الكاتب والباحث طارق المعروفي يكتب في حديث الاثنين : “الوجه الآخر للخارج “

جسر التواصل13 أغسطس 2023آخر تحديث :
الكاتب والباحث طارق المعروفي يكتب في حديث الاثنين : “الوجه الآخر للخارج “

طارق المعروفي

نقصد بالخارج تلك الدول الأوربية المتقدمة، و التي يقال إنها تنعم بالحرية و الديمقراطية و المساواة و احترام القانون و تطبيقه، و ما إلى ذلك من المميزات الظاهرية.إلا أن الوجه الآخر لهذه الدول، و هو الوجه الباطني، فإن تعامل بعض سكان هذه الدول مع الأجانب، يضع عدة علامات الاستفهام.
و هنا سوف أحكي لكم و باختصار، ما وقع لي شخصيا في ثلاث دول مختلفة :
* الحدث الأول، و هو أنني كنت في ضواحي باريس في الجهة الغربية، و إذا بي أصادف سوقا في إحدى الشوارع حيث يتم عرض الألبسة بالتخفيض، فبدأت أبحث عن معطف و لم أجد مقاسي، و كانت في يدي حقيبة زرقاء أضع فيها كل ما أشتريه.و في الأسبوع الموالي، و بينما كنت في الجهة الشرقية من باريس ، فإذا بي أصادف سوقا آخر في الشارع، فبدأت أبحث عن المعطف الذي يلائمني، و فجأة وقفت البائعة أمامي تنظر إلي باستغراب و شراسة و تقول لي : ماذا تريد؟ أجبتها أنني أريد معطفا و مع الأسف لم أجد مقاسي. ذهبت المرأة عند صديقتها البائعة في جوارها، و أخذت تقول لها بصوت مرتفع: أنظري إلى هذا الرجل، إنني أتذكر أنه كان في الأسبوع الفارط في السوق الفلاني و لم يشتري أي حاجة ، و اليوم هاهو بمحفظته الزرقاء دائما يبحث هنا و هناك و لا يشتري … إنضم إلى السيدتين بائعين آخرين، و كثر الحديث وأخذ الفضوليون يتجمهرون، و أصبح الجميع يشير بأصابعه نحوي .آنذاك قلت مع نفسي ،علي أن أترك هذا المكان و إلا سيتم المناداة على الشرطة و تلفق بي تهمة. و لحسن الحظ ، وقفت في الشارع حافلة، صعدت فيها بدون أن أعرف اتجاهها، و أنا في الحافلة أنظر إلى البشر الذي تكاثر و تجمهر لمعرفة ما طرأ، و هو أنني لا بد أن أشري و إلا فإن جميع الشبهات تلاحقني .
* الحدث الثاني وقع في بروكسيل ،حيث كنت في إحدى الفنادق مع بعض الأصدقاء ،خرجنا في المساء لتناول وجبة العشاء في مطعم لا يبعد عن الفندق، و بينما نحن في العودة ،إذا بسيارة الشرطة تقف أمامنا و يطلب منا أحد أفراد الشرطة أوراق التعريف. و ما أن أردت أن أدخل يدي في جيبي لإعطائه جواز السفر، حتى رماني الشرطي بعنف على السيارة و قال لي:ضع يدك فوق رأسك و لا تتحرك.هذه اللقطة كنت أراها فقط في الأفلام، و ها هي اليوم تطبق علي . بقيت مستلقيا على السيارة و هو يفتشني، ثم تم إخلاء سبيلنا بعد عدة استفسارات. حكيت القصة لصاحب الأوطيل فأجابني: أنت محظوظ ، كان من الممكن أن يطلق عليك النار بحجة الدفاع عن النفس سيما و أنت أجنبي ، لا تدخل يدك في جيبك .
* القصة الثالثة في ألمانيا، حيث وصلت إلى المطار، و أخذ مراقب الجوازات يستفسرني عن عدة أشياء و ذلك باللغة الألمانية. طلبت منه أن أجيبه بالفرنسية، فامتنع و صرخ في وجهي: نحن هنا في ألمانيا و ليس في فرنسا و عليك أن تجيبني بالألمانية. و لحسن الحظ كنت أفهم و أتكلم بصعوبة هذه اللغة. سألني عن العائلة التي سأزورها ،عنوانها و رقم هاتفها و المهنة و أشياء أخرى، ثم عن مدة الإقامة و هي أسبوع فقط، و الإمكانيات المالية ، كما أراد الاطلاع على تذكرة العودة إلى البلد. و حينها تذكرت الاستقبال الذي نقيمه للأجانب في المغرب حيث الابتسامة على محيى جميع العاملين في المطار، دون أن ننسى تقديم الشاي و الحلوى و الماء و الترحيب بهم .
هذه الأحداث و أخرى عشتها في الخارج منذ مدة و لا زالت راسخة في ذهني، و لا أعتقد بأن الأمور قد تحسنت أو تغيرت، و لهذا لا تغرنكم المظاهر و التصريحات الرنانة و أبواق الإعلام الأجنبي المتعصب .
و ربما هي حالات معزولة، لا يجب أن نعممها على جميع الناس، إلا أن التعامل مع الأجانب في تلك الدول يختلف في بعض الأحيان مع سلوكنا اتجاه الأجنبي و الذي نكن له كل الاحترام و التقدير طبقا لتربيتنا و قيمنا.و هذا هو الوجه الآخر للخارج.

الاخبار العاجلة