عمر عاقيل
انطوت صفحة الموسم الكروي بتتويج الرجاء المستحق بحسم درع الدوري الماراثوني الذي أرهق الأندية وجماهيرها غاية الإرهاق ليكون الأطول والأكثر تعقيدا في العالم، ومع انتهاء الموسم نعود كما في كل مرة لتدارس أسباب الإخفاق واﻹرتباك وكل ما يبعدنا عن دائرة الإبداع في التنظيم والتخطيط كما نراه في العالم من حولنا الذي قطعت اتحادته أشواطا طويلة في حسن التنظيم وإدخال منظومة الجودة في العمل والإستثمار، وإن كان من الضروري على الأندية في عصر احتراف الكرة ضرورة التحول إلى شركات لتكون مؤهلة للمشاركة في هذا التطور، فإن الباب يبقى مشرعا أمام الأندية ذاتها لتطرح السؤال من الجهة المعاكسة حول إجازة تراخيص عمل الجامعة فيما يخص الإحتراف والتنظيم ونظام المكافآت وما إلى ذلك من الأمور التي تدخل في إطار احتراف فعلي ومنهج.
ونحن الذين ﻇﻠﻠﻨﺎ ﻣﻊ ﻛﻞ ﺇﺧﻔﺎﻕ كروي ﻧﻨﺎﺩﻱ ﺑﺎﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﻭمعالجة كل الشوائب والسلبيات التي مازالت عالقة في محيط كرتنا، ﻭﻧﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺳﺮﻋﺔ طمئنة ﺍﻟﻮﺳﻂ ﺍلكروي ﺑﺤﻠﻮﻝ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻻ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﻋﻤﻖ ﺍﻹﺷﻜﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻧﻴﻬﺎ كرتنا، ﺣﻠﻮﻝ ﻋﺼﺮ ﻣﺜﻞ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻻ ﻳﺠﺪﻱ ﻣﻌﻬﺎ ﺳﻮﻯ ﻓﻜﺮ ﻣﺨﻄﻂ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﻜﺎﻓﻲ ﻭﺍﻹﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ، ﻓﻬﻞ ﻫﺬﺍ ﻣﺘﻮﻓﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ؟
بعيدا عن الشكل الذي انجلى عنه حصاد البطولة بمصافحة الرجاء للقبها، يجدر بنا القول أن الجانب التنظيمي والإداري الذي رافق الموسم، كونه الموسم العاشر من عصر الإحتراف جاء مشابها وإلى حد بعيد بالنسخ السالفة التي غابت عنها صفة الهواة، احتراف في تطبيقه لم يتضمن المعاني الحقيقية له عند النظر إلى المتطلبات الصعبة التي وضعت لإضفاء هذا المسمى على بطولتنا.
الحقيقة أن موسمنا المنتهي لم يترك معه من تغيير، إلا ذكرى من الأحداث السلبية للسنوات القليلة المنصرمة سنجدها متشابهة إلى حدود بعيدة في التداول والطرح وأيضا بقاء الأسئلة تدور في فلكها آليا بلا إجابات شافية، فلا الدوري الطويل دوري الشتاء والصيف اختزل أيامه وشهوره العجاف حرا وبردا، ولا الإدارة تحسنت بصورة ملحوظة عن سابقاتها بجميع اللجان بداية من العصبة مرورا بمديرية التحكيم ولجنة البرمجة وانتهاء بلجنة اﻹنضباط.
أعتقد جازما أن التجارب كانت خجولة إن وجدت وليس هناك من محاولات جادة لتجربتها أضف إلى ذلك أن كم المشاكل الإدارية والقانونية المستمرة لدى جامعتنا قد ألقى بظلاله على عمل المنظومة بصورة تامة وشل حركتها باتجاهات كثيرة جدا، واستنزف طاقة الجامعة ومجهوداتها وشل الأفكار أيضا، وهذا هو التفسير الوحيد لعدم قدرتنا التقدم لخطوة واحدة على أقل تقدير، بل التراجع خطوات إن صح القول.
