإجراءات ذات البعد الزمني المتوسط و البعيد، فسندرجها في وثيقة أخرى و نقدمها في سياق آخر، بعد استكمال التفكير، برصانة وعمق في خلاصات تشخيص أثر كل مخلفات الأزمة.
لذلك على القانون المالي التعديلي، الذي أصبح ضرورة قصوى، أن يشمل ليس فقط التوقعات المعدلة للمداخيل الجبائية، والمصاريف التي يجب مراجعتها لتأخذ بعين الاعتبار المساعدات التي ستوجه للمحافظة على القدرة الشرائية ودعم المقاولات، ولكن أيضا تأخذ بعين الاعتبار التوفير المحقق في الميزانية بخصوص الفاتورة الطاقية بعد انخفاض الأثمنة في سوق النفط العالمي مقارنة مع توقعات القانون المالي لسنة 2020.
القانون المالي التعديلي ضروري لأن ميزانية الدولة ستتأثر بفعل نقص المداخيل المتوقعة، وبفعل تدهور الحسابات الخارجية من أثر تراجع الصادرات والطلب الخارجي للمنتجات الوطنية، وتراجع مساهمات مغاربة العالم، وتراجع العائدات من السياحة، و كذا الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
لذلك يجب أن يكون القانون المالي التعديلي مناسبة لتعزيز المجهود الاستثماري للدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية فيما يخص البنيات والتجهيزات الاجتماعية، وكذا شراءات المنتجات والخدمات الضرورية. ويجب تخصيص كل هذه الشراءات للشركات والمقاولات الوطنية، تفعيلا لمبدأ الأفضلية الوطنية.
كما يجب من خلال القانون المالي التعديلي الحفاظ على الحد الأدنى الضروري من العملة الصعبة لتغطية مصاريف الواردات الأساسية لبلادنا. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن قرار الحكومة الاستفادة من خط السيولة الذي منحه لبلادنا صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، يجعلنا في مأمن في المدى القصير. كما أن الإذن بتجاوز سقف الاقتراض الذي منحه البرلمان للحكومة سيعزز القدرة على اللجوء للاقتراض الخارجي عند الاقتضاء لدعم إعادة انطلاق الاقتصاد الوطني. ومن الضروري تنبيه الحكومة إلى واجب الحرص على عدم الإقدام على أي اقتراض بشروط قد تفقد بلادنا السيادة المالية وتضعها تحت مطرقة المؤسسات المالية الدولية.
وعلى الحكومة أن تعيد، قبل اللجوء إلى الاقتراض، تقييم النفقات العمومية وتوقف كل صرف غير ضروري وتبذيري للإدارة العمومية والجماعات الترابية. كما يجب منع كل شراء واستيراد لمواد غير ضرورية من شأنه إنهاك رصيد العملة الصعبة والتأثير سلبا على السوق الداخلي.
بالإضافة إلى ذلك سيكون القانون المالي التعديلي أساسا لبناء قانون مالي لسنة 2021 يكون أكثر جرأة وطموحا، وفق رؤية واضحة تستند إلى كامل الدروس المستخلصة من أزمة كوفيد 19. وفي هذا الإطار يتعين تخصيص الموارد اللازمة لوضع إطار للإدماج الاجتماعي ولمساعدة السكان في وضعية هشاشة. ويبقى إخراج السجل الاجتماعي الموحد والوكالة الوطنية للسجلات، وتأهيل ميكانيزمات المساعدة الاجتماعية للمعوزين و المعاقين، أصبحت أمرا مستعجلا وضروريا، بالنظر إلى واقع الهشاشة المتعددة التجليات التي أفرزتها أزمة كوفيد 19، والتي تشمل مئات الآلاف من المواطنين.
