
بقلم: احمد العلمي
تؤدي حالات متعددة الى وضع سؤال عريض حول الوقائع التي تكون محددة في المكان والزمان، وتناقش وفق ما ينتج عنها من مخرجات، في المقابل تأخذ منحى اخر وتأويلا مجانبا للصواب في العالم الافتراضي، والمثال على ذلك ثلاث حالات الأولى تتعلق بالرياضة “الكرة الذهبية” والثانية تتعلق ب “مشاكل الصحة والوضع المزرى للمستشفيات الوطنية” واخرها يتعلق ب “النقاش السياسي” والتراشق بين بعض المحسوبين على المؤسسات الحزبية ، سواء منها تلك التي تقود الائتلاف الحكومي او التي هي في المعارضة.
الحالة الأولى: نجد ان لقب الكرة الذهبية والسباق المحموم بين اللاعبين ان داخل الملعب او خارجه، ثم ضغط وسائل الاعلام المرئية والمسموعة، بل تدحرج ذلك الى الافتراضي وخيم منذ مدة على وسائل التواصل الاجتماعي وبدأ الكل يرشح هذا عن ذاك، لاسيما وان لاعبا مغربيا يمثل افريقيا التي تعتبرها الدول الاوربية انها وصية عليها، ومنذ بداية يوم التتويج وعبارة الاستهجان تلف كل الوسائط الاجتماعية، الا ان تسريب المعلومة كان امرا مفتعلا حتى يتقبل المغاربة قاطبة وافريقيا “حتي هي ” بالعامية المغربية، ان الكرة الذهبية هي من حق من صنعها، ليخرج الافتراضي عن بكرة ابيه ويطالب برحيل حكيمي من قطب فرنسا ويخاصم قوة السلطة والمال المتحكم حاليا في دهاليز المنافسة الرياضية، حكيمي الذي حل سادسا في التقييم الذي قام به المختصون حسب المنظمين، بدا وكانه في معترك خصم هو في الحقيقة جزء من بيئته الرياضية ومعيشه اليومي. لكن في الافتراضي عدو يجب ان يقضى عليه.
الحالة الثانية: هي نقيض الأولى بحيث ان المسالة هي اجتماعية صرفة، وتتعلق بحق كوني ودستوري أي الحق في الصحة، وحتى دستور 2011 سمي بدستور الدولة الاجتماعية، لكن ما يهم اليوم هو مؤطر هذه الأفكار ” من الواقعي الى الافتراضي” فالواقع ان قطاع الصحة في المغرب متدهور، والمستشفيات الحالية لا تفي بالغرض بل اكثر من ذلك تبث ان المنظومة الصحية بئيسة وهشة كهشاشة رمال الشاطئ التي تنقرض مع تحول الزمان، لكن هذا الواقع هو كذلك انفضح بمجرد انتقاله الى العالم الافتراضي.
وزادت مرارتها بانتقال العدوى الى الافتراضي و ظهور “هشتاغ” مونديال الصحة والتعليم، فالأكيد انها ردة فعل سواء في الواقعي او الافتراضي، بسبب الفشل السياسي الذريع الحكومي والذي لا يمكن السكوت عنه، وان الترافع هو الواجب، والدفاع عن الحق رهين بإنجاح الياته، لكن مواجهته بعنف ارادي بنية مبيتة وتلميع الصورة لا تعكس حقيقة الامر، فالواقعي في هذه الحالة يتماشى مع الافتراضي لأنه يوازيه في الترافع كون الصحة صارت خدمة ولم تعد حقا.
الحالة الثالثة: هي تنابز بعض مكونات البيئية السياسية في المغرب، ويتعلق الامر بفئتين مختلفتين الأولى محسوبة على المعارضة التي تجد في قرب الانتخابات فرصة لحملة مسبقة فيها تدارك الموقف والعودة الى التدبير العمومي، والثانية محسوبة على الائتلاف الحكومي حيث تدافع عن نفسها وتلمع صورتها للحفاظ على استمراريتها، الا ان هذه الحالة هي عكس السابقتين، فشرارة النقاش والتراشق بالكلام بدأ في الافتراضي، لينتقل الى الواقعي أي بيئة الافتراضي هيمنت على الواقعي وجعلت من فيديوهات صنع محتواها من اجل تمرير رسالة معينة، تهوي بممارسة سياسية ملائمة قعد لها دستور المملكة وافرد لها الفصل السابع، وشرح أسسها والياتها ” تأطير المواطنين ثم الارتكاز على الديمقراطية”، وليس وضرب عرض الحائط والاستهتار بمفاهيم الديمقراطية،اذن فالحالة الثالثة هي تفسير لتأثير الافتراضي على الواقعي.
فالحالات الثلاث هناك موضوع للتحليل، تؤكد نمطية العلاقة السائدة اليوم بين الواقعي والافتراضي كجزئين منفصلين، لكنهما متأثرين في بعضهما البعض، ولا يمكن الاستهانة بتأثيرهما نظرا لأدوارهما، فهل سيتم تجاوز المفارقة التي بدت واضحة اليوم للعيان في علاقة الواقعي مع الافتراضي؟،وكيف ؟.
Views: 29