محمد معتصم جسر التواصل
تبصم جمعية التقارب الفني والثقافي بدرب خروبة بالمدينة القديمة بالدار البيضاء على التميز والتفرد في جميع أنشطتها الثقافية والفنية ، سواء على مستوى الأسماء المبدعة والفاعلة في المشهد الجمالي بالمغرب واستضافتها في لقاءات مفتوحة حول مسارها الفني ، أو على مستوى التنظيم وحفاوة الكرم والترحاب . مساء يوم الخميس 4 ماي الجاري حل الفنان التشكيلي والناقد الجمالي شفيق الزكاري ضيفا على الصالون الأدبي ” بهجة الروح ” ، في دورته السادسة ، في لقاء مفتوح حول تجربته الفنية المتميزة والغنية والمتعددة ، وتوقيع اصداره الأخير ” سرديات تشكيلية .. مختارات جمالية ” ، بحضور ثلة من الأسماء الوازنة في عوالم الثقافة والفن والسينما والأدب والمسرح …
أعطت الفنانة التشكيلية والفاعلة الجمعوية بهيجة عبد العالي رئيسة جمعية التقارب الفني والثقافي انطلاق هذا اللقاء التفاعلي ، مرحبة بالحضور النوعي المتميز ، ومذكرة باستمرار صالون ” بهجة الروح ” الذي وصل تنظيمه هذه السنة الى الدورة السادسة ، وهو فعل ثقافي أسست له الجمعية منذ تأسيسها الى اليوم ليكون جسر تواصل مع الأدباء والمفكرين والمبدعين في شتى مجالات المعرفة . بعد ذلك تناول الكلمة القاص والإعلامي محمد معتصم لامس من خلالها أهم المراحل في مسيرة الفنان التشكيلي والناقد الجمالي شفيق الزكاري ، حيث توقف عند نشأته بمدينة القصر الكبير في منزل عتيق بني بالطريقة الموريسكية وجد فيه جميع المكونات الجمالية التي ساعدته بأن يهتم بالفن ، من بينها الزخرفة المغربية بجميع أشكالها سواء على الأبواب الضخمة أو على الجدران ، بالإضافة الى أن أمه رحمة الله عليها كانت تحترف الطرز الرباطي وكانت تشتغل بعدد وفير من الخيوط الملونة ، مما ترك أثرا مرئيا في مخيلته منذ الطفولة ، بعد ذلك اهتم شفيق بالخط العربي كموجة عرفتها سنوات السبعينيات مع ظهور ” جماعة البعد الواحد ” العراقية ، ثم بعد ئد التحق بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بمدينة ” ديجون ” الفرنسية ، فانقلبت اهتماماته للتشخيصية التعبيرية كاتجاه كان سائدا أنداك بأوروبا مع عدد من الفنانين أمثال : بازليت وجيرار كاروست وغيرهم ومن هنا بدأت رحلة الفنان شفيق الزكاري الابداعية الأكاديمية.
شفيق الزكاري يزاوج بين النقد الفني والصباغة بالقدر الذي يجعل الممارستين معا تؤديان الى تطوير أدائه الفني واستكشاف ممكنات التجريب ، من هنا نستطيع استيعاب تلك النقلة النوعية التي حققها في مساره الفني عبر انتقاله من موضوعة الأسطوري والحلمي والميتافيزيقي بتفرعاتها الفلسفية والتقنية والجمالية الى موضوعات أخرى تحاول الاقتراب أكثر من الجوانب الميتافيزيقية العبثية التي يواجهها الانسان في حياته اليومية من خلال التركيز على العابر والهش والمنفلت وعلاقة ذلك بالزمن واكراهاته . ورقة الكاتب محمد معتصم توقفت أيضا عند أهم اصدارات الفنان والناقد الفني شفيق الزكاري التي أغنت الخزانة الفنية المغربية والعربية ، كما تطرقت الورقة الى الأعمال الصباغية للمبدع شفيق ، حيث الجسد والانسان الكوني مجسدين بجمالية متميزة ، والذي تعتبر رسالة فنية انسانية وحضارية ترفض الاستبداد وتدعو للسلم العالمي وتخرج الجسد من صلابته وتجرده من خشونته لتجعل منه منبر تواصل عالمي .
المحتفى به المبدع شفيق الزكاري تحدث في كلمته عن السياقات والدلالات الجمالية والفلسفية وراء هذا الاصدار ” سرديات تشكيلية ” الذي يتضمن نخبة من الفنانين العالميين والمغاربة ، والذي يعتبره اطلالة على حكايات تتناول أساليب الفنانين التشكيليين المغاربة والاجانب ، وذلك من منطلق سردي ، تكون فيه التقنية مجرد جسر عبور الى انشغالات هؤلاء الفنانين من وجهة نظرهم المرتبطة بالذاكرة التي في أذهانهم ، وبعيدا عن أي تصنيف أكاديمي أو تاريخي .. فهذا المؤلف يضيف الفنان شفيق الزكاري ابتغى أن يركز على الحكاية تحديدا وتسييجا للحديث عن الجانب في العمل التشكيلي في علاقته بلحظة المخاض الراهني وارتباطه بالعمل التاريخي والنفسي في حدود ما أملته اللحظة الابداعية .