بدر شاشا باحث
تحذير شديد اللهجة يجب أن يصدر الآن قبل فوات الأوان حول ما يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب الأمر أصبح يخرج عن السيطرة والأضرار التي تتسبب بها هذه المنصات الاجتماعية بدأت تتغلغل في نسيج المجتمع بشكل خطير ومقلق. مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت في البداية وسيلة للتواصل وتبادل الأفكار والثقافات أصبحت اليوم أداة تهدد استقرار الأسر والمجتمع ككل ما نراه اليوم على هذه المواقع من تشتت الأسر وارتفاع نسب الطلاق لم يعد مجرد حالات فردية أو استثنائية بل أصبح ظاهرة متفشية يجب الوقوف عندها طويلاً لقد أصبحنا نشاهد الأخبار العائلية الخاصة والصراعات الزوجية تتداول على مرأى ومسمع من الجميع فهناك من يلجأ إلى نشر كل تفاصيل حياته اليومية بما فيها من خلافات زوجية أو مشاكل أسرية بشكل مباشر على هذه المنصات الأمر الذي لم يكن يحدث بهذه الجرأة قبل أن تأتي هذه التكنولوجيا لتفتح باباً واسعاً أمام فضح الأسرار والخصوصيات.
المشهد يزداد سوءاً عندما نشاهد البكاء المباشر عبر البث الحي الذي يعبر فيه الأفراد عن مظالمهم واحتياجاتهم في سبيل الحصول على المال أو الدعم المالي. هذه السلوكيات التي لم تكن يوماً جزءاً من ثقافتنا أو من عاداتنا الاجتماعية أصبحت تنتشر كالنار في الهشيم على هذه المنصات وكأن الكرامة الإنسانية أصبحت مسألة ثانوية أمام السعي وراء المكاسب المادية. كيف وصلنا إلى هذا الحد؟ كيف أصبح المال هو المحور الرئيسي لكل ما يُنشر ويتداول على هذه المنصات؟ أصبحت المسابقات الخطيرة والنصب والاحتيال تنتشر بين الشباب والنساء وحتى كبار السن الجميع أصبح ضحية لهذه المواقع التي لا تهدف سوى للربح على حساب القيم والمبادئ.
من المؤسف جداً أن نجد في هذه المواقع فتيات لا يتجاوزن سن المراهقة يمتهنّ الرقص والعري وكأن هذه السلوكيات أصبحت عادية في مجتمعنا. هذا التغيير السريع في السلوكيات والقيم يجعلنا نقف أمام تحديات اجتماعية غير مسبوقة الفتيات القاصرات وغيرهن يتوجهن إلى استخدام هذه المنصات للظهور وكسب المال عبر أداء أفعال لا تليق بمجتمع محافظ كالمغرب هذا الوضع ليس مجرد ظاهرة عابرة بل هو مؤثر عميق في كيفية تفكير الأجيال الجديدة في مستقبلهم وفي قيمهم أخلاقياً واجتماعياً.
ما نراه اليوم هو أن الكلام الفاحش والإيحاءات الجنسية أصبحت أمراً عادياً ومتداولاً على مواقع التواصل وكأن هذه المنصات أصبحت ساحة مفتوحة لنشر كل ما هو غير لائق وغير أخلاقي. الناس ينشرون حياتهم اليومية تحت عنوان “روتيني اليومي” الذي تحول إلى نافذة لإظهار كل ما هو خاص وغير لائق .الفجوة تتسع بين الأجيال وبين ما كنا نعرفه من قيم ومبادئ وما نراه اليوم من انحدار أخلاقي واضح في السلوكيات والأفعال.
إذا استمر الوضع على هذا المنوال فإن المجتمع المغربي سيواجه تحديات كبيرة في المستقبل ليس فقط على المستوى الفردي والنفسي بل على مستوى الأسرة والمجتمع ككل .فالأسرة التي هي أساس المجتمع مهددة بالانهيار بسبب هذه التغيرات السريعة في القيم والسلوكيات إذا لم يتم التدخل الفوري لضبط وتنظيم مواقع التواصل الاجتماعي فإننا سنواجه مستقبلاً مظلماً مليئاً بالمشاكل النفسية والاجتماعية التي ستؤثر على أجيالنا القادمة.
التدمير النفسي الذي يعاني منه الكثير من الأفراد الآن سيتفاقم في المستقبل لن يكون من السهل إعادة بناء الثقة داخل الأسرة ولا إعادة توجيه الشباب نحو القيم الصحيحة بعد أن تسيطر هذه المواقع على عقولهم وسلوكياتهم نحن بحاجة إلى حلول جذرية لتقنين وتنظيم استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب. يجب وضع قوانين صارمة تمنع نشر المحتويات التي تسيء إلى الأخلاق والقيم وتضر بنسيج المجتمع.
المسؤولية تقع على عاتق الجميع من الدولة إلى الأفراد يجب أن ندرك أن مواقع التواصل الاجتماعي قد تكون وسيلة للبناء أو وسيلة للتدمير وإذا تركنا الأمور تسير دون تدخل فسنواجه انهياراً اجتماعياً لا محالة.