وبصفة عامة، أصبح ضروريا القيام، مباشرة بعد الخروج من أزمة الجائحة الوبائية، بمراجعة شاملة لمنظومة الحماية الاجتماعية ببلادنا، والسجل الاجتماعي الموحد هو الوسيلة الأمثل لتحسين الاستهداف وتمكين بلادنا من توزيع عادل ومضبوط للإعانات العمومية على مستحقيها وفق ضوابط واضحة، بعد القيام بإصلاح حقيقي لصندوق المقاصة.
ومن بين ما أظهرته، أيضا، أزمة كورونا هو حجم القطاع غير المهيكل ببلادنا والذي يشكل مصدر رزق لقرابة 5 ملايين أسرة، أي أكثر من 15 مليون شخص. وقد تبين أن السلطات العمومية لا تتوفر على معرفة حقيقية دقيقة حول هذا القطاع.
في نفس السياق، يبقى إنعاش الاستثمار وتسهيل الإجراءات ورفع كل العوائق في وجه المبادرة الحرة وخلق المقاولات، من الأمور الأساسية التي يمر عبرها مجهود إعادة إقلاع الاقتصاد الوطني وخلق الأساس الصلب لتوفير فرص حقيقية لتشغيل الشباب وتوسيع المداخيل الجبائية عبر إدماج القطاع غير المهيكل.
إن الخروج من الأزمة يمر أيضا عبر الحفاظ على مناصب الشغل وتنمية الصناعات الوطنية البديلة عن الصادرات. لذلك على الحكومة أن تبادر إلى تفعيل الإجراءات الحمائية المنصوص عليها في الاتفاقيات مع منظمة التجارة العالمية ومع الدول التي تجمعنا معها اتفاقيات التجارة الحرة.
لقد حان الوقت لإنعاش الإنتاج الداخلي وتشجيع استهلاك “المنتوج المغربي”، وعلى الحكومة أن تشجع الإدارات والمؤسسات العمومية، والجماعات الترابية، لإعطاء الأولوية للمنتجات الوطنية، وتعزيز الاستقلالية و السيادة الوطنية بمفهومها الشامل. ولعل القطاع الفلاحي من أبرز القطاعات التي على السلطات العمومية أن تجسد من خلاله إرادة تحقيق السيادة الغذائية كاملة. علينا أن نحافظ لبلدنا على مستوى من الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية الأساسية (الحبوب / القطاني / زيت المائدة / الشاي والسكر). وعلينا فقط أن نعتبر المستوى المتدني للمحصول الزراعي لهذه السنة والذي سيكون كارثيا بفعل الجفاف، وهو الأدنى خلال العشرين سنة الماضية بفعل عوامل التغيرات المناخية التي أثرت على المحصول سنة بعد سنة. ومن نتائج ذلك ضرورة اللجوء لاستيراد المواد الغذائية الأساسية، الشيء الذي سيؤثر على الميزان التجاري، ويستلزم المبادرة واتخاذ ما يتعين من خطوات استباقية منطقية، و التفاوض الجيد بشأن كميات المواد الغذائية الأساسية المراد شراءها قبل أن تعرف الأثمان ارتفاعا كبيرا منتظرا في المرحلة المقبلة.
وإذا كان هاجسنا في المرحلة الحالية هو الحسم في الخطوات المستعجلة للنهوض بالاقتصاد الوطني وتسهيل إقلاع الدورة الإنتاجية، إلا أن مسألة السيادة الغذائية تبقى محورية في أي تفكير استراتيجي مهيكل للاختيارات التنموية الوطنية. لذلك، يتعين استحضارها في النموذج التنموي الجديد والعودة إلى سن سياسات عمومية في المجال الفلاحي ترتكز على مفهوم السيادة الوطنية في مجال التغذية، و ليس فقط التفكير بمنطق الجدوى المحاسباتية و المالية، والارتكان إلى اختيارات ومُخططات قد تبدو جيدة في ظاهرها، لكن التجربة و النتائج المسجلة أثبتت أنها “مخططات” ترهننا إلى المجهول و تُعمق الهشاشة الفلاحية بالمفهوم الاستراتيجي.
