كتب : يونس مازا من كتابه ” عين رصدت “
ضمن الأسماء الوازنة التي أنجبتها الحاضرة السلاوية وساهمت مساهمة فعالة بعطاءاتها المتميزة وإنجازاتها الكبيرة في المسيرة الكروية المحلية والوطنية الحارس الدولي العملاق عبد اللطيف لعلو.
ولد عبد اللطيف لعلو عام 1952 بالمدينة العتيقة لسلا في حي يسمى رأس الشجرة، كباقي أقرانه لعب كرة القدم ضمن فرق الأحياء ولم يكن تفكيره متجها إلى موقع حراسة المرمى إلى أن شارك في دوري الشاطئ الذي جمع العديد من فرق الأحياء، إذ ذاك اتفق مع أعضاء فريقه على أن يؤمن لهم حراسة المرمى ضد فريق باب احساين، فكان أن تألق في ذلك الدوري بشكل لافت وليلتحق بالجمعية الرياضية السلاوية عام 1968 ولم يكن يعلم حينها أن مساره الرياضي سيصل به إلى قمة الممارسة الرياضية مع ألمع نجوم الكرة الوطنية وإلى احترافه للإدارة التقنية للفريق الوطني وغيره من الفرق الأجنبية.
انضم إلى فئة الكبار اعتبارا من سنة 1970 ليلعب مع لاعبين مرموقين من أمثال الحاج عباس صيكوك الذي رغب فريق اشبيلية الإسباني في ضمه إليه لولا رفض الجمعية السلاوية بحجة حداثة سنه الذي لم يكن يتحاوز 18 عاما، والحاج لمريني ومحمد البوعزاوي وعبد الحنين بن الجيلالي ومبارك الدكالي ومصطفى محروس وموح محمد وعبد الحنين لغزيل وعبد الله حرازة وغيرهم.
في الموسم الكروي الموالي لسنة انضمام لعلو لفئة الكبار سيصعد الفريق السلاوي للعب ضمن بطولة القسم الوطني الأول وليمكث فيه مدة 16 عاما على الرغم من ضعف الإمكانيات المادية.
كان عبد اللطيف لعلو علامة بارزة ضمن الفريق السلاوي من خلال مهارته في اللعب وما تحلى به من رغبة جامحة في العطاء والتألق ناهيك عما كان يتمتع به من انضباط والتزام وأخلاق حميدة، وكلها مؤهلات وصفات جعلته يحظى بموقع ضمن الفريق الوطني عام 1973، ومع المنتخب الوطني تم إحراز لقب أبطال العرب في سوريا موسم 1974-1975، ولقب كأس إفريقيا للأمم 1976-1977 وليظل هذا اللقب يعاني من اليتم منذ ذلك الحين، وفي موسم 1980 كان الحارس عبد اللطيف حاضرا مع الفريق الوطني حين فاز بالميدالية البرونزية لكأس إفريقيا للأمم بنيجيريا وقبلها مشاركا في نهائيات الكؤوس الإفريقية 1976 و 1978، وكان الفريق الوطني بحارسه المتألق لعلو قاب قوسين أو أدنى من التأهل لنهائيات كأس العالم 1977 لولا هزيمته بتونس أمام نظيره التونسي بضربات الجزاء، ونفس الأمر سيحدث عام 1981 مع المنتخب الكاميروني الذي تغلب على أسود الأطلس في مدينة القنيطرة بهدفين لصفر.
وضمن مسيرته الكروية سيسافر عبد اللطيف لعلو عام 1988 رفقة اللاعب محمد موح إلى مدينة أكادير ليلتحقا معا بفريق حسنية أكادير، وبفضل هذا الانضمام سيتمكن الفريق من الصعود للقسم الوطني الأول، وليمنح بعد ذلك لأنامله الذهبية راحة المتقاعد كلاعب ولينطلق نشاطه الرياضي كمدرب لفريقه الجمعية الرياضية السلاوية وبعدها فريق البريد المحمدي الرياضي ثم مدربا مساعدا للمنتخب الوطني للشبان إلى جانب رشيد الطاوسي الذي فاز بكاس إفريقيا للأم لمنتخبات الشبان التي جرت أطوارها بكل من مكناس وفاس سنة 1997، وفي سنة 2000 تولى مهمة المدرب المساعد للمنتخب الأولمبي رفقة هنري ميشيل، كما عمل مدربا مساعدا للبرتغالي أمبيرطو كويلو، ثم مدربا مساعدا للفريق الأول للإمارات إلى جانب الإطار هنري ميشيل، وفي سنة 2003 سينضم لعلو إلى الطاقم التقني للمدرب بادو الزاكي الذي تمكن من المشاركة في نهائي كأس إفريقيا بتونس عام 2004.
وختم الحارس الدولي حياته الرياضية كمؤطر في الإمارات العربية المتحدة عام 2014 بعد أن قضى مع نادي النصر مدة سبع سنوات مديرا تقنيا للفريق، وليشكل هذا المسار الرياضي الحافل بصمة أخرى من البصمات التي طبعت بها مدينة سلا سجل كرة القدم الوطنية بطابع التفرد والتميز.
حق للحارس العملاق أن يفخر بما حققه مع فرقه من إنجازات أكان لاعبا أو مؤطرا، وقد قص علي في مكالمة هاتفية تفاصيل تلك الإنجازات ونبرة صوته تملأها الحيوية والحماسة، لكن سرعان ما أحسست بنبرة مغايرة اعترت صوته وهو يحكي لي ما حدث مع المدير الرياضي لفريق إف سي برشلونة الذي قدم إلى المغرب عام 1978 بهدف التفاوض مع الجامعة الملكية لكرة القدم وفريق الجمعية الرياضية السلاوية بغاية ضمه إلى الفريق الكاطالاني، غير أن تلك المفاوضات آلت إلى الفشل بعد أن اصطدمت بقانون صادر عن الجامعة يقضي بمنع أي لاعب من الاحتراف خارج التراب الوطني ما لم يبلغ سن التاسعة والعشرين، والحال أن عبد اللطيف لعلو لم يستوف حينها هذا الشرط بفارق سنتين، وهو الشرط الذي لم يتردد محدثي في وصفه بالشرط المجحف.
ومن ضمن ما رواه لي عبد اللطيف لعلو في نفس المحادثة الهاتفية ذلك الحادث الذي وقع بأثيوبيا سنة 1976 وكاد يؤدي بحياة أفراد المنتخب الوطني المشارك آنذاك في منافسات كأس إفريقيا للأمم، فبعد أن تأهل المنتخب للدور الثاني من المنافسات كان عليه أن ينتقل من مدينة ديرداوا إلى العاصمة أديس أبابا حيث تقام باقي المباريات، غير أن الطائرة التي أقلت الفريق الوطني وهي من نوع charter كادت أن تسقط بفعل حريق شب في محركها، ولولا الألطاف الإلهية لوقعت الفاجعة أبعد الله عنا الفواجع ما بعدت السماوات السبع عن كوكب الأرض.