شيخ العيطة الحسين السطاتي
“لنتعلم الكلام بلا اهانات، ولنبذل جهدا كي يحترم أحدنا الآخر، لأننا سنفترق في النهاية.”
غابرييال غارسيا ماركيز
الإخـوة:
كان بيتنا بدوار “أولاد سيدي رحال” جماعة وقيادة “أولاد عبو” منطقة “أولاد سعيد” ضواحي مدينة سطات، فوضى منظمة، وكوني الثامن من العشرة الأحياء، كنت أضيع بينهم، حيث إنني لم أكن أجملهم ولا أصغرهم ولا أذكاهم، في بيتنا الذي كان فيه المال قليل والطعام قليل، كانت قوة الفرد ناجمة عن قدرته على إعطاء الأوامر للآخرين.
كان إخوتي أفضل أصدقائي، ولكنهم كانوا أعدائي فيما يتعلق بالطعام، لأننا كنا كثيرين، والشهية مفتوحة في البادية، وكان أبي يعمل بمعمله أمام الدار لصناعة الفخار، وحينما يرغب في شيء ينادينا بالقول:
– “واااعلي، والحسين، وا حساااااان، واااابوشعيب، واااحضرية، وااااسميرة، وازينب وا ااااااااالمساخيــــط.”
لا يعني ذلك أنه نسي من نحن، بل من كثرة عددنا لم يكن له الوقت للتفكير في تفاصيل تافهة كالأسماء، المهم أن يلبي أحدنا النداء حتى وإن لم يذكر اسمه في لائحة “المساخيط”.
حدث يوما وأن كان أبي في السوق يتاجر في الفخار حيت قدم عنده تاجر فخار من مدينة “أزمور” يسمى “ابراهيم”، وابتاعه كمية كبيرة من الأواني الفخارية، وكانت في المستودع بمعمل الفخار بمنزلنا، وطلب منه أن يأتي عندنا في اليوم التالي بمنزلنا، فذكره التاجر بالقول:
– “والسي محمد، وا العسكري..أنت ملي نوصل كَدام الدار في الدوار، أش من سمية نعيط عليها؟”.
ليرد عليه أبي في قالب فكاهي:
-“واسمع يا السي إبراهيم، ملي توصل كَدام الدار السمية اللي جات على فمك عيط عليها، غادي يخرج لك”.
وإخوتي حسب الترتيب من الأكبر إلى الأصغر كالتالي:
مليكــة : أكبرنا سنا مزدادة سنة 1955 خياطة متزوجة بمدينة “تمارة”، ولها ستة أبناء.
فاطمــة: من مواليد سنة 1959 متزوجة بمدينة الدار البيضاء ولها بنتين.
للتهـــم: وتعني سيدتهم من مواليد 1960 متزوجة بمدينة الدار البيضاء ولها خمسة أبناء.
بوشعيب : من مواليد سنة 1962 هو الذكر الأكبر حيت قام والداي بتزويجه واستقر بالبادية وله أربعة أبناء.
عبد القادر: من مواليد سنة 1964 معاق مصاب منذ الصغر بمرض الشلل، خياط بمدينة الدار البيضاء متزوج وله أربعة أبناء.
زينب : من مواليد سنة 1968 متزوجة بمدينة مرسيا الاسبانية ولها ثلاثة أبناء.
علي : من مواليد 1971 متزوج يسكن بمدينة الدار البيضاء، له ثلاثة أبناء وهو الذي حمل المشعل والمسؤولية قبل وبعد وفاة والدي، فهو من أسندت إليه المهام برمتها وصار مسؤولا منذ صغره، وهو الأب الرمزي بالنسبة لي، وله الفضل في توجيهي حيث كان يراقبني خلال دراستي وكذا خلال عملي بالموسيقى ثم بعد دخولي حقل الضابطة القضائية، وهو من كان يمنعني من مغادرة المهنة، وقد تربينا تربية عسكرية تراتبية لذلك كنت ولازلت أحترم رأيه، وخاصة حينما كنت أستشيره رغبتي في مغادرة الدرك الملكي وكان يرفض، فكنت آخذ رفضه وكأنه أمر، لكن ربما ذلك كان خيرا بالنسبة لي.
حضريـــة : من مواليد سنة 1975 متزوجة بمدينة الدار البيضاء ولها أربعة أبناء.
سميرة : آخر عنقود الأسرة، مزدادة سنة 1982، خريجة معهد التكنولوجيا التطبيقية، وتعمل بمدينة الدار البيضاء متزوجة ولها بنت.
الحمد لله كنا ولازلنا كالجسد الواحد، إخوة وأخوات، نتزاور ونصل الرحم بيننا. نتكافل ونتعاون في الأفراح والأحزان، كل منا ساهم في جر عربