جسر التواصل خاص
يسعدني ويشرفني أيها الأصدقاء وأيتها الصديقات أن أزف إليكم خبر صدور كتابي الجديد ” الحصار الفايسبوكي يوميات وشهادات” الصادر حديثا عن دار النشر افريقيا الشرق والذي قام بدباجة تقديمه الشاعر والروائي والصحافي اللامع ياسين عدنان. ونقرأ في كلمة ياسين عدنان على سبيل التقديم:
” ما كان يمكن للكاتبة المغربية أن تُطلِقه في زفرة لن تتعدّى حدود التَّدوينة العابرة على الفايسبوك ظلّ يعتمل في دواخلها فكانت الحصيلةُ هذا الكتاب. كتابٌ لم يُخَطَّط له أبدًا، ولم يأت هكذا منذ البداية مرتّب الأفكار واضح المعالم، بل تطوّر بالتّدريج مُواكِبًا الحالة النّفسيّة لمؤلِّفته. من هُنا بدايَتُه الانطباعيّة، التي تهجِسُ بردِّ فعل نفسيّ للكاتبة تجاه الفايسبوك، قبل أن تعكف على تدوين يوميّات الحظر الفايسبوكي. وهي تدوينات ذاتيّة بسيطة أعادَتْ كريمة دلياس إلى دفترها الشّخصيّ حينما غُلِّقَتْ في وجهها أبواب الفايسبوك وحِيلَ بينها وبين جداره الأزرق، ثم تطوّر الكتاب مع اتّضاح رؤية الكاتبة وتبَلوُرِ موقفها الفكريّ ليفتحَنا على تحليل ظاهرة الحجر الفايسبوكي وتفكيك قِطَع غيار هذه الآلة العمياء التي تُقرّر الحظر وتُطبّقه. وبالتّدريج، غادرت كريمة ذاتها الصّغيرة وتجربتها الشّخصيّة لتُتابِع قضيّة الحظر الفايسبوكي في شموليّتها، تستقصي وتبحث وتنفتح على تجارب الآخرين مع الحظر وتجمع شهاداتهم، خصوصًا بعد العمليّة التي أطلقت عليها إدارة الفايسبوك اسم “حملة المحتوى الفلسطينيّ””.
هذا الكتاب الجماعي الذي طال انتظاره هو محطة تاريخية مهة توثق للحصار الفايسبوكي للكُتّاب والفنانين والصحافيين والفاعلين السياسيين والحقوقيين عبر بقاع العالم الذين ساندوا القضية الفلسطينية والمحتوى الفلسطيني – قبل اندلاع أحداث الشيخ الجراح بالقدس المحتلة وبعدها – على مختلف شبكات التواصل الاجتماعي خاصة الفايسبوك الذي يضم حسابات عدد كبير من العقول العربية والمتعاطفين مع القضايا العادلة للشعب الفلسطيني المحاصر جوا وبرا وثقافيا ورقميا بكل الوسائل التي لم تعد تخفى على أحد في العالم لمحوه من الوجود الرقمي ومن الخارطة بأكملها. هذا الحصار الرقمي كان هدفه تكميم الأفواه التي أطلقت صرخة استنكار لما يجري في عالمنا الرقمي الذي يتشدق بشعارات الحرية الرنانة في حين تصطدم بجدار أصمٍّ بسبب المنع والتّضييق اللذين تطبقهما سياسة إدارة الفايسبوك المتحيزة للرواية الإسرائيلية، ألا وهو قمع حرية التعبير عن الرأي الذي لم يشهده التاريخ الحديث منذ تأسيس هذا الصرح العظيم من طرف مؤسسه “مارك زوكربيرغ”، والذي ينافي البنود الأخلاقية والقيمية والإنسانية التي أسس لها قانونه الأساسي لبناء هذا الصرح الفايسبوكي العظيم الذي اطمأننا إليه وإلى مبتغاه السّامي وآمنا به حتى النّخاع في أول انطلاقه في الشبكة العنكبوتية.
يطول الحديث عن هذا الكتاب لما يضمّه من فقرات غنية ومتنوعة تحيط بموضوع الحصار في شموليته وتكشف الكثير من خباياه وأسراره؛ فهناك اليوميات التي تتطرق للحصار بتدقيق وتكشف بعضا من آلياته، وهناك شهادات حيّة لشخصيات ثقافية وإعلامية وحقوقية عربيّة وازنة، ناطقة بكل معاني الحصار وتفضح كل أشكاله وأنواعه وآلياته الممنهجة، كما يحتوي الكتاب على جانب من الاحصائيات الرقمية الفلسطينية والعالمية التي يصدرها على شكل تقرير سنوي مركز الرصد الفلسطيني. وفقرات أخرى مهمة أدعوكم لاكتشافها بأنفسكم في هذا الكتاب القيم.
ولا يفوتني أن أشكر كل من ساهم في هذا الكتاب من بعيد أو من قريب ولم يبخل عنا بأي شيء حتى يخرج للوجود بهذه القوة على أرض الواقع. ونضرب لكم موعدا في معرض الكتاب القادم بالرباط للاحتفاء بهذا الإصدار القيم الذي سيشهد له التاريخ وسيكون مرجعا أساسيا ووثيقة مهمة لهذه المحطة الفريدة من تاريخ النضال الرقمي. دام نبض قلوبكم عاليا.