إن الإجراءات التالية تستهدف الخروج السريع من الأزمة من خلال سلسلة من الاقتراحات التي تجيب عن الوضعية الصعبة التي تجتازها بلادنا. وتهدف هذه الإجراءات إلى تحقيق هدفين رئيسيين:
– الحفاظ على السيادة الوطنية وصون كرامة المواطنين.
– تعزيز تموقع المغرب ليستفيد من الفرص التي تتيحها، رغم كل شيء، أزمة كوفيد 19 عبر العالم.


II. الإجراءات الأفقية التي تستهدف الحفاظ على الاستقلال الاقتصادي الوطني

كما أن لجائحة كوفيد 19 أثارا وخيمة على الاقتصاد العالمي فإن لها أيضا آثارا قوية على الاقتصاد المغربي، ستؤدي إلى تعميق هشاشة فئات اجتماعية متعددة، وأساسا الفئات الأكثر فقرا. ومن المؤكد أن كل القطاعات الاقتصادية ستتأثر من الأزمة، الشيء الذي يحتم اتخاذ سلسلة من الإجراءات الأفقية الكفيلة بالحد من الأثر الاجتماعي والاقتصادي والنفسي للازمة. ذلك ليس ممكنا سوى من خلال الحفاظ على المقاولات وتكثيف الدعم للساكنة الفقيرة في المجالات الحضرية والقروية.
وسنعرض أيضا سلسلة من الاقتراحات القطاعية التكميلية ذات الوقت السريع على إقلاع الاقتصاد الوطني.
أ‌. التدابير المتعلقة بالميزانية:
– على الحكومة أن تقوم بتشخيص النفقات العمومية وعدم الاحتفاظ إلا بنفقات التسيير الضرورية.
– لا يجب تقليص ميزانية الاستثمار لما لها من أهمية و من عائدات اقتصادية و مالية، وأثر في تنشيط الاقتصاد بشكل عام.
– ضرورة إخضاع الاستثمارات لمعايير الاقتصاد، والفعالية، والنجاعة. ويتعين التركيز على مؤشر العائد من وراء كل استثمار في دراسات الجدوى الخاصة بكل مشروع، بغرض اختيار أفضل الاستثمارات وحسن تدبير الموارد القليلة نسبيا في زمن الأزمة.
– إذا اضطرت الحكومة إلى الاقتراض لتغطية العجز الحاصل في المداخيل، عليها أن لا تبتعد كثيرا عن الصرامة المطلوبة في تدبير الميزانية و المالية العمومية. لذلك نطلب من الحكومة تقليص ميزانية التسيير إلى الحد الممكن، و منع أي اقتراض لتمويل نفقات التسيير.
– تقليص أو إلغاء المنح، و المنح الاستثنائية، لكبار موظفي الإدارة و المؤسسات العمومية، من أجل تقليص كلفة الأجور.
– إلغاء معاشات البرلمانيين و الوزراء، الذي ظل مطلبا ملحا للشعب المغربي الذي يعتبره جزءا من تحقيق الحياة العامة.
– تقليص الاستيراد غير الضروري، و الاقتصار على استيراد المواد الخام و المواد الموجهة للتحويل في المصانع المغربية.
– تسهيل استفادة الشركات الصغرى و المتوسطة من الصفقات العمومية، و تعزيز مشاركة المقاولات الوطنية في الصفقات والمناقصات الدولية.
– برمجة إعفاء ضريبي (الضرائب المباشرة، وغير المباشرة والضرائب المحلية) على السنوات المستحقة، على أساس احتساب مساهمة إبرائية.
– تحديد الضريبة على الشركات بالنسبة للشركات الصغرى في نسبة 5%، مع الإعفاء من الضريبة المهنية و الزيادة في المساهمة الاجتماعية للتضامن بتحديد سقف الأرباح المعفية من هذه الضريبة نسبتها محددة في 2,5% في 10.000.000 درهم عوض 39.999.999 درهم .
