
بقلم: رشيد الياقوتي
أسدلت الرباط الستار على الدورة الثلاثين من المعرض الدولي للنشر والكتاب، التي نظّمتها وزارة الشباب والثقافة والتواصل بشراكة مع جهة الرباط-سلا-القنيطرة وولاية الجهة، في الفترة ما بين 18 و27 أبريل 2025. دورة وُصفت بالناجحة، سواء من حيث المشاركة أو من حيث الرؤية الثقافية التي حملتها، إذ لم تكن مجرد سوق للكتب، بل فضاء للحوار والاعتراف بالهوية المغربية في بعدها التعددي والمنفتح.
مشاركة قياسية وتنظيم رفيع
شارك في هذه الدورة 756 عارضاً، موزعين بين 292 عارضاً مباشراً و464 عارضاً بالوكالة، يمثلون 51 بلداً. أرقام تؤكد البعد الدولي للحدث، وعمق مكانته في خريطة المعارض الثقافية بالعالم العربي والإفريقي. وقد اقترح المعرض على زواره باقة واسعة تجاوزت 100 ألف عنوان، تنوعت بين علوم إنسانية، أدب، فكر، كتب للأطفال، وروايات مترجمة، ما جعل من التظاهرة مرآة حقيقية لثراء المعرفة المعاصرة.
الشارقة في ضيافة المغرب ومغاربة العالم في الواجهة
احتفى المعرض هذا العام بإمارة الشارقة كضيف شرف، تكريما لما تبذله من جهود ثقافية رائدة في دعم النشر والإبداع العربي. كما خُصّص حيزٌ مميز لمغاربة العالم، اعترافاً بمساهمتهم في إشعاع الهوية المغربية خارج الحدود، وتثمينا لدورهم في بناء الجسور بين الثقافات.
تصريح الوزير: الكتاب في قلب الرؤية الثقافية الجديدة
بمناسبة ترؤس صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد لحفل الافتتاح، صرح السيد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، أن المغرب ماض في تعزيز موقع الكتاب داخل منظومة الصناعات الثقافية، مشيرا إلى التفكير في تنظيم مناظرة وطنية حول واقع القراءة، في ظل التحديات الرقمية والذكاء الاصطناعي. دعوة عميقة لإعادة النظر في سبل التحفيز على القراءة، ولجعل الكتاب أكثر قربا من مختلف شرائح المجتمع.
زوار المعرض: إشادة صادقة بنجاح الدورة
طيلة عشرة أيام، عبّر زوار المعرض، من مختلف الأعمار والانتماءات، عن ارتياحهم لجو المعرض، سواء من حيث جودة التنظيم أو تنوع المعروضات. ورغم زخم الأنشطة، حافظت الدورة على توازن دقيق بين الإبداع والبحث الأكاديمي، بين الحضور الجماهيري وروح التلقّي الواعي. إشادة عامة، اتسمت بالصدق، دون أن تنزلق إلى مجاملة مبالغ فيها.
ما بعد الدورة الثلاثين لن يكون كما قبلها. لقد خطّ المعرض لنفسه ملامح جديدة، تؤهّله ليكون مختبرا سنويا لصياغة سياسة ثقافية طموحة. وفي زمن يعج بالتحديات، بدا الكتاب في الرباط كجسرٍ مفتوح على الأمل، وكقيمة ثابتة في عالم يتغير.