العمل القاعدي.. الهرم المقلوب

جسر التواصل26 أبريل 2024آخر تحديث :
العمل القاعدي.. الهرم المقلوب

عمر عاقيـــــــــل

لسنوات طوال ظل العمل القاعدي الإهتمام بالفئات السنية وتطويرها مجرد شعارات تتداولها ألسن الرؤساء على طول سنوات تعاقبهم على رأس إدارات الأندية، شعارات ظلت في مجملها مجرد لافتات ترفع في برامج الرؤساء لتجميل الصورة من دون وجود اقتناع حقيقي من مسؤولي اللعبة بأهمية المراحل السنية ودورها الأساسي في بناء أجيال المستقبل.
المتابع لوضع كرة القدم المغربية وطريقة التعامل مع عملية التعاقدات لا يجد صعوبة في إدراك الهرم المقلوب الذي يميز العمل في أغلب أنديتنا، حيث يظهر الفارق كبير جدا في الإهتمام بالفريق الأول على حساب الإهتمام بمراحل تكوين اللاعبين الشباب، سواء من حيث الميزانيات أو توفير الإحتياجات والتعاقد مع أطر في المستوى المطلوب، الأمر الذي يجعل العمل في الفئات السنية في مجمله يفتقد للتنظيم والإستقرار على المدى البعيد، وغياب التخطيط بوضع برامج دقيقة ترتبط ارتباطا وثيقا بالأشخاص والمسؤولين الموجودين في الإدارات دون سواها من الإدارات المتعاقبة، والذي عادة ما يخضع لعشوائية الإختيار وعدم وضوح الرؤى، بالإضافة إلى تذبذب البرامج والخطط في العمل واختصارها على أهداف قصيرة المدى والعمل في دائرة اجتهاد، وربما تحقيق نتائج بالصدفة لا تساعد على بناء أجيال مترابطة ترتقي إلى الفريق الأول في ظروف إيجابية، والتركيز على النتائج الوقتية مع الفريق الأول، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية في كيفية بناء لاعب كرة قدم مغربي بمواصفات احترافية.
ولا شك أن الأندية دفعت الثمن غاليا نتيجة الإختيارات العشوائية، دون التعلم من دروس أخطائها، والإستمرار على نفس النهج لمعاودة الخطأ ذاته كل موسم، دون الإعتماد على التقييم الصحيح المبني على دراسة فنية وتحديد النواقص المكملة المطلوبة لتعزيز حاجيات النادي.
ولعل النتائج والمستويات التي خرجت بها معظم الفرق والموسم الكروي على أبواب نهايته، لم تكن على مستوى الطموح الذي تطلعت إليه عند انطلاقة الموسم، في فصل متقلب ومكرر لمشاهده التي تسترجعها الذاكرة عند كل محطة من محطات البطولة.
قد نتفق أن التصحيح والمعالجة ضرورة تحكمها الدواعي وحاجة كل فريق لعناصر مكملة، لاسيما عندما تستعصي النتائج، وتتمادى في تبعاتها، إلا أن ذلك يتطلب أيضا توافقا في الرؤى المستقبلية، بحيث تكون هناك قراءة شاملة تضع يدها على الخلل بكل شفافية، ثم تحدد نقاط الضعف، وكيفية تعزيزها وتطويرها بحلول مستدامة ومتوافقة مع الوضع الفني، بما يكفل ربط الخطوط بالطريقة الصحيحة، إذ إن التكامل والتجانس بين عناصر الفريق لن يأتي إلا من خلال خطة عمل شاملة ومتفق عليها تضمن جميع الحقوق والواجبات دون المساس بركيزة الفريق الأولى فيما يخص اجيال المستقبل.

لقد فرض هذا التحول الخطير والانعطاف في مسار البطولة، وكيفية دخول الأندية سوق الإنتقالات كبيرها وصغيرها، أثار تساؤلات عديدة عن الفائدة المستقبلية لكرتنا، وعن وضع أبناء النادي، وكيف سيكون واقعها الكروي بعد سنوات قادمة، ولعل المخرجات الضعيفة للأندية للسنوات الماضية، وما تخللته من إخفاقاتٍ وتراجعٍ على صعيد النتائج بين مد وجزر.
تجربة أنديتنا مع الإحتراف لم ترقى إلى مستوى الإكتمال، فلا زالت هناك أوجه قصور تحتاج إلى معالجة حتى تتكامل عملية الإحتراف وطريقتها في تدبير عملية استقطاب اللاعبين والإضرار بأبناء النادي، تغيب فيها أوجه العدالة، بمعني أوضح تغيب فيها تماما آليات إستقدام اللاعبين المناسبين في مراكز الخصاص، فلا هي تعرف كيف تختار، أو كيف تحدد الحاجة الحقيقة، وهو ما أوقعها في فخ لم تكن نتائجه إلا خسارات فادحة وضياع للوقت والجهد والمال، ومعه ضيعت على نفسها عديد من الإنجازات.

الاخبار العاجلة