– إقرار مساهمة اجتماعية، بصفة استثنائية فيما تبقى من أشهر سنة 2020 و كذا سنة 2021، تحدد في نسبة 2.5 % من الأجور بالقطاع العام و القطاع الخاص التي تتعدى 40.000 درهم (مع احتساب الأجر إضافة إلى المنح و العلاوات. (
– رفع نسبة الضريبة على الأرباح بالنسبة لشركات الاتصالات وشركات المحروقات، لتصبح 37% كما هو الحال بالنسبة لبنك المغرب والأبناك ومؤسسات القروض.
ب‌. الإجراءات لفائدة الشركات في وضعية صعبة
– على الحكومة أن ترفع القدرات المالية للصندوق المركزي للضمان قصد تمكينه من القيام بمهامه بأريحية وتوسيع مجالات تدخله.
– إلغاء الفوائد على القروض بالنسبة للمقاولات المتوسطة التي توجد في وضعية مالية هشة.
– السماح بوقف تسديد مستحقات القروض البنكية و قروض الإيجار مع وعد بالبيع المستحقة شهريا، إلى نهاية شهر شتنبر 2020 دون احتساب فوائد إضافية لهذا الغرض.
– وضع إطار جهوي مشترك للتشاور، والتتبع والحكامة، بين الدولة و الجهات و الكونفدرالية العامة للمقاولات المغربية، والفيدراليات القطاعية الجهوية، من أجل تتبع و مواكبة تنزيل جهود الدولة من أجل دعم الاقتصاد و المقاولات بحسب كل جهة.
– إعطاء الأولوية للمقاولات المنتمية لكل جهة فيما يخص طلبات العروض المقدمة من طرف مجالس الجهة المعنية، متى توفرت مقاولات تنشط في المجالات المستهدفة.
– إلغاء النفقات الاجتماعية الخاصة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إلى حدود نهاية شهر دجنبر 2020، مقابل التزام المقاولات الراغبة في الاستفادة من هذا الإجراء بعدم تسريح أي من مستخدميها خلال 18 شهرا المقبلة.
– رفع كل الجزاءات والفوائد عن التأخير بالنسبة للشركات الراغبة في تسوية وضعيتها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
– تمكين الشركات الراغبة في تسوية وضعيات عمالها غير المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، من فعل ذلك مع إعفاءها من أي جزاءات، و إعمال أقدمية لسنتين كحد أقصى لفائدة المستخدمين و الأجراء .
– السماح بصفة استثنائية خاصة بسنتي 2020 و2021، وفي إطار توافقي مع العمال وممثليهم الاجتماعيين والسلطات العمومية المختصة، بأن تتفاوض الشركات بشأن تقليص مدة العمل خلال 6 أشهر، ويتم احتساب الأجر على أساس مدة العمل الفعلية، دون أن تقل الأجرة عن نسبة 50% من الأجر العادي.
– تشجيع المقاولات المتوقفة، أو المهددة بالتوقف، على وضع برنامج لاستمرار النشاط بشكل عادي، والتوقيع على التزام بذلك مع الدولة مقابل مساعدات على شكل مساهمات في رأسمال الشركات، أو اقتناء أسهم تفضيلية بدون حق التصويت في الجموع العامة، يمكن تحويلها إلى أسهم عادية في حالة استثمارات مباشرة خارجية استراتيجية (من خلال صندوق الإيداع والتدبير، مثلا). ويمكن للدولة أن تنسحب من رأسمال تلك الشركات بعد تعافي حالتها.
– خلق صندوق استثماري للأشخاص الذاتين من مغاربة العالم بشروط تفضيلية ونسب عائدات مشمولة بضمانات الدولة من أجل تشجيعهم على الاستثمار في بلدهم في هذه الفترة الصعبة.
