الابداع المغربي بصيغة المؤنت
يعبر بقوة عن تشكيل ذاته وتاكيد هويته
محمد اديب السلاوي
1
الابداع في نظر العديد من العلماء والفلاسفة والباحتين، لا يعتمد فقط على الخصائص الفطرية للانسان المبدع، او على ذكائه ومواهبه، بقدر ما يعتمد على عمل العقل لاخراج الافكار الابداعية، اذ يبقى الابداع هو القدرة على خلق الجديد في مجالات المعرفة والفنون والعلوم /هو القدرة على امتلاك الموقف الابداعي فيما يمارسه العقل عن طريق التعليم والخبرة والملاحظة، ما يجعل الابداع تفاعلا لعدة عوامل عقلية وحسية وبيئية واجتماعية وشخصية.
السؤال هنا هل استطاعت المراة المغربية في الزمن الراهن استقطاب مفاهيم الابداع وقيمه وشروطه فيما تنتجه من ابداعات. ؟
انها اليوم في المشهد الابداعي بالمغرب، شاعرة،قاصة، روائية، مسرحية،سينمائية، تشكيلية، نحاتة،موسيقية،راقصة، عالمة، فيلسوفة، يمتد خطابها الابداعي على مساحة واسعة. فالى اي حد استطاع هذا الخطاب الالتزام بمفاهيم الابداع وقيمه وشروطه… ؟
المطلع على ما تحتضنه اليوم الساحه الثقافية المغربية من ابداعات بصيغة المؤنت، سيلاحظ بلا شك ،ان هذا الابداع يحتل موقعا مرموقا بها،بمواصفات وخصائص ذات اهمية فكرية وابداعية.
ومن يمعن النظر في هذه الابداعات بعين الباحث الناقد، سيدرك بسهولة ويسر، ان هذا الابداع ،ادبا وفنا وعلما وتقنية، يعمل على ترسيخ القيم النبيلة /على ترسيخ الهوية الذاتية، مع التاكيد على ان الانتى هي الابداع، والابداع هو رهانها، وهو ما يجعل اعمالها تتسم في اغلبها بالعمق والصرامة والشاعرية والحس الجمالي.
2
في مطلع القرن الماضي بدات تظهر الملامح الاولى لشخصية الابداع النسائي بالمغرب في مختلف المجالات الثقافية والفنية على شكل مغامرات محفوفة بالكتير من الصعوبات والمخاطر، وهو ما جعل الساحة الثقافية تشتغل بالقليل من الجدل الذي حاول به بعض المثقفين التقليديين ابقاء الحواجز قائمة بين الابداع بصيغة المؤنث وبين المتلقين ، ،خاصة ان النقاشات تركزت في تلك الفترة حول اساليب الابداع وقيمه ومضامينه وخطاباته،لكن بصمات التانيت المغربية، يوما بعد يوم، وباصرار على الحضور والمشاركة اصبحت تحتل موقعها على الساحة الابداعية، كما اصبح حضورها بارزا ولافتا في جميع الوان الابداع، لانها اصبحت تحمل هم محاورة العقل والحس الجمالي والعاطفة مترفعة عن مداعبة الغرائز، بعيدة عن الاسفاف الساقط
يعني ذلك ان علاقة المراة بالابداع استطاعت ان تجدر نفسها بقوة، وتشكل لها حقلا محملا بالاسئلة والاشكالات المتعددة،لا لانها اصبحت لم تعد موضوعا للنقاش او للبحت المجاني، ولكن لانها اصبحت فاعلة، منتجة للخطاب الابداعي، وهو ما فرض/يفرض على المشهد الثقافي بالمغرب الراهن تشكيل رؤيةجديدة للابداع بصيغة المؤنت ،لا في اسلوبه فقط، ولكن في موضوعه ايضا، وهي مهمة على النقد الفني والادبي/على البحت الاكاديمي القيام بها من اجل توضيح مكانة هذا الابداع للاجيال القادمة.
3
في مطلع الالفية الثالتة، كانت المكتبة الثقافية والابداعية المغربية قد كونت رفا واسعا للاطروحات والبحوت والدراسات النقدية التي انجزت عن الابداع المغربي بصيغة المؤنت في كل مجالاته ، حيت استطاع هذا الابداع ترسيخ نفسه وبصم مرحلته،متجاوزا الجنسانية والنظرة التصنيفية،بعدما تعددت اسمائه الرائدة والموهوبة والفاعلة التي جعلت نون النسوة يفرض نفسه بقيمه واسلوبه ورقته وحسه الجمالي وموضوعيته
في راي العديد من الباحثين والدارسين والخبراء في الابداع بصيغة المؤنت ،ان المبدعات المغربيات في القصة والرواية والمسرح والسينما والفنون التشكيلية والموسيقى والرقص وغيرها من الابداعات، سارعن منذ ستينيات القرن الماضي الى ولوج ساحة المنافسة الابداعية من بابها الواسع، وتشكيل اطار رسمي اصبح له فاعلية ملحوظة على الساحة الثقافية المغربية.
ومند ذلك التاريخ ارتفع عدد المبدعات والباحتات والناقدات وتضاعف تمتيلهن في المجتمع المدني الثقافي مع احتفاظهن بدا تيتهن وتوجهاتهن واختياراتهن، وهو ما يعني ان فعل الابداع منح نون النسوة افقا رحبة للبوح بما لم يكن مسموحا به من قبل في الادب والفن، كمافي احتياجات الجسد واكراهات المجتمع، وهو ما يعني تحول الابداع بصيغة المؤنت الى فعل انساني بسياقات جمالية متميزة
افلا تنظرون… ؟.