
عمر عاقيـــــــــــــــــل

يحق للكرة الأفريقية والعربية أن تفتخر بالقيمة الكبيرة التي قدمها المنتخب المغربي في نهائيات كأس العالم للشباب، بمستواه المميز أمام أقوى المنتخبات العالمية، وتجاوزه لدور المجموعات كمتصدر للمجموعة، ليس لأنه تجاوز منتخبين من قيمة اسبانيا والبرازيل، بل وحتى على مستوى اللحظات التي رافقت مسيرته في دور المجموعات، ذهبت إلى التأكيد وبما لا يدع مجالا للشك، عن القيمة الإحترافية والنضوج الفكري والمهني للاعبي المنتخب الوطني، نجحت في تقديم ملحمة كروية بكل ما تحمله الكلمة من أمثلة ومعنى.
إن ما قدمه أشبال الأطلس يستحق أن يتم الوقوف معه في أكثر من مشهد ومثال، ذلك إذا ما تحدثنا في البداية عن القيمة الكبيرة الذي تحول إليها المنتخب المغربي في مشواره لحد الآن، وكيف أنه تعامل مع مجريات المباريات بذكاء وفطنة حتى عن بقية أغلب المنتخبات المشاركة، ونجح في رفع مستوى انسجامه، وانصهاره في أداء متكامل رفيع المستوى، وبين مباراته الأولى أمام المنتخب الإسباني، والثانية أمام المنتخب البرازيلي، وحتى ما قدمه اللاعبون أمام المكسيك بالرغم من الهزيمة وبتشكيلة مختلفة لم يظهر أي فارق في المستوى بين المنتخبات، وأكد المنتخب المغربي بلاعبيه أصحاب الثقافة الأوروبية كيفية التعامل مع مجريات المباريات، وطريقة تفريق الجهد على حسب دقائق المباريات، وفق ما تستحقه كل مباراة، بتناغم مستوى لاعبيه، ليس بالركض غير المجدي واستنفاد ما يمكن أن يكون من مخزون طاقي وإجهاد بدني.
لم يكتف المنتخب الوطني بالظهور المتدرج والذي بلغ ذروته حتى آخر دقائق المباراة، بل وأيضا نجح في الإنضباط الإنفعالي لحظة خسارته للسيطرة الميدانية وهو في حالات أقرب للتفريط في الفوز، ولم يستفز أو يذهب إلى حالات خارج الإطار الأخلاقي، وحافط اللاعبون على هدوئهم وتركيزهم، ما مكنهم من التأهل عن جدارة واستحقاق، وهي الصورة التي يفترض الوقوف معها، والتركيز على أن ثقافة اللاعب المغربي في التعامل مع اللحظات الصعبة من المباريات أصبحت عادة ما تظل في انتظار ما يمكن أن تجود به كرة القدم من فرص، من الدقيقة الأولى وحتى الأخيرة من عمر المباراة، خدمت بشكل كبير خزان المواهب المغربية التي تشكل وفرة للمستقبل الكروي ببلادنا.
وعندما نتحدث عن أفضلية وجدارة تأهل المنتخب وتصدره المجموعة عن جدارة واستحقاق، فمن الضروري أيضا الوقوف عند ما قدمه من مشاهد وعبر تجسدت في التوزيع السليم للقدرات والجهد المبذول، إلى جانب الثقة بالنفس التي تميزت بها النخبة الوطنية، بقدر ما أضحى عليه اللاعب المغربي من تميز على مستوى السرعة، وأيضا المهارة الفردية العالية، وهي بالقيمة التي تؤكد جاهزية اللاعب المغربي على الإنصهار في بوتقة الكرة العالمية، أكثر بكثير من اللاعب الإفريقي والعربي، ذلك إذا ما أكدنا أن كرة القدم المغربية نجحت في التأسيس لعدد كبير من الأسماء.
ان ما قدمه أشبال الأطلس في كأس العالم، يفترض أن يتم الإفتخار به والبناء عليه من كافة أطراف الكرة المغربية، والإيمان في صناعة كرة قدم مغربية متطورة، وليس مجرد هواية وانطباعات مستقبلية على ورق، إذا لم يكن لديها القدرة السليمة على التخطيط والقراءة السليمة للمستقبل، فلا يمكن للأموال أن تقدم الجديد المنتظر، حتى وأن تفوقت على أوروبا وعلى العالم في مستوى الإنفاق.
عندما ذهبت في مقالات سابقة للتأكيد عن قيمة المدرب الوطني، وكيف أنه نجح من فرض هويته وشخصيته على الصورة العامة التي تظهر عليها المنتخبات الوطنية، فقد كنت أعي جيدا حالة الهدوء والإتزان في اختيار الأسماء المناسبة التي تحمل الصفات والسمات القيادية، وذهبت للتأكيد من قيمة العمل الذي شاركت في إبرازه، والمستوى المتميز الذي وصلت إليه المنتخبات الوطنية.
أعتقد وبعد الأداء الجيد لأشبال الأطلس، يمكن أن تكون الصورة قد وضحت تماما، لمن كان يذهب إلى التقليل من قيمة الإطار الوطني، وربط نتائجه ليس أكثر من محطات الصدف أو المفاجأة، وفي حالة وهبي، أكدت النتائج بما لا يدع مجالا للشك، أن هنالك عملا كبيرا يقوم به، وبصمة مؤثرة تمكن في إضافتها، ليس على مستوى المنتخب في مظهره العام فقط، بل وأيضا على مستوى اللاعبين كأفراد والذين تمكنوا في تسجيل حضورهم وأداءهم الوظيفي الجيد فوق أرضية الملعب، وهي مؤشرات تذهب للتعزيز من القدرات التي يملكها وأشرت في أكثر من مناسبة لمن يهمهم أمر المدرب الوطني.
Views: 31