– تشكيل خلية مشتركة لتدبير وتسهيل التفاوض وتحقيق تسويات حبية للمنازعات والتجاوزات المتعلقة بمصالح الجمارك والضرائب غير المباشرة، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الإدارة العامة للضرائب، ومكتب الصرف، من أجل تعزيز ما هو مقرر في القانون المالي لسنة 2020، بالنسبة للأشخاص غير المشمولين.
III. الإجراءات الاجتماعية لحفظ كرامة المواطنين
أ‌. تقديم تسهيلات مالية:
– إقرار دخل كحد أدنى للكرامة للأسر الفقيرة )في حدود 50 % من الحد الأدنى للأجور( أساسا بالعالم القروي، يمول عبر صندوق المقاصة التي يجب إلغاءها.
– حل معضلة القطاع غير المهيكل و توفير الحد الأدنى من التغطية الاجتماعية لكل المشتغلين في هذا القطاع.
– مراجعة منظومة الضرائب من أجل تخفيف الأثر على المواطنين، وتشجيع إدماج القطاع غير المهيكل، وتقليص دائرة التهرب الضريبي والغش.
– إلغاء الفوائد على القروض المستحقة عن أقساط ستة أشهر لفائدة أصحاب الدخل الضعيف، بغرض تخفيف الضغط الاجتماعي.
– تمديد تأجيل تسديد مستحقات الأقساط الشهرية للقروض إلى غاية شهر شتنبر، دون احتساب فوائد إضافية لهذا الغرض.
– وضع تأمين عن فقدان الشغل.
– تمديد الدعم المالي للأشخاص الذين فقدوا عملهم في القطاع المهيكل والقطاع غير المهيكل، وذلك لأشهر يوليوز وغشت وشتنبر 2020.
– تعزيز التوجه العمومي لوضع آليات محاسباتية و مالية تحفيزية، تدعم استراتيجيات تكوين المستخدمين في القطاع الخاص، قصد الرفع من المردودية المهنية و الحفاظ على قدراتهم المعرفية و التقنية وتسهيل التنقل من قطاع إلى قطاع، في حالة فقدان الشغل. هذا الاستثمار في الرأسمال البشري أهم و أفيد من أية تحفيزات للحفاظ على مناصب الشغل، حيث لا شيئ يحافظ على حظوظ التشغيل بشكل هيكلي أكثر من القدرات و المهارات المكتسبة و التي تقوي القابلية للتشغيل.
ب‌. حماية المستهلكين:
– تقوية آليات مراقبة الأثمنة ومحاربة الغش في المواد الاستهلاكية الأساسية، وضمان تزويد الأسواق بصفة عادية، لمنع أي تجاوزات أو اختلالات.
– حماية الفلاحة الوطنية وتنظيم مدارات للتوزيع وزجر التهريب الغذائي.
IV. الإجراءات الموجهة للقطاعات المجددة
– تسريع رقمنة الإدارة العمومية.
– دعم التحول الرقمي للقطاعات الإنتاجية الوطنية، من خلال توفير دعم لبرامج قطاعية تستهدف تمويل التكوين وتأهيل الرأسمال البشري، وتأهيل التجهيزات وملائمتها لمتطلبات الرقمنة على مستوى المقاولات.
– تنظيم حملات تحسيسية للمواطنين بخصوص أهمية الخدمات الرقمية و مميزاتها.
– تنمية التجارة الإلكترونية.
– مواكبة التحول الطاقي.
– تشجيع الاقتصاد الدائري.
