الحسين السطاتي لجسر التواصل : عيطة هي عيطة حب وعيطة حرب، تغنت بالعاطفة الوجدانية كما تغنت بالحروب والمعارك.. تغنت بالحب، ذلك الحب العاطفي الوجداني الذي يسمو بالعلاقة الحميمية بين الرجل والمرأة في بعدها الجمالي وفي بعدها الإنساني

جسر التواصل14 فبراير 2024آخر تحديث :

 جسر التواصل: أولا مرحبا بك بيننا مرة أخرى، يريد الجمهور القارئ ل  “جسر التواصل” أن يعرف من هو الحسين السطاتي ؟
الحسين السطاتي: بسم الله الرحمن الرحيم، تحية عطرة ملؤها المحبة والمودة للجمهور الكريم، وجزيل الشكر لمنبركم الإعلامي   “جسر التواصل” على هذا التواصل الدائم، وعلى هذا الجسر الفني الثقافي الموسيقي والأدبي الذي يربط الفنان بالجمهور..أعرف بنفسي: اسمي الكامل المحبوب الحسين بن محمد، واسمي الفني والأدبي “الحسين السطاتي”، فنان شعبي موسيقي ومغني لفن العيطة “شيخ للعيطة”، وكاتب قاص وروائي وشاعر، ودركي متقاعد برتبة “أجودان”.. متزوج ولي ثلاثة أبناء “بذرة وريحانة ومحمد”.

 

 جسر التواصل: لنستهل الحوار معك من أحدث إصداراتك الغنائية، أغنية منفردة بعنوان ” واش كاين شي دواء للحب؟” حدثنا عن ردود الأفعال عند الجمهور؟

الحسين السطاتي: بمناسبة عيد الحب طرحت على قناتي لليوتوب أغنية منفردة “سينكَل”، تحت عنوان “واش كاين شي دوا للحب؟”، وهي من كلماتي وألحان الأستاذ الموسيقي الملحن”يوسف مغران”، وهي أغنية عاطفية تحكي معاناة شخص محب متيم ولهان، يشقى بغرامه، ويصف حالته العاطفية مع حبيبته بأنها حالة مرضية، ويتساءل إن كان هناك دواء طبي لحالته، ومن كلمات الأغنية:
أنا في عاركم يا ناس الطب….كَولو لي واش كاين شي دوا للحب
عييت نداوي وعييت نسبب….نبات نتكَلب كنتعدب
واللي كذب يجرب
نشوف المحبوب يضرب الكَلب….يركبني الخوف ونبغي نهرب
الله غالب راه الحب غلب
كيف ندير أنا مع هذ الحب……بهدلني وخلاني نطلب
وليت نحلف ووليت كنكذب
عشق الزين وعقيلي تسلب……نار لغرام شاعلة كتلهب
وليت عطشان باغي ع نشرب…

  جسر التواصل: بصفتك فنان شعبي “شيخ للعيطة”، ما نصيب الحب في غناء العيطة.؟

الحسين السطاتي: فن العيطة فن شامل، لقد تجمع في العيطة ما تفرق في غيرها، فهي موسيقى وشعر وغناء ورقص، ومسرح.. وفي المتن العيطي، نجد القصة القصيرة جدا والقصة القصيرة والقصة والرواية وحتى الأسطورة..وهي تعالج مواضيع مختلفة، مواضيع عاطفية وسياسية واجتماعية واقتصادية، فالعيطة هي عيطة حب وعيطة حرب، تغنت بالعاطفة الوجدانية كما تغنت بالحروب والمعارك.. تغنت بالحب، ذلك الحب العاطفي الوجداني الذي يسمو بالعلاقة الحميمية بين الرجل والمرأة في بعدها الجمالي وفي بعدها الإنساني، بعيدا عن ميوعة الإباحية أو “البورنوغرافيا” التي يريد البعض إلصاقها بهذا الفن، لقد تغنت العيطة بالغزل والعتاب والرثاء..وهناك العديد من “العيوط” التي أفردت النصيب الأكبر للحب، أذكر منها عيطة “الغزال”، وعيطة “ركوب الخيل”، وعيطة “ألباس”، وعيطة الكافرة غدرتيني”، وعيطة “اللي بغا حبيبو”، وعيطة” الشاليني”، وعيطة “دامي” وعيطة “داني”، وعيطة “الساخي بيا”، وعيطة “العين”، وعيطة “البيضة” وعيطة “رجايا في العالي”، وعيطة “حاجتي في كَريني”..

  جسر التواصل: ما هو أول حب عاشه “الحسين السطاتي” ولو في الخيال؟

الحسين السطاتي: الخيال لا حد له، ولكن الواقع أجمل وأشد وقعا على النفس، أتذكر في بداية مراهقتي أحببت زميلتي في القسم بمستوى السنة الخامسة من التعليم الابتدائي، بمدرسة “المداحة” بمنطقة “أولاد عبو”، كان عمري حينها حوالي اثني عشر سنة، وقد خفق قلبي لهذه البنت، كان شعورا غريبا يتملكني كلما نظرت إليها أو كلمتها، وصارت صورتها تملأ خيالي حتى خارج القسم، فعرفت أن هذا ما يسمونه الحب، طبعا كان ذلك من طرف واحد هو أنا. وبعد حصولها على الشهادة الابتدائية أخرجوها من الدراسة وبعد سنتين عرفت أنها تزوجت بالبادية.

