احمد رمزي الغضبان/جسر التواصل/الرباط
يعد الشيخ الحاج عبد المجيد بن عمر الفران احد ابرز اعلام الانشاد في المغرب، ولد بمدينة مراكش عام 1930، وقد نشا وترعرع في بيئة عرفت بالزهد والتصوف والصلاح، ويعتبرجده لابيه الحاج احمد الفران احد رجالات التصوف الذين اشتهروا بكراماتهم على عهد السلطان مولاي عبد الرحمان بن هشام.
ارتبط الحاج عبد المجيد الفران في نشأته بكتاب الله تعالى منذ حداثته، فحفظ القران الكريم على يدي الفقيه سي الحبيب الرحماني، ثم الفقيه احمد باولو، هذا الى جانب ولعه مبكرا بتراثي المديح والسماع، فكان كثير التردد على على ضريح سيدي بن سليمان الجزولي بالمدينة العتيقة بمراكش، حيث كانت تقام الحفلات الدينية، فكان يستمتع كثيرا بالاستماع الى دلائل الخيرات،ومن المؤكد ان ولعه المبكر بالمديح والسماع ودلائل الخيرات قد دفعه للاستزادة من فيض هذا النبع الصوفي العريق ليجد ضالته خلال فترة من الفترات في الزاوية التيجانية بحي القصور، وهناك نهل عبد المجيد الفران من معين الذكر الصوفي، وبدا يحفظ الاشعار والقصائد واذكار الصوفية الكبار، كما استوعب مختلف الطبوع والانغام المغربية، وهكذا فقد اكتسب عبد المجيد الفران العديد من المعارف على ايدي ثلة من شيوخ هذا التراث الصوفي بمدينة مراكش الذين كان على راسهم المعلم الكبير الشيخ مولاي عبد الله الوزاني الاملاحي رحمه الله الى جانب مولاي احمد الطويل وبن الجيلالي والكتاني، الى جانب المقرئين الجليلين سيدي محمد الجابري الحياني وسيدي عبد الرحمان بنموسى وغيرهما.
وهكذا تمكن عبد المجيد الفران من ادواته ليصبح منشدا متميزا، ثم تالق فيما بعد حتى كان من بين ابرز منشدي جوق الطرب الاندلسي براسة مولاي عبد الله الوزاني الاملاحي،كما اصبح منذ اواخر الخمسينيات ضمن النخبة المراكشية التي تشارك في احياء ذكرى المولد النبوي الشريف التي كانت تقام في رحاب القصر الملكي، وفي نفس الفترة شارك عبد المجيد الفران في الملتقى الاول لطرب الالة الذي نظم بمدينة فاس تحت الرعاية السامية لصاحب السمو الملكي انذاك المرحوم الحسن الثاني قدس الله روحه، حيث ضم هذا الملتقى ازيد من ماءة وخمسين عازفا برئاسة الاستاذ الحاج ادريس التويمي.
ثم يواصل عبد المجيد الفران مساره مكافحا في طريق البحث عن الذات، وينتقل من مدينة مراكش الى مدينة الرباط، ويلتحق بالجوق الوطني للطرب الاندلسي التابع للاذاعة والتلفزة المغربية بر ئاسة العميد الكبير مولاي احمد الوكيل رحمه الله، وكان هذا الجوق يضم نخبة من امهر العازفين والمنشدين، وخلال هذه الفترة كان عبد المجيد الفران قد دخل مرحلة الاحتراف، وبدا نجمه يلمع في سماء الانشاد الصوفي الاصيل المديح والسماع، الى جانب الموسيقى الاندلسية، وقد كان محط اعجاب من طرف الشيخ مولاي احمد الوكيلي الذي قربه منه، فاصبح يجلس بجانبه تقديرا منه لموهبة عبد المجيد الفران ولصوته العذب الجميل.
شارك المنشد الكبير الحاج عبد المجيد بن عمر الفران في عدة تظاهرات وملتقيات داخل المغرب وخارجه في العديد من الاقطار التي منها الجزاءر وتونس وليبيا وموريتانيا والسينغال ومصر والامارات والكويت وسوريا والاردن ولبنان وتركيا وروسيا وفرنسا واسبانيا والمانيا وايطاليا وغيرها؛ وقد انعم عليه جلالة المغفور له الحسن الثاني قدس الله روحه بوسام الاستحقاق وبهذا التشريف المولي السامي تكلل مشواره الابداعي المتميز، فكان احد ابرز اعلام الانشاد في حقلي تراث المديح والسماع ودلائل الخيرات الى جانب تالقه كابرز منشد في جوق طرب الالة التابع للاذاعة والتلفزة المغربية برءاسة الرائد الخالد مولاي احمد الوكيلي.
توفي الشيخ الحاج عبد المجيد بن عمر الفران عام 2016 بعد رحلة عمر حافلة بالكفاح، ويعتبر احد ابرز اعلام تراثي المديح والسماع ودلائل الخيرات في المغرب، الى جانب علو كعبه في مجال الموسيقى الاندلسية.
Views: 5