طارق المعروفي يكتب في حديث الاثنين : التعاضدية “والكنوبس” والضبابية

جسر التواصل16 أكتوبر 2022آخر تحديث :
طارق المعروفي يكتب في حديث الاثنين : التعاضدية “والكنوبس” والضبابية

طارق المعروفي 

سوف أتطرق اليوم لموضوع التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، و الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي أو ما يعرف ب “الكْنُوبْسْ” ، مشيرا أن التعاضديات الأخرى ربما تشوبها نفس السلوكات .
عندما يقدم المنخرط ورقة المرض مع جميع متطلباتها إلى التعاضدية، فإنه يتوصل بعد مدة تطول أو تقصر بتعويض مالي، ناذرا ما يبحث عن نسبة الاقتطاع، أو الكيفية التي نهجتها الإدارة لتعويض المريض، و كأن ذلك التعويض هو هبة من تلك الإدارة أو الصندوق.
و حتى نكون أكثر وضوحا في هذا الموضوع، نشير في البداية أن الهيئات المذكورة، تعالج الملفات المرضية طبقا للمساطر التي سطرتها هي، و التي غالبا ما يجهلها المنخرط، و لا يعذر أحد لجهله للقانون.
و على سبيل المثال:
يقال إن التعويض عن النظارات يجب أن يكون بعد سنتين. إلا أن هناك بعض الناس يظنون أن احتساب السنتين يكون ابتداء من تاريخ الفحص عند الطبيب أو تاريخ شراء النظارات، و لكن الحقيقة هي أنهم يحتسبون السنتين إبتداء من تاريخ التعويض الأخير للنظارات ، أي بعد شهور من تاريخ الفحص عند الطبيب .
النقطة الثانية ، عندما يطلب منك الطبيب إجراء تحليلات أو أشعة أو “سكانير” أو ما إلى ذلك، فيتعين أن تقوم بتلك العمليات خلال شهر واحد ، و إذا ما تجاوزت الشهر، فإنك تعوض فقط عن الفحص عند الطبيب .
النقطة الثالثة، و هي أنه إذا تجاوز مبلغ التحليلات ألف درهم، فإنك مطالب أن تقدم مع ورقة المرض، الفاتورة إضافة لأصول جميع التحليلات و إلا فإنك ستعوض فقط عن الفحص عند الطبيب .
و هناك عدة مساطر يصعب على المنخرط أن يتابعها، و بالتالي تضيع الأموال، و يبقى في حيرة من أمره، لا يعرف سبب أو أسباب التعويض الهزيل الذي يتوصل به رغم المبالغ الهائلة التي صرفها.
النقطة الرابعة، و هي المتعلقة بالأدوية، حيث نجد هناك أدوية قابلة للتعويض و أخرى غير قابلة لهذا التعويض. لقد شرع الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي إبتداء من ماي 2011 في تسديد تعويضات المؤمنين على أساس الدواء الجنيس في حالة تواجده، و ذلك طبقا للقانون 65 00 ، و التعويض عن مصاريف الأدوية الجنيسة، يتم على أساس ثمنها العمومي، وفق نسب التغطية التي تتراوح بين 70 في 100 بالنسبة للعلاجات العادية، و 100 ب100 بالنسبة للأمراض المزمنة .
و هنا نتساءل: كيف يعقل أن تكون جل الأدوية المتعلقة بمرض الحساسية غير قابلة للتعويض ؟علما أن الحساسية مرض مزمن في بعض الأحيان، و هناك أطباء متخصصين في هذا المجال .
و كيف يعقل أيضا أن تكون جل الأدوية المتعلقة بالجلد غير قابلة هي الأخرى للتعويض؟ أضف إلى ذلك بعض أدوية أمراض الأعصاب، و زد على ذلك “البوماضات” و السيرويات” و ما إلى ذلك من الأدوية.
من جهة أخرى أقول لهذه المنظمة و الصندوق، إن جل الدول المتقدمة في مجال التغطية الصحية، تشجع اقتناء ما يسمى بالأدوية الوقائية، التي تقي الشخص من المرض قبل أن يصيبه و تتكاثر الأعراض و تتكاثر بالتالي التحليلات و الأدوية و مصاريف العلاج. إنها تشجع الأطباء على وصف تلك الأدوية، لأنها في مصلحة المريض من جهة، كما أنها في مصلحة جهاز التغطية الصحية التي تقل مصاريفه.
كما نتساءل مرة أخرى عن الأشخاص الذين يدرسون هذه الملفات و يقررون و يحددون نسب التعويض. هل هم أطباء متخصصين في تلك الأمراض؟ أم إداريون؟ أم كتاب ؟
و أخيرا نلاحظ غياب التواصل بين التعاضدية و الطبيب المعالج للاستفسار عن الحالة المرضية، أو الأدوية التي وصفها الطبيب لذلك المريض. و يبقى هذا الأخير هو الضحية و ساعي البريد بين الأطراف، يرهق و يتعب و يمرض و هو يطوف بأوراقه المرضية، فتزيده مرضا على مرضه الأصلي.
إننا في حاجة إلى نهضة قوية و إنسانية و اجتماعية للحد من معاناة المرضى في غياب التواصل و الاقتناع، حتى تزول الضبابية على المساطر الإدارية الملتوية، و التعقيدات الخرافية الغير فعالة.
لقد وصلت بعض الأمم إلى تغطية صحية شاملة ،حيث يبقى الطبيب أو المستشفى في تواصل مع أجهزة التغطية، فلا يتم إقحام المريض في المساطر الإدارية و الوثائق المتكررة و المتعددة .و التغطية الشاملة تعني أن المريض لا يؤدي أي ثمن لا عند الطبيب و لا في الصيدلية ، يكفي أن يدلي بالبطاقة الصحية . و قبل أن نصل إلى هذا المستوى من التغطية الصحية الفعالة و الحقيقية، يتعين أن نجد الطرق ليتمكن المؤمن من معرفة أبسط الأمور المتعلقة بالملفات الطبية و القواعد المتبعة. و لهذا على تلك الأجهزة، خلق التواصل بينها و بين المنخرطين حتى لا تضيع حقوق هؤلاء .
و هذا لا يعني أن الموقع الالكتروني كافي للاستفسارات ،و قد تحدثنا عن بعضها، و لكن عن اجتهاد فعال للحد من عناء المنخرطين، و إيجاد البدائل لتبسيط المساطر حتى تتبدد الضبابية .

الاخبار العاجلة