  جسر التواصل: ما هو آخر حب عشته ولو بالأحلام؟

الحسين السطاتي: ولماذا بالأحلام، فحبي الأخير لزوجتي “كريمة نرجس”، أم أبنائي الثلاثة “محمد وبذرة وريحانة”. الذين أحبهم جميعا، وأبنائي كلهم كبروا، كل واحد منهم يشق طريقه حسب ما يحبه وما يطمح إليه، حفظهم الله ورعاهم.

 جسر التواصل: بعيدا عن شجون الفن، قريبا من حياتك الخاصة، هل كان زواجك تقليديا أم عن حب؟
الحسين السطاتي: الحمد لله والشكر له، لقد كنت محظوظا في الزواج، حيث كانت “كريمة” تسكن بجوارنا بالدوار وتربطنا علاقة القرابة “أبناء العمومة”، وكانت حينذاك في سن الثالثة عشر تقريبا، تشتغل مع أمي في النسيج التقليدي “المنسج”، فأعجبت بها وهي الأخرى بادلتني الإعجاب، وبعد ذلك تحول الإعجاب إلى حب، ومنذ ذلك الحين بدأت علاقتي معها، كانت في البداية علاقة سرية لكن مع مرور الأيام افتضحت هذه العلاقة، ولما عرفت أمي أنها مغرمة بي قالت لأمها بأن كريمة ستكون زوجة للحسين، كما أخبرتني أن كريمة ستكون زوجتي، وفرحنا بهذا الاختيار، وتمت الخطبة، والحمد لله كللت العلاقة الغرامية بالزواج، وقد تجاوزنا ثلاثين سنة الى يومنا هذا وأنجبنا ثلاثة أبناء كما قلت لك؛ بنتين وولد “بذرة وريحانة ومحمد”.

  جسر التواصل: أنت فنان شعبي “شيخ العيطة”، مغني وعازف كمنجة “كومنجي” لمجموعة غنائية “رباعة الشيخات”، يعمل بمجموعتك الغنائية نساء “شيخات”، فهل يمكن أن تحب وتتزوج شيخة؟

الحسين السطاتي: أنا متزوج وأحب زوجتي، وعلاقتي بزوجتي “نرجس كريمة” تفوق ثلاثين سنة، وإلى حد الآن لا أرغب في التعدد، أما عن سؤالك، فالقلوب ليس عليها سلطان، والحب يدخل دون استئذان،والشيخة هي امرأة وأنثى كسائر النساء، وأعتقد أنها ذات ثقة كبيرة في نفسها ولها شخصية قوية، ومن حقها أن تُحِب وتحب، أما عن الزواج فالتاريخ يشهد على كثير من الرجال من ذوي الشخصيات المرموقة تزوجوا من نساء ” شيخات” وكان زواجا ناجحا.

  جسر التواصل: كيف ينسى “الحسين السطاتي” حبا فاشلا.؟

الحسين السطاتي: لا أعرف الحالة النفسية التي سأكون عليها في تلك الفترة، لكني الآن أقول لك أنني أنسى حبا فاشلا بالبحث عن الدخول في حب جديد، لأن مشاعر الحب ربانية ولا يمكن للإنسان أن يتحكم فيها، لذلك أنا أحافظ على الحب بيني وبين زوجتي بتحمل مسؤوليتي اتجاه المرأة التي ربطني بها عقد زواج، وذلك بالمحبة والمودة والتسامح والإيثار والتنازل أحيانا، هكذا يستمر الحب في الحياة الزوجية.

  جسر التواصل: بمناسبة عيد الحب، هل يحتفل الفنان “الحسين السطاتي” بعيد الحب؟ وما الذي تعنيه لك هذه المناسبة؟

الحسين السطاتي: أنا ريفي نشأت وترعرعت بالبادية، وزوجتي كذلك من نفس البيئة فهي من أقاربي تربطنا صلة أبناء العمومة، وليست لدينا ثقافة الاحتفال بمثل هذه المناسبات العاطفية، لأننا نبرهن لبعضنا عن الحب بالأفعال، بالاحترام والتفاهم والتقدير والتسامح والمحبة والمودة والإخلاص والوفاء.. أما الآن وأنا فنان وكاتب.. وأصبح لي جمهور، صرت أهتم بهذا اليوم بل إنني أكتب مقالات لهذه المناسبة وتنشر في بعض الجرائد المغربية أو المجلات، وعلى حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي، وأحتفل أحيانا مع الجمهور بهذه المناسبة في حفلات خاصة، أما مع زوجتي وأبنائي فلا نحتفل بهذه المناسبة.

