محترفون مقالب

جسر التواصل17 يوليو 2022آخر تحديث :
محترفون مقالب

عمر عاقيل

لا يمكن تحقيق القناعة التامة أو الغاية الفعلية في آن واحد فيما يخص مسألة تعاقد الأندية الوطنية مع اللاعبين الأجانب، إذا اخذنا بعين الإعتبار البصمة يفترض من المحترف الأجتبي أن يصنع من خلالها الفارق مقارنة بمستوى اللاعب المحلي، أو الإرتقاء بمستوى الفريق أولا والبطولة بشكل عام، وعليه فإن عديد الأسماء التي يطلق عليها صفة (محترف) هي في الأصل مقالب بعيدة كل البعد عن الإحتراف الذي عرفناه طيلة المواسم الماضية.
وهو مما لا شك فيه مسؤولية تتحملها الأندية الوطنية بسبب سوء الإختيار، كانت أحد أسباب تصدع وشلل في مراكز عديد الأندية، باعتمادها على شريك أساسي لم يقوى على صناعة الإنجاز الذي ننشد إليه وهو اللاعب المحترف الذي فشل في التأكيد على قدراته وأدائه وما يفترض أن يقدمه لفريقه والدفاع عن شعاره في منافسات أقل ما يمكن أن نقول عنها بأنها كانت غير جديرة بتواجد أسماء لم تكن لديها أي تأثير يذكر، بل لم تكن لائقة لا بتاريخها ولا بسجلها بتواجد لاعبين من خارج البلاد، وهناك العشرات من اللاعبين المحليين أفضل منهم ومن مستوياتهم وامكانياتهم.
لا أريد هنا أن أعمم أو أجزم بأن الجميع كان بعيد كل البعد عن حقيقته، لكن النسبة الأكبر لم تتفوق في مستواها الفني على مستوى اللاعب المحلي، إن لم أقل بإن لاعبينا تفوقوا على من آتى بهم الزمن ليسجلوا مشاركتهم مع فرقنا في دورينا الكروي ومشاركاتهم الخارجية، بل أن هناك لاعبين من جنسيات مختلفة جنوب الصحراء كانوا وبالا على فرقهم وتسببوا في تراجعهم في النتائج والمراكز، مثلما كان البعض الآخر قد تعرض لهبوط غريب في مستواه، بينما جلس الكثير منهم على دكة البدلاء نتيجة إختلاف القناعات الفنية للمدربين الذين تعرض بعضهم لما يمكن أن نسميه بالمقالب بعد سقطوا في فخ صفة المحترف غير الأجنبي خلال المنافسات.
بالتأكيد من الوجوه المهمة والمؤثرة في سلم ارتقاء نتائج أنديتها على غرار مهاجم الوداد وهداف البطولة مبينزا، لكن الحقيقة كما أشرت، أن أكثرية اللاعبين المحترفين لم يكونوا سوى تكملة عدد لبعض الفرق، حتى أن إدارات الأندية بالإتفاق مع الأجهزة الفنية عملت على التخلص من البعض منهم في فترة الإنتقالات الشتوية، مثلما كان بعض اللاعبين قد خرج ولم يعد وأوقع الأندية في مشاكل نتيجة سوء اختيار الإدارات في الحصول على ضمانات أولا تحفظ حقوقها المادية.
ما يحدث بموضوع ملف التعاقدات مع اللاعبين الأجانب، وأكررها للمرة الألف، أنها تفتح أبوابا مالية يفترض أن تحاسب عليها المجالس، نتيجة كسب المبالغ من قبل الوسطاء، وتضع واقع البطولة منهارا لاحقا من حيث الأداء الفني بشكل عام، وتضرر خزينة بعض الأندية المالية نتيجة تراكم الديون، لأن التطور الذي يفترض أن يحدث لا يمكن أن يحدث بواسطة المحترفين، أو حتى الإرتقاء الفني، لا يمكن أن نصل إليه بوجود هكذا طريقة تنتج عنها تعاقدات، بسبب مشاهدة لفيديو عن لاعب أو بتوصية من وسيط أو اختبار لساعات يتجاوز فيها اللاعب المعني درجات القناعة، ويسقط في خانة الإمتحان النهائي.
أتفق مع كل ما تقدم من ملخصات إيجابية تعطي المحترفين مكانة مهمة ومؤثرة لصالح البطولة بمسماها الإحترافي، لأنه بلا شك سيرتقي بالمنافسات المحلية، انطلاقا من أجواء الأندية التي هي صانعة النجوم، لتبقى بعض الأسئلة موضع تساؤل بشأن من يجلب اللاعبين المحترفين أولا وحقيقة مستوياتهم أو الدرجة التصنيفية التي يمكن لها أن تخدم لاعبينا في نهاية المطاف؟ أما الأهم من كل ذلك، هو أن اللاعب الشباب سيكونون خارج دائرة الأضواء، بعيدا عن المشاركة، لأن مشاركة اللاعب الأجنبي تحرمه في كثير من المناسبات فرصة أحقيتهم المشاركة؟
في اعتقادي أن آلية جلب المحترفين، تتم في أحايين كثيرة نتيجة للتسرع وقلة الخبرة في إبرام العقود، خاصة من ناحية عدم القضاء على ظاهرة التعامل المالي بالآجل والديون التي تراكمت على إدارات الأندية وسوء الإستثمار في هذا الاتجاه، في وقت برزت في الساحة أسماء لسماسرة ووسطاء يتحملون الوزر الاكبر جراء تبعات اختياراتهم الفاشلة لغرض في نفس يعقوب، يساهمون في تقريب وجهات النظر بين الطرفين، مما يساهم في كثير من لعنات الحظ التي دفعت ثمن أخطاءها الأندية الوطنية منذ مواسم عدة، خيل لهم في صفقات أنهم أفضل لاعبي أفريقيا، غير أن الحقيقة المرة أن نسبة نجاحهم الفعلي كانت أقل من 10 بالمائة من الواقع الذي عاشته الأندية ودفعت ثمنها بطولتنا في نهاية الأمر.
وإذا كان الحديث قد أخذنا إلى موضوع مستويات المحترفين التي شابتها الشبهات في بحر المواسم الماضية، غير أن قرار زيادة عدد المحترفين، قد تدفع ثمنه مواهبنا أو أولئك اللاعبين الذين لم ينالوا فرصة اللعب مع فرقهم أو حتى أولئك الذين لن يجدوا مكانة لهم في دكة البدلاء، وهو ما يعني أن الجامعة ستسهم في قتل الإمكانيات وتعطل من فرص استمرارية عطائهم في المنافسات الرسمية.
ما يعني أن ذلك سيؤثر لا محالة على مستوى منتخباتنا الوطنية السنية، مثلما يسهم في تغييب لاعبين سنكون بأمس الحاجة لعطائهم، إذ من غير المعقول أن نعود إلى المربع الأول، وننهي مسيرة لاعبينا بأيدينا ونتجه إلى جلب محترفين تقل أسعارهم بكثير من المال عن قيمة وأجور اللاعبين أنفسهم، إذ أن المعادلة اليوم مغلوطة تماما، وهي ما دفعت بعض الأندية إلى جلب أربعة محترفين، تعادل أسعارهم ومستحقّاتهم قيمة لاعب محلي واحد.

الاخبار العاجلة