جَبهةٌ اجتِماعيّة!

جسر التواصل7 ديسمبر 2020آخر تحديث :
جَبهةٌ اجتِماعيّة!

هي جَبهَتُنا الوُطنيةُ المُشتَرَكة..
وبإرادَة الجمِيع، أفُقِيّا وعَمُوديّا، تستَطيعُ أن تتَقَوّى.. وتَكُونَ أكثرَ مَتانة..
جَبهَتُنا لا تَقبَلُ الهزِيمَة..
واقِفةٌ في كلّ الأوقات، بِصُمودِ مُجتمَعِنا المُتماسِك.. في السّرّاءِ والضّراء.. وتستطيعُ أن تُذلّلَ الصعاب.. وتجعلَ طريقَنا إلى الغدِ سالِكة، ليس فقط لبَعضِنا، بل لنا جميعًا..
ويدًا في يَد، نتَغلّب على ما نحنُ فيهِ من تأرجُحٍ بينَ إكراهاتٍ صحّيةٍ وتَعليميّةٍ وتشغِيليّة وغيرِها، ورغبةٍ مِلحَاحةٍ في مزيدٍ من الشّراكات الداخلية، ومع الطاقاتِ العالمية، وانفتاحٍ على أخَواتِنا وإخوانِنا في القارةِ الإفريقية وغيرِها…
ولا نهايةَ للطّموح..

