معرض الفرس بالجديدة .. التبوريدة، احتفالية مبهرة بفن متجذر في الثقافة المغربية

جسر التواصل4 أكتوبر 2025آخر تحديث :
معرض الفرس بالجديدة .. التبوريدة، احتفالية مبهرة بفن متجذر في الثقافة المغربية

الجديدة – يشكل فضاء فنون الفروسية التقليدية (التبوريدة)، الذي يضيء الدورة الـ16 لمعرض الفرس بالجديدة، علامة فارقة في المشهد الثقافي المغربي، ورمزا حيا لذاكرة جماعية تنسج خيوط التواصل بين الأصالة والتقاليد.

وتتحول عروض التبوريدة، بعد عصر كل يوم، إلى عرس فلكلوري أخاذ يستقطب المئات من الزوار والمتتبعين، ويجسد بألوان البارود وصهيل الخيول أجمل صور التنوع الحضاري لمختلف جهات المملكة.

وتضفي السربات المشاركة لمسة جمالية فريدة على فضاءات المعرض من خلال أزياء فرسانها التقليدية وزينة خيولها وسروجها البديعة، في انعكاس صادق لشغف المغاربة بالفرس وتعلقهم التاريخي به.

وتشارك في دورة هذه السنة 18 سرية، ستتوج فعالياتها غدا السبت بالنهائيات الخاصة بالجائزة الكبرى لصاحب الجلالة الملك محمد السادس للتبوريدة.

وفي هذا السياق، أكد المدير التقني للجائزة سعيد خويا، أن التبوريدة تبقى الحلقة الأساسية للمعرض بالنظر للفرجة المقدمة للجمهور وعشاق هذا التراث الأصيل ، موضحا أن المنافسة تجمع 18 سربة من خيرة فرسان المغرب، تتبارى طيلة خمسة أيام وفق نظام تنقيط يجمع بين تقييم “الهدة” وجمالية الطلقات الثلاث، بإشراف حكام وطنيين ذوي خبرة عالية.

وأضاف، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الإقبال الكبير على عروض التبوريدة طيلة أيام المعرض يعكس مكانة هذا الفن التراثي والرياضي ، مذكرا بأن التبوريدة حظيت سنة 2021 باعتراف عالمي بعد تصنيفها ضمن التراث الثقافي اللامادي للإنسانية من طرف اليونسكو.

وتتوزع هذه المنافسة على 5 أيام من العروض، حيث تتبارى أفضل السريات، في لحظات تمزج بين الروح الجماعية المتناسقة، وطلقات البارود التي تبهر الجمهور، وتسعى كل سرية إلى التميز ليس فقط بسرعة التنفيذ، بل أيضا من خلال الانسجام التام في الحركات، وجودة السروج واللجام، والانضباط الجماعي، وهي معايير دقيقة تخضع لتقييم لجنة متخصصة من الخبراء.

وفي هذا الإطار، أوضح الحكم الفيدرالي في التبوريدة، عصام التواتي، في تصريح مماثل، أن نظام التنقيط في المسابقة يعتمد على أربع مراحل: التحية وثلاث طلقات، مشيرا إلى أن التحية تشمل تقييم الانسجام بين الفرسان وحركية البنادق والتحكم في الخيول، إلى جانب مطابقة الأزياء التقليدية والسروج وحالة الخيول.

وبخصوص الطلقات الثلاث، أكد الحكم الفيدرالي أنها ترتكز على دقة الانطلاقة والاصطفاف وتناسق الأداء مع احترام خصوصية كل مدرسة جهوية، حيث تمنح “الطلقة” الموحدة 11 نقطة. مضيفا أن المجموع العام للتنقيط يصل إلى 100 نقطة.

وتتألف كل سرية من 15 فارسا وفرسا إضافة إلى “المقدم” أو “العَلام” الذي يتولى القيادة والتحفيز، فيما يعكس الفرسان بأزيائهم البيضاء التقليدية وحسن انضباطهم ودقتهم أبهى صور المهارة في السيطرة على الجياد وأداء الحركات الدائرية الممزوجة بطلقة البارود الحاسمة.

ويكتمل المشهد البصري، البديع بزي الفرسان التقليدي الأبيض المكون من “الجلابة” و”السلهام” و”العمامة” و”السروال الفضفاض”، مع “الكمية” على الخاصرة و”المكحلة” المزخرفة التي تتلألأ في أيديهم، لتزيد السروج الفاخرة من وقار الفارس وهيبة صهوته.

وقبل أي انطلاقة (محاولة) يستعرض المقدم فرسانه قبل أن تدخل المجموعة إلى فضاء العرض (المحرك) وتبدأ بتحية الجمهور (الهدة أو التشويرة أو التسليمة). إثر ذلك يعود الفرسان إلى نقطة الانطلاقة، حيث يصطفون في خط مستقيم في انتظار إشارة “المقدم”، لتنطلق الخيول في سباق بديع يبرهن خلاله الفرسان عما يتوفرون عليه من مهارات سواء بالنسبة للسيطرة على الجياد لإبقائها في الصف أو في ما يخص الحركات الدائرية التي يؤدونها ببنادقهم قبل تنفيذ الطلقة بالبارود.

وعن الأجواء العامة التي تطبع هذه الدورة من الجائزة الكبرى لصاحب الجلالة الملك محمد السادس للتبوريدة، اعتبر المقدم رشيد سكاس، ممثل جهة الدار البيضاء – سطات، أنها إيجابية للغاية ويطبعها حسن التنظيم والتنسيق.

وأضاف أن المنافسة جد قوية بين السربات المشاركة، مشيرا إلى أن التبوريدة تواصل بريقها بفضل حفاظ الجميع على الأصالة في اللعب واللباس والسروج.

ويؤكد معرض الفرس أن فنون الفروسية التقليدية لم تعد مجرد تقاليد متوارثة مرتبطة بالمكان، بل أصبحت جزء من التعبيرات الثقافية المتعددة التي تتجلى في الشعر والغناء والفنون البصرية، وصولا إلى المنحوتات واللوحات والجداريات.

ولعل إدراج التبوريدة سنة 2021 ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للإنسانية شكل اعترافا دوليا بقيمتها التاريخية والاجتماعية والفنية، وتكريسا للجهود المبذولة من أجل صون هذا الفن وضمان استمراريته عبر الأجيال.

 

Views: 9

الاخبار العاجلة