طارق المعروفي
للمرة الرابعة أتناول موضوع كورونا، لأننا أمام مفترق الطرق، و في محطة حاسمة :
” إما و إما “.
عدد كثير من الباحثين يتوقعون تغييرات تكاد تكون جذرية في عدة دول و قارات بعد هذا الوباء الذي اهتز له العالم، و بعثر الأوراق و كشف الحقائق و وضح الأولويات
و الكماليات . و بطبيعة الحال، سوف تعرف أوربا نمطا جديدا في التعامل، خصوصا بعد انكماش الأعضاء ،و اهتمام كل بلد بمصالحه الشخصية. و ربما ستتحول القوة العظمى إلى الشرق عوض الغرب. و ربما ستضعف البلدان المتقدمة، و تحل محلها الدول الصاعدة …
أما نحن ، فإننا في محطة حاسمة، تحتم علينا و تدعونا إلى التفكير بعمق من أجل التغيير، و الاهتمام بما يفيد و ما هو في صالح المجتمع. و يتعين أن نبدأ بالمجال السياسي الذي احترفه البعض منذ سنين طويلة ، و تمكنوا من الاستحواذ على العقول البسيطة، حتى أصبحنا نعرف مسبقا الشخص الذي سينجح في الانتخابات في المدينة الفلانية .
لقد عرفوا من أين تأكل الكتف، و تعرفوا على نقاط ضعف المستضعفين ،لإغرائهم بشتى الوسائل الآنية و البسيطة، فيستطيعون بالتالي دخول القبة بأريحية . آن الأوان أن نجد الحل، خصوصا و أن المستوى المعيشي لبعض المناطق ضعيف، و نسبة الأمية و الجهل مرتفعة ، تحفز الطامعين على الظفر بالمنصب.
التغيير كذلك يجب أن ينصب على التعليم، و إيجاد صيغ أخرى غير قانون الإطار
و القوانين المرافقة، لأن الوضعية الحالية أبانت عن تردي التعليم العمومي و تدهوره سنة بعد سنة، مما فسح المجال للتعليم الخصوصي . لقد سبق أن قلت أكثر من مرة أنه لا وجود لتعليم خصوصي في ألمانيا و لا في فرنسا و لا حتى في دول أخرى كبرى .
لقد راهنوا على التعليم العمومي الذي يعد الركيزة الأساسية لكل تنمية، و راهنوا على رجال الغد. لهذا طلبنا و لا زلنا نطالب بتأميم المدارس الخصوصية ،و أعني الفيلات الخصوصية، لتندمج في القطاع العام، و تساهم فيه بكل وطنية و مسؤولية .
أما بخصوص الصحة العمومية ،فلا أزيد على ما وصل إليه الجميع، إنما أقول بأن بناء المستشفيات الكبرى أصبح إلزاميا و ضروريا ،لأننا أولينا الاهتمام لبناء مرافق أخرى ،لا تفيد في شيء و ليست لها نفس الأهمية و نفس الوزن .
و بعد هذا الوباء إما سننطلق نحو غد أفضل باتخاذ الإجراءات الواعدة و المسؤولة،
و إما سنتجاوز المحطة و تبقى دار لقمان على حالها، و نكون بالتالي قد أضعنا الفرصة المتاحة .