V. الإجراءات الموجهة للقطاعات الحساسة:
أ‌- قطاع التربية والتعليم:
بالنسبة لحزبنا يبقى المأمول هو أن تتوفر الإرادة السياسية الصادقة و القوية لدى كل الفاعلين، ونتجاوز إلى غير رجعة ما كان يطبع مواقف البعض من تطوير المسألة التعليمية ببلادنا، لنتمكن من وضع أسس منظومة تربوية و تعليمية جديدية و عصرية، تكون بعيدة عن المقاربات السياسوية، و تؤسس لنهضة وطنية من خلال نشر العلم و المعرفة كآلية لتحقيق الترقي الاجتماعي و التنموي المنشود. و بالنظر إلى ما يستلزمه ذلك من وقـت، وأمام الإكراهات الآنية للأزمة الحالية و ما خلفته من أثر على هذا القطاع، نقترح الإجراءات الاستعجالية التالية:
– الاستفادة من تجربة التعليم عن بُعد، وإدراجها ضمن المنظومة التربوية العادية كآلية إضافية للدعم التربوي للأطفال.
– توفير الدعم لأبناء الأسر الفقيرة حتى يتمكنوا من تملك الحد الأدنى من التجهيزات الضرورية كي لا يتعرضوا لتهميش مضاعف يمنعهم من الاستفادة من التعليم عن بُعد.
– الاستثمار في تكوين الشباب حملة الشواهد الخريجين في تقنيات الرقمنة والتكوين عن بُعد من خلال تقنيات التواصل الرقمي الجديدة.
– وضع ميكانيزمات مالية وضريبية تحفيزية لدعم البحث العلمي و التطوير بشراكة مع القطاع الخاص و الجامعات المغربية.

ب‌- قطاع الصحة العمومية :
– رصد الموارد المالية والبشرية الضرورية للقطاع، مع رد الاعتبار لمهنيي القطاع.
– تقليص فوري بنسبة 30 % للعجز الحاصل في التأطير الصحي بمختلف التخصصات والمهن الطبية بمختلف المستشفيات والمراكز الصحية ببلادنا (أطباء / ممرضين / تقنيي المختبرات).
– القيام، قبل نهاية سنة 2020، بعملية تنقية شاملة للوائح الحاصلين على بطاقة نظام المساعدة الصحية بغرض تنقيتها من غير المستحقين لهذه الخدمة.
– وضع نظام افتحاص النفقات والمصاريف الصحية للأشخاص المستفيدين من التأمين الإجباري على المرض والأشخاص المستفيدين من نظام المساعدة الصحية، لوقف التجاوزات والاختلالات في احتساب الخدمات المقدمة.
– تقوية قدرات كليات الطب و الصيدلة و المهن المرتبطة بقطاع الصحة، حتى تتمكن من تكوين أعداد أكبر من الطلبة لتتوفر بلادنا على الأعداد اللازمة لنصل إلى المستويات المطلوبة و المعايير الدولية.
ت‌- قطاع السياحة و الصناعة التقليدية :
– ضرورة قيام الحكومة بتوضيح ما في الأفق (تاريخ فتح الحدود / تاريخ بداية السماح بعودة السياح) حتى يتمكن الفاعلون في القطاع من استشراف المستقبل وبدأ الاستعداد لعودة مرتقبة للنشاط السياحي في حدود الإمكانيات التي يتيحها رفع الحجر الصحي.
– وضع لجنة للتتبع واليقظة تشتمل على القطاعات الحكومية المعنية، مجالس الجهة، مهنيو القطاع، الشركاء الاجتماعيين، الأبناك ومؤسسات القروض والتمويل.
– وضع إستراتيجية تمكن منظومة قطاع السياحة والصناعة التقليدية من التأقلم مع المعطيات الجديدة التي تفرضها أزمة كوفيد 19 وخاصة المتعلقة بالإجراءات اللازمة للوقاية الصحية، والاستدامة البيئية والإدماج الاجتماعي والتحول الرقمي من أجل تأهيل القطاع وإعادة إطلاق الدينامية الاقتصادية فيه.
– إعفاء كل شركات القطاع السياحي التي تلتزم بالمحافظة على 60% من مستخدميها خلال 2020 و 2021، من التحملات الاجتماعية والضريبية (الضريبة على الدخل / اشتراكات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي) إلى غاية نهاية سنة 2020، و تخفيض نفس التحملات بنسبة 50% خلال سنة 2021.
