رشيد أبوتاج : الموسيقى المغربية غارقة في مستنقعات التهجين والابتذال تحت يافطة العولمة الثقافية

جسر التواصل25 ديسمبر 2019آخر تحديث :
رشيد أبوتاج : الموسيقى المغربية غارقة في مستنقعات التهجين والابتذال تحت يافطة العولمة الثقافية

الباحث الاستاذ رشيد جبار للصحيفة الغراء المنعطف

وصف رشيد جبار الأستاذ الباحث في تراث وتاريخ المغرب، واقع الموسيقى المغربية اليوم بـ”الغارقة في مستنقعات التهجين والرداءة والابتذال تحت يافطة العولمة الثقافية” وهو ما يدعو بحسبه إلى “السخط والتذمر إذا ما قارناه بمنتوج العصر الذهبي للأغنية المغربية”.

وبعد مرور عقدين من عمر ما يصطلح عليها بـ”تجربة الموجة الشبابية” قال جبار إنها تجربة لم نجن منها “غير جيل مغترب عن ثقافته وانتمائه وموروثه”، جيل بنى لنفسه مجدا فنيا واهما، وفق المتحدث و”شيّد لذاته صرحا من خيال واستوطنه… وماذا عسانا نجنيه من ثقافة الاستنساخ التي اجترّها هذا الجيل من ثقافة الغرب وصرفها بضاعة لمتلق أضاع بوصلة الإتجاهات كلها”.

وتابع في حوار أجرته معه الصحيفة الغراء المنعطف نهاية الأسبوع الماضي “ماتت الأغنية بعدما ماتت الكلمة… فسر نجاح العمل الفني يكمن في تجانس وتكامل مخيال الشاعر، وروح الملحن، وتمكن المطرب ، وحرفنة الموزع. والحقيقة المُرّة أن أول ما أضاعه الجيل الحالي من مقومات الأغنية المغربية هو سحر الكلمة وعمقها”.

وأوضح أن المعاصرة ليست حجة كافية لاحتقار الماضي.. “فلا أحد يعارض أو ينفي بأن الألفية الثانية لا تخلو من أصوات لامعة وعازفين مهرة وتقنيين متميزين، لكن أغلبية الراصدين للحالة الغنائية تؤكد أن القطيعة التي أحدثت بين الماضي والحاضر هيأت لنا -بإسم العولمة حينا وحوار الثقافات حينا آخر- جيلا من المستمعين لا يستهويه من غذاء الروح إلا ما حُضِّرَ له من أطباق استطابها ذوقه ونفر منها الذوق العام”
وأضاف الباحث في الحوار ذاته “لم تخل مرحلة واحدة في تاريخ المغرب الفني من التجديد والتحديث… فالظاهرة الغيوانية وما أثمرت بعدها من مجموعات رائعة، كانت لسان حال موجة التحرر عربيا. وصمودها في الزمن مرده لا إلى تشبُّهها بالبي جيس ولا بالرولينغ ستون، بل بتجاوبها مع الشعب والتعبير عن همومه، وبث قضاياه ومطالب مهمشيه.. أوفياء في كل ذلك الإحتجاج الراقي لإرثهم الثقافي الشعبي لا للمال ولا للشهرة”.

كما أبرز أن “الإبداع الحقيقي أيها السادة ليس من خصوصياته الخطاب الماجن، ولا الإيقاع الصاخب، ولا الرقص القائم على إيحاءات جنسية، ولا تسخير الخصور الممتلئة، ولا الصدور العارية في حمامات السباحة.. إن بعض ما أشرت له تلميحا أو تصريحا، لا أجد غضاضة في تسميته “عُهْرًا فَنِّيًّا” تَوَرَّمَ، ويجب استئصاله مهما كان الخيار صعبا”.

من جهة ثانية أشار جبار أنه “إذا كانت غاية المروجين لهذا “العُهْرِ الفني” هو الشهرة وتحقيق البوز، بحصد أكبر عدد من المشاهدات، وتصدُّر قوائم الطوندونس، والربح السريع، فإن الملوم هنا قبل الموجة الشبابية هم شركات الإنتاج التي أخذت كرهينة كل وسائل الإعلام السمعي البصري وقايضت ولاءاتنا للأسرة والمجتمع مقابل القفز على أعلى حواجز الإنتشار والمشاهدات ومداخيل الإشهار. وهي في هذا الحال تسير على خطى تلك “الطفيليات الفنية” من أجل تخريب ما تبقى من الذوق العام والتطبيع مع الرداءة الفنية؟”.

وللخروج من هذا الواقع المنحدر للأغنية اقترح ضرورة الانطلاق من “نهضة فنية جديدة يمر عبر بوابة التشخيص الدقيق لراهن الحال، وتحديد حجم تأثيراته السلبية على شباب المستقبل الذي يكاد يفقد بعد أصالته هويته وروح إنتمائه للوطن.. “

وختم متأسفا “هناك إرادات تسعى وسعت للعب دور مجحف في حق فناني ومبدعي الأغنية العصرية، وصرحت من موقع مسؤوليتها الوازنة على رأس أهم قطاع بإعلامنا الرسمي أنها تصر على إحداث قطيعة مع 30 سنة من إبداع الأغنية العصرية، وفتح المجال للجيل الحاضر ليعيد ترتيب بيت الذوق الفني المغربي..” مستدركا “لهذا المسؤول “الكبير” أقول أنك تستحق كل التنويه لأنك أديت المهمة التي سطرتها -من عشر سنوات خلت- وأن البيت الذي ترى أنك رفعت دعائمه لا يعدو أن يكون قصرا من رمال آيل عاجلا أم آجلا إلى زوال.. ولا يصح إلا الصحيح”.
عن الصحيفة الغراء المنعطف

الاخبار العاجلة