واقع كروي بظواهره السلبية التي استشرت لدينا منذ سنوات عدة بدلا من تلك الصور الإيجابية عبر التاريخ، حتى باتت اﻹستثناءات قاعدة تشكل لدينا الأساس، ولم تعد جامعة الكرة بكل سلطتها ولوائحها الداخلية قادرة على التصرف في اللحظات الصعبة وما أكثرها في موسمنا المنتهي، والتي أنسب الكثير منها إلى تراخي الجامعة في تنفيذ قراراتها التي تتخذها، بسبب لغة المحاباة والمصالح التي باتت تحكم العلاقة بين المؤسستين والأندية المشاركة في البطولة، ليكون حلقة أخرى من مسلسل ممل بات يتهدد الكرة المغربية ككيان وحضور، والسبب دوما في اﻹزدواجية التي هيمنت على قرارات العصبة الإحترافية والتي جاءت متباينة إزاء حالات متماثلة، وبالنتيجة صار متاحا لأي ناد الإعتراض وتوجيه بلاغ شديد اللهجة، لأنه يرى في أي قرار تلك المحاباة التي تحاسب طرفا بشدة وتغض النظر عن طرف آخر ارتكب الخطأ نفسه.
هذا التراكم في أخطاء العصبة العصية، فتح على المؤسسة التي تدير شؤون الكرة أبوابا متتالية حملت سمة اﻹنتقاد أو اﻹتهام، ولم يكن رد العصبة مقنعا في كثير من قراراتها، هذا إذا لم يكن السكوت طبعا وموقفا في لحظات تستدعي التوضيح لإزالة اللبس.
الأصل في مشكلة ما يحدث على صعيد البطولة، يعود إلى تركيبة العصبة الإحترافية وأعني ارتباط أفراد مجلس اداراتها بأندية تلعب في البطولة، بعضها ينافس وآخر يبحث عن طوق النجاة، ما أتبث تقاطع الإرادات من ساحة اللعب والبحث عن الهدف إلى كواليس الإدارة.
تضارب المصالح لم يؤدي إلى صيغة مقبولة من التوافق واﻹنسجام، وهو ما أفرز عديد السلبيات طيلة الموسم الكروي، قد تكون تصوراتنا، أو حتى افتراضاتنا خاطئة تماما، لكن ما يدور من صراع خفي أو معلن لفرض الإرادات في كل القرارات داخل اللجان، هو بداية الضعف الشديد الذي اتسم به أداء الجهاز الوصي على البطولة، وانعكس على الليونة والترهل في قراراتها، والنتيجة أفرزت لنا طيلة الموسم فوضى عارمة من الأخطاء.
واقعيا ﺃﻓﻀﻞ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻧﻈﺮتنا للبطولة الوطنية لكرة ﺍﻟﻘﺪﻡ ﻧﻈﺮﺓ ﻭﺳﻄﻴﺔ ﻓﻼ ﻧﺘﻄﺮﻑ ﻭﻧﻌﺘﺒﺮها ﻭﺣﺪها ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻭﺍﻟﻬﺪﻑ ﻭﺻﺎحبة ﺍﻷﻭﻟﻮﻳﺔ على ﻣﺎﻋﺪﺍها ﻣﻦ ﻧﺸﺎﻃﺎﺕ ﻛﺮﻭﻳﺔ، وﻻﻧﻬﺒﻂ بها ﺃﻳﻀﺎ على ﺳﻠﻢ ﺍلإﻫﺘﻤﺎﻣﺎﺕ ﻭﻧﻌﺪها ﻣﺠﺮﺩ ﻭﺳﻴﻠﺔ لإﻋﺪﺍﺩ ﻭﺍﻛﺘﺸﺎﻑ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻤﻨﺘﺨﺒﺎﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، ﻭﺇﻧﻤﺎ يجب أن تكون ﻣﺰﻳﺠﺎ ﺑﻴﻦ ﻫﺬﺍ ﻭﺫﺍﻙ فهي ﻏﺎﻳﺔ ﻭﻭﺳﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻮﻗﺖ، ﻓﺒﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻧﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻟﺬﺍﺗﻬﺎ ﻭﻧﺄﺧﺬﻫﺎ ﺑﻜﻞ ﺟﺪﻳﺔ ﻭﻧﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﺎﺣﺘﺮﺍﻡ ﺷﺪﻳﺪ ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻓﻴﺔ ﺃﺷﺪ، ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﻣﺴﺘﻮﺍﻫﺎ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻌﻜﺲ ﺇﻳﺠﺎﺑﻴﺎ على ﻣﺴﺘﻮى المنتخبات الوطنية، ومشاركات الأندية خارجيا.