  • الحاجةُ أمُّ الاختِراع..
    واليومَ نحنُ بينَ سِندَانِ الوضعِ الاجتماعيّ الهَشّ، ومِطرقةِ اقتصادِنا الأكثرِ هشاشَة..
    ونَحصدُ ثمارًا مُرّة لعُقودٍ من السياساتِ الحُكوميةِ الفاشلة.. إنها تَقفُ خلفَ سُوءِ التّدبيرِ والتّسيير..
    أهمَلت شريحةً واسعةً من مُجتَمعِنا، سياسيّا واقتِصاديّا وثقافيّا.. وهذا لا يَستَثنِي التعليمَ والصحةَ والشّغلَ والعدالةَ الاجتماعيّة، على مرّ عُقُودٍ من الزمن، حيثُ تَكالَبَت فئاتٌ نُخبَويةٌ على الكراسي، والمالِ العام، والمَناصِب…
    ونتَجَت عن هذا الواقِع، وما زَخرَفَهُ من آلياتِ العَبَث، انّ مُجتمَعَنا سادَه اقتِصادُ الرّيع، وثقافةُ الفسادِ والإفساد، وسوءُ تدبيرِ الشأنِ الدّيني، وعدمِ التّفريقِ بين الآخرةِ والدّنيا، وبين التّديُّنِ والسياسة…
    واختلَطت المَفاهيم…
    وأصبَحنا في كمّاشةِ فئةٍ لا تُفرّقُ بينَ الشّرعِ والقانُون، فَصَارَ الكلُّ يُفتِي، ويُساهِمُ في تَحريفِ العُقول..
    وهذه حالُنا إلى اليوم..
    وما أحوجَنا إلى المزيدِ منَ التقويّةِ الاجتِماعية، لحمايةِ استِقرارَنا الوطني.. ورغمَ ما لبلادِنا من أرضيةٍ اقتصاديةٍ مِعطاء، فإنّ الفسادِ الإداري والنُّخبَوِي يُشكّلُ تنشيطًا للتّفقيرِ والتّجهِيل..
    وليس من مَصلحتِنا عدَمُ تَدارُك ما قد طالَ أَحوالَنا الاجتماعيّة، بسبَبِ الأحزاب والحُكوماتِ والنقابات، على مرّ العُقود..
    يجبُ تدارُكُ الحالة، ومُعالجةُ الخَللِ من جُذورِه..
    وكلُّ تَأخُّرٍ قد ينقُلَ مشاكلَ اليوم إلى أجيالِ الغَد.. والغدُ قد لا يأتينا بالحُلول المَرجُوَّة..
    حلُولُ اليومِ إذا لم تكُن ناجِعة، فقد تكُون غدًا أعقَدَ، وربّما يَستحيلُ أن يُوجدَ لها مَخرَج..
    وقد لا تُجدِي فيها أيةُ “ضمّادات” وأيةُ حُقَن..
    وما نستطيعُ أن نفعلَه اليوم، هو الشروعُ فورًا في إقرارِ عدالةٍ اجتماعية.. وهذه أساسٌ لتَمتِينِ جَبهتِنا الداخلية، على كلّ المستويات، دعمً للمَجهودِ الوطني الذي تبذُلُه كفاءاتٌ وضمائرُ من أجلِ إخراجِ بلادِنا منَ النّفَق..
    أجَل! عِندَنا جُنودُ خَفاء.. وهُم يَبذُلون الغالي والنّفيس، ولا يَنتظرُون أيَّ مُقابل..
    يَعملُون ويَعملُون، فقط لإرضاءِ الضّميرِ الوطني..
  • وعَلَيْنا بإعادةِ بناءِ الطبقةِ المُتوسّطة..
    هذه أساسيةٌ لجَبهتِنا الدّاخلية..
    الطبقةُ المُتوسّطة تستطيعُ أن تكون سنَدًا لتوازُناتِ بلدِنا، على الصعيدِ الاجتماعي والاقتِصادي.. وأن تُساهِم في إعادةِ الاعتِبار لمؤسّساتِنا..
    وعلينا أيضًا بإعادة النظر في الإشكالية الحِزبية، عسَى أن يَقتَنعَ مُجتمعُنا بأنّ الأحزاب ليس دورُها أمنيّا، بل هو دَورً اجتماعي يهدفُ لحماية البلد من أيّ اضطراب قد يَضُرُّ بالاستقرارِ الوطني الذي هو أساسُ التنمية، ومِشن أساساتِ “دولةِ المؤسّسات”..
    وفي هذا السّياق، تستطيعُ جَبهتُنا الدّاخليّة فعلَ الكثير، لتطويرِ البلد، وتصحيحِ الاعوِجاجاتِ الحاصِلة في السياساتِ الحُكومية…
    وعلينا بتَعمِيمِ ثقافةِ اللاّهزِيمة، وهذه تتَمَحوِرُ حولَ العقلِ الإيجابي.. والعملِ الإيجابي.. والسلوكِ الإيجابي..
    وعَلينا أيضا بالمُحاسبة التّلقائية المُستمرّة: تفعيلُ المُحاسبة المنصُوصِ عليها في الدّستور..
    وحمايةُ المُجتمع من لصُوص البلد، صغارًا وكبارا، ومن الإثراءِ اللاّمشروع..
    وفي أضواءِ جَبهتِنا الداخلية، التي نستطيع جعلَها رصِينة، لا نَقبلُ التّراجُعَ عن السّيرِ إلى الأمام..
    وسَنكُون مُحصَّنين بتعمِيم ثقافةِ التّفكير الإيجابي، وهذا ليس خيالاّ، بل يرتبطُ بالواقع.. وبينَ الفكرِ والعمَل.. والنّظرِي والتّطبِيقي..