– تشجيع السياحة الوطنية والسياحة في الجهات، و تقديم عروض سياحية خاصة بمغاربة العالم من خلال حملات تسويقية يجب أن تنطلق من الآن.
– تنمية وتطوير شراكات مع فاعلين دوليين في المجال و وضع مخططات تسويق مشترك (شركات سياحية كبرى/ خطوط جوية) من أجل حماية و تنمية رحلات جوية تربط بين أهم الأسواق العالمية للسياح و مختلف الجهات بالمغرب.
– إطلاق حملات تسويقية وإشهارية لتشجيع المغاربة على قضاء عطلتهم بالمغرب، وإعداد منتوجات خاصة لفائدة مستخدمي الشركات الخاصة والقطاع العام، أو خدمة قروض بنكية استهلاكية سنوية بدون فائدة موجهة للسياحة، على أن تتحمل الدول تسديد فوائد القروض. وتحول القروض مباشرة للمؤسسات السياحية الفندقية على أساس قاعدة أثمان محددة منعا لكل التجاوزات في الأثمان.
– اتخاذ تدابير تحفيزية لتشجيع قطاع الصناعة التقليدية وتوفير الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية للعاملين فيه.
– إطلاق حملات تسويقية وإشهارية لإبراز تنوع منتوجات الصناعة التقليدية الوطنية وتشجيع المغاربة على الإقبال عليها، و الترويج لمبدأ التجارة التضامنية التي يحقق فيها فعل الشراء أبعادا اجتماعية متعددة.
ث‌- قطاع العقار:
– تشجيع الطلب على السكن الاجتماعي والسكن المتوسط من خلال تسهيل القروض وتخفيف نسب الفائدة كي لا تتجاوز 3.5 % و رفع نسبة تغطية الشراء عبر القرض إلى 100%؛ مع الإعفاء من مصاريف التسجيل و التحفيظ.
– تسريع تسوية مبالغ الضريبة على القيمة المضافة المتأخرة.
– يجب الحرص على أن تتم هذه الإجراءات في إطار التزام المنعشين العقاريين بتخفيض مهم للأثمنة من أجل تشجيع الطلب على الشقق.
– تحريك أدوار اللجان الجهوية المكلفة بالنظر في موضوع الاستثناءات في مجال التعمير والعقار، قصد حل بعض الإشكالات المسكرية التي تعيق عدد من الاستثمارات في هذا المجال. مع تنبيهنا إلى ضرورة الحرص على احترام القوانين الرئيسية ذات الصلة، و منع أي تجاوز للمعايير البيئية أو الاعتداء على المجال أو على الثراث العمراني الأصيل.
ج‌- القطاع الصناعي:
– خلق صندوق التنمية الصناعية تكون مهمته مواكبة المقاولات الصناعية لاسترجاع إيقاعها الإنتاجي لما قبل الأزمة، وتطوير التكنولوجيا المعتمدة، وتشجيع الإدماج القطاعي ورفع التنافسية هذا، الصندوق يجب أن يستهدف في المقام الأول الصناعات الوطنية التي بإمكانها أن تساعد بسرعة في تحقيق إدماج قطاعي قوي، وكذا الصناعات الموجهة للاستهلاك الداخلي والتي تعطي قيمة مضافة للعرض الوطني و تقلص الحاجة إلى الاستيراد، بما سيخفف الضغط على الميزان التجاري لصالح بلادنا.
– الاستثمار مباشرة أو عبر تحفيزات للقطاع الخاص الوطني، خاصة في المجالات الاستراتيجية كالتغذية (الفلاحة / الصيد البحري والصناعات الغذائية)، والصحة (التجهيزات والمنتوجات الصيدلية والطبية)، والنسيج والألبسة.
