
طارق المعروفي
الملكية المشتركة في العمارات المجزأة إلى شقق و طبقات ،تجسد ازدواجية بين الملكية الخاصة و الملكية المشاعة. يمارس المالك جميع حقوقه التي تمنحه إياها ملكيته الخاصة للشقة التي يملكها، و في نفس الوقت تترتب في ذمته التزامات اتجاه إتحاد الملاك.
نظرا للنمو الديمغرافي الذي شهده المغرب في السنين الأخيرة ،و الهجرة المكثفة إلى المدينة ، صاحب ذلك توسع في العمران و ارتفاع في ثمن العقارات نتيجة الضغط المتزايد للطلب، كما يلاحظ في نفس الوقت انتشار متزايد للملكية المشتركة في العمارات و المجمعات السكنية . و قد حدد القانون الأسس التي تقوم عليها هذه الملكية المشتركة وحدد حقوق وواجبات الملاك المشتركين على مختلف أجزاء العقار.
و حتى لا نغوص في الإطار القانوني لهذا الموضوع ،سوف نعالج و نوضح باختصار منابع المشاكل التي تتخبط فيها بعض العمارات و المجمعات السكنية ،على اعتبار أن لكل واحدة منها أجزاء مشتركة، مثل السلالم و المصعد و السطح و المرأب ،أضف إلى ذلك المناطق الخضراء في بعض المجمعات.
و حتى يتم الحفاظ على هذه الأجزاء، و من أجل استغلالها من طرف جميع المالكين و الانتفاع بها ، هناك المساهمة الشهرية التي يدفعها الملاكون إلى اتحاد السكان أو “السانديك” أو الجمعية السكنية ،من أجل الحراسة و النظافة و الصيانة والتتبع و ما إلى ذلك.
إلا أنه يلاحظ أن بعض الناس ربما يجهلون هذه الالتزامات أو يتجاهلونها ،مما يؤدي إلى نقصان في المداخيل، و عدم التمكن من الحفاظ على المناطق المشتركة، و هذا ينعكس سلبا على البيئة ،و يجعل الملكية المشتركة في مهب الريح .
و مما يثير التعجب هو أن هؤلاء الأشخاص الذين يمتنعون عن الأداء أو يتماطلون في ذلك، لا يمكنهم بأي حال من الأحوال أن ينهجوا نفس الأسلوب مع الإدارات الأخرى، مثل الضرائب و فواتير الماء و الكهرباء والهاتف و ما إلى ذلك .فهم يعتبرون أن تلك المساهمة الشهرية لصيانة هذه المرافق كتطوع منهم و لا تلزمهم مع أنهم ينتفعون بها. فبالرغم من صدور القوانين المتعلقة بهذا الموضوع، فإن المشاكل التي تعرفها بعض العمارات تتشعب و تختنق نتيجة سلوك بعض المتعجرفين الخارجين عن الإطار القانوني، و الذين يستفيدون من تلك المرافق بدون أداء الواجب . و هنا قد يتذمر السكان الآخرون ،الذين يتوقف بعضهم عن الأداء حتى يؤدي الجميع ،فتتعطل الخدمات مثل النظافة و الحراسة .
و لردع المتقاعسين عن الأداء، يتم اللجوء إلى المتابعة القضائية، و هنا تدخل في دوامة و إشكالية صعبة و معقدة، نظرا للمسطرة المتبعة، و المصاريف الواجب أداؤها عن كل ملف، و تتعلق بالخصوص بمصاريف العون القضائي و المحامي والمحكمة، و تنتظر بعد ذلك الشهور بل و الأعوام ليقول القضاء كلمته.و قد برهنت التجربة أن مؤسسة “السانديك” عجزت عن إيجاد الحلول الجذرية و السريعة و الفعالة في هذا الموضوع، و بطبيعة الحال هناك العمارات و المجمعات السكنية التي تتوفر على ساكنة في المستوى الأخلاقي و الاجتماعي و الوطني، و التي لا تعرف مثل هذه الممارسات الدنيئة .كما أن هناك بعض العمارات و المجمعات السكنية التي لجأت إلى خدمات الشركات الخاصة لتدبير هذه المرافق، حتى لا يبقى رئيس الجمعية أو “السانديك” في مواجهة مع الساكنة .
لطالما تطرقنا لهذا الموضوع الذي تعاني منه بعض العمارات، إلا أنه يلاحظ دائما وجود ما لا أريد تسميتهم احتراما للقراء، هؤلاء الذين لا يسايرون تطور المدينة و العمل يدا في يد للرقي بالعمارة و المجمع السكني و الحي ،حتى يكونوا مواطنين صالحين يحبون للمجتمع و البلد ما يحبونه لأنفسهم .