    وعلينا أيضا بتَجنيبِ بلادِنا أيَّ تَسيِيسٍ لجبهتِنا الداخليةِ الهادفة لنشرِ ثقافة اجتماعيةٍ إيجابية..
    وهكذا نحمي بلدَنا من اليأسِ والإحباط..
    وهذا يعني أن تَتعلمَ أجيالُنا الصاعدةُ كيف لا تَستَسلمُ في مُواجهةِ أعاصيرِ الحياة.. وعليها أن تتَدرَّبَ على مواجهةِ الفشَلٍ في أيةِ مُحاولةٍ للنجاح.. وإذا لم يحدُث النجاحُ في مُحاولةٍ واحدة، فإن النجاحَ المطلوبَ يستحقّ محاولاتٍ متلاخقة، وبالتالي مَجهودا تلوَ آخر..
    ولا توَقُّفَ عن بذل مَجهوداتٍ أخرى، إلى أن يتحقّق الهدفُ الإيجابي المنشود..
    وما أحوجَنا إلى هذه الجبهةِ الداخليّة التي تقفُ على النظرِ للحياة بعَيْنٍ إيجابية، وعقلٍ لا تُعَرقِلُه المشاكل، بل يشتغلُ في البحثِ المتواصِلِ عن حُلول..
    والحُلولُ تأتي مع الرؤيةِ الإيجابية، والسلوكِ التّفاؤلي، والعملِ على اتّخاذِ قراراتٍ ناجحة، مُفيدةٍ للفردِ وكلّ المُجتَمع..
  • ولا يأسَ مع الأمل!
    الأملُ العاقِل يأتي للفردِ بأفكارٍ قادرة على تسويةِ التعقيداتِ المطروحة.. إنّ الفردَ عندما يُحسنُ التّفكير، وبشكلٍ إيجابي، وتفاؤلي، يكتشفُ أفكارًا هي تأتيه بالحلول، ومن ثمّةَ تُقرّبُه من تحقيقِ طُموحه المنشود..
    والكيفيةُ التي بها نُفكّر، هي تُحدّدُ ما سيكونُ عليه الغد..
    وأفكارُ اليوم هي تُحدّد خارطةَ الغَد..
    وهذا ينطبقُ على أي شخص، وأيضا على المُجتمع..
    الكيفيةُ التي يُفكرُ بها المُجتمع، هي تُرِيهِ الطريقَ الذي يقُودُ إلى الهدَف..
    ومَن لا يرَون الحياةَ إلا بسَودَاويّة، هؤلاءِ لا يَظهرُ لهُم المُستقبَلُ بوُضوح، ولا يَكتشفُون طريقَ الهدَف..
    الرؤيةُ الإيجابيةُ هي تُقرّبُ المسافات..
    وتُمكّنُ من التّغلّب على الصعوبات، وتجعلُ المُستحيلَ مُمكِنًا، بفضلِ توظيفِ العقلِ السّليم، والحِسّ السليم..
    ودائما، قاعدةٌ حاضرة: لكُلّ مُشكِلةِ حَلّ..
    والحُلولُ يُبحَثُ عنها بتفكيرٍ إيجابي، ونفسيّةٍ لا تخلُو من طمُوح..
    وهكذا يكُونُ تقليلُ الأخطاء التّحليليّة، وتقويةُ الحُلولِ المُمكِنة، بطريقةٍ غيرِ سلبيّة، بعيدةٍ عن الفكرِ التشاؤمي..
    وعن مُرافقةِ الضّغطِ والتّوتُّر..
  • وجبهتُنا الاجتماعية يُمكنُ أن تتَقَوَّى..
    وأن تَكونَ أهمّ سنَدٍ لمُختلِفِ حُكماءِ البلد، في تذليلِ العقباتِ السياسية والاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والثقافية…
    ولا غِنى لنا عن مَزيدٍ من تقويةِ جبهتِنا الداخليّة، خاصةً على المُستوَى الأُفُقي..
    والجبهةُ الداخليةُ تعني القُوةَ المدَنية للدّولة..
    وتَعنِي ايضًا المُجتمعَ المَدني، بكُلّ تنوُّعاتِه الجَمعَويّة..
    وبهذا الصّدد، تكُونُ التّقويةُ المُجتَمَعيّة عاملةً في فضاءاتِ “الثقافةِ اللاّمادّية”..
    وفي المغربِ الجديد، ضرورةُ التّوازِي من حيثُ الحقوق والواجبات، بين طرَفَيْ هذا الثّنائي، كي يستفيدَ المُجتمع، في إطار مؤسّساتِ الدّولة، من المادي واللاّمادي، وكلاهُما نِتاجُ العملِ البشَري..
    المادّي يعني البِناياتِ وكلَّ ما هو مَلموس..
    واللاّمادي يعني الأفكار والعادات والفنون والقيّم والأساطيرَ وغيرَها…
    وهي تُفسّرُ كيف يتعاملُ المُجتمعُ ويتواصَل ويتَفاعل ويَتنَظّم…
    إنهُما سِكّتان لقِطارِ الحياة، في أرضٍ واحدة، تحت سماءٍ واحدة..
    ولا تنميّة مادّية وفِكرية وإبداعيّة، بدُون هذه الثّقافةِ المُزدَوِجَة: المادّية واللاّماديّة..
  • تحتَ غِطاءِ دَولةِ المُؤسّسات!

ifzahmed66@gmail.com

الاخبار العاجلة