– إحداث أقطاب تنافسية في قطاعات واعدة تعتمد تكنولوجيا متطورة واستراتيجية للبحث والتطوير، كمجال الرقمنة والمعلوميات والنانوتكنولوجيا، والذكاء الصناعي، والإقتصاد الأخضر والدائري، و الإقتصاد الأزرق …

خاتمة:
يحق لنا أن نبتهج للوجه الحضاري الراقي الذي أظهرته بلادنا، قيادة و شعبا، من خلال التحلي بالشجاعة في مواجهة قساوة الجائحة، واعتماد الاستباقية في التدبير، وإعطاء الأولوية للجانب الصحي و لسلامة المواطنين، والافتخار بالمجهودات الكبرى التي بدلها مهنيو الصحة العمومية وتجار القرب و المقاولات المواطنة و المستخدمين المشتغلين في عدد من القطاعات، ورجال الأمن و الإدارة الترابية و الدرك الملكي و القوات المساعدة و الوقاية المدنية و جنود القوات المسلحة الملكية، الذين تحدوا جميعهم مخاطر العدوى و ساهموا في أن تستمر كل شروط الحياة والخدمات. كما يحق لنا أن نفتخر بما عبر عنه المغاربة من اعتزاز كبير بوطنهم وصمودهم في حجر صحي استمر أزيد من سبعين يوما، لم تتوقف خلالها الحركة و لم تشل المرافق الخدماتية الأساسية، واستمرت بلادنا صامدة، و ظل المواطنون يقاومون وهم ملتحمين وراء قيادة جلالة الملك محمد السادس و تدبيره الحكيم لهذه الأزمة الوبائية الخطيرة.
لكن الأزمة الوبائية أظهرت، أيضا، بعض الممارسات غير المقبولة التي حاول أصحابها استثمار ظروف الأزمة لتحقيق منافع بعيدة عن القيم التي تستلزمها المرحلة. كما تم تسجيل قصور في التواصل العمومي للحكومة خلال هذه الأزمة، بشكل أثر على قدرة باقي الفاعلين، و خصوصا الاقتصاديين منهم، على استشراف المستقبل بشكل أفضل تسهل معه البرمجة والتخطيط.
لذلك نعتقد أنه للخروج من الأزمة الحالية، على كل القوى الحية ببلادنا أن تنخرط في مسار جدي ووطني للتعاون من أجل تحقيق المصالح العليا للوطن. وعلى الحكومة أن تخلق الشروط لتتمكن كل القطاعات الإنتاجية والاقتصادية من لعب دورها كاملا في تحقيق الانتصار على الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على الجائحة الوبائية، واستثمار الفرص التي تتيحها الأزمة رغم كل شيء.
بدون شك توجد بلادنا في مفترق طرق تاريخي سيحدد طبيعة المستقبل الذي نحن إليه سائرون. و من الضروري أن نحسم أمرنا بخصوص عدد من الأوراش المتأخرة التي يجب أن ننتهي منها، كورش الجهوية المتقدمة بما فيه من ضرورة أن تمنح الحكومة كل الموارد المالية و البشرية للجهات لتتمكن من أن تلعب دورها كاملا و تحقق الأدوار المنوطة بها. كما على الحكومة أن تطلق عقود برامج في كل القطاعات الاستراتيجية، والقطاعات الواعدة التي علينا تعزيز سيادتنا الوطنية فيها. ومن الأمور الأساسية هي استمرار الترويج ل “علامة المغرب”، وتعزيز تموقع وجاذبية بلادنا لتتمكن من جلب واستثمار الفرص العديدة وجلب الاستثمارات الأجنبية.
القوى الكبرى في العالم تعيد ترتيب أوراقها بدون أفق واضح، وسيظل الوضع مرتبكا أكثر مما كان عليه قبل الجائحة، في صراع الأقطاب، لذلك ندعو الحكومة إلى أن تتحرر من ترددها وترقى في أدائها لتكون في مستوى مواجهة هذه التحديات.

الاخبار العاجلة