 

 جسر التواصل: بحكم أنك شيخ للعيطة وتعشق الكتابة، فهل من كتابات عن الحب والعيطة ؟
الحسين السطاتي: الحمد لله فمن بين هواياتي، إضافة إلى فن العيطة هناك القراءة والكتابة.. فالكتابة في حد ذاتها هي عيطة صامتة، هي حب ووجع وألم ومعاناة واحتجاج وتمرد يخرج من الأعماق حروفا وكلمات على الورق..وبالنسبة إلي أعتبرها جلسات علاج نفسي، ففن العيطة دائما كان ومزال وسيظل حاضرا في كتاباتي الأدبية من مقالة وقصة ورواية ومسرح وزجل..وحاليا أكتب في رواية جديدة بعنوان “العين الزرقاء” وقد اقتبستها من “عيطة العين”، وهي “عيطة بلدية جرفية فيلالية” تحكي قصة حب بين شاب وشابة أحبا بعضهما حبا عنيفا لكن العادات والتقاليد والفارق الاجتماعي، كانوا يقفون حاجزا أمام حبهما، لكن في الأخير سينتصر الحب.. وقد كتبت القصيدة وغنيتها أمام الجمهور ولاقت اقبالا، والآن أكتبها في شكل عمل روائي..وأكتب مقالات أدبية تحت عنوان “فن العيطة بين نظرة الاحتقار ورد الاعتبار”، وأكتب في كتابي الجزء الثالث من سيرتي الذاتية واخترت له مؤقتا عنوان “عيطة الحب وحب العيطة”.. وكالعادة أكتب كلمات أغاني شعبية وألحنها وأقدمها لبعض أصدقائي من الفنانات والفنانين الشعبيين بطلب منهم.

 جسر التواصل: أنت تعيش في جيل غير جيلك، وتحافظ على فن العيطة، فكيف تتعامل مع وسائل تواصله، خصوصا المواقع الاجتماعية؟
– الحسين السطاتي: فعلا لقد تعديت سن الخمسين، ومازلت أطمح أن أحقق الكثير في المجال الفني الموسيقي، والمجال الأدبي السردي وفي السينما.. مادمت قادرا على العطاء وفي صحة جسدية ونفسية جيدة، وأعتقد أنني من الجيل المحظوظ، عشنا مع جيل الأمس أعني جيل الستينات والسبعينات وها نحن نعيش اليوم مع جيل الألفيات، وهذه في حد ذاتها نقطة قوة، تعاملت سابقا مع الرسالة الورقية والتلغراف، والتيليكس، وأسطوانة اللفة، وشريط الكاسيت، وشريط الفيديو، والقرص المدمج، وها أنا اليوم أتعامل مع التقنية الرقمية، والذكاء الاصطناعي، ولذي عناوين على أغلب مواقع التواصل الاجتماعي، بما في ذلك قناة على اليويتوب، وحساب على الفايسبوك، والانستغرام وتويتر..وأنا أدون وأكتب وأغرد على هذه المواقع، أنشر أعمالي الفنية بما فيها الغنائية الموسيقية والأدبية السردية من شعر وخاطرة وقصة ومقالة ومسرح ورواية.. كما أتفاعل مع الجمهور الكريم حول توجهي الموسيقي وهو موسيقى العيطة. وهذا التواصل صار جد مهم بالنسبة للإنسان العادي فبالأحرى للفنان الذي يتحتم عليه الدخول إلى هذا البحر والإبحار افتراضيا، كما أني أسعد بعدد التعليقات الايجابية على منشوراتي وصوري، أسعد بها سواء كانت سلبية أو ايجابية، لأن السلبية منها تعطيني وقفة تأمل لأستفيد من النقد وأصحح أخطائي، أما الايجابية فهي تغدي غروري الفني إذ صح التعبير وتحسسني أنني في المسار الفني الصحيح وموجود في الساحة الفنية الغنائية.

  جسر التواصل: كلمة أخيرة لجمهورك ؟
الحسين السطاتي: شكرا للجمهور الكريم على التشجيع المادي والمعنوي، فبفضل الله وبفضله تكون لي دافعية أقوى للاجتهاد وللعطاء، وأعده أنني سأعطي كل ما في وسعي لفن العيطة من موقعي كفنان ممارس، وشيخ للعيطة، وككاتب قاص وروائي وشاعر..وسأظل وفيا لهذا التوجه الموسيقي، للحفاظ على هذا الفن الأصيل..هذا الكنز اللامادي الإرث المشترك بين المغاربة، وأعمل على نقله في حلة جيدة للأجيال القادمة كما أخذناه عن الأجداد الأسلاف، وشكرا لجميع المنابر الإعلامية التي تساهم بجد في إعطاء إشعاع للفن والفنانين المغاربة وتنوير الحقل الفني المغربي، وشكرا جزيلا لمنبركم الإعلامي  “جسر التواصل” الذي سمح لي بأن أقف على هذا الجسر وأطل منه على الجمهور الكريم، وأتمنى لكم مزيدا من النجاح والتوفيق.

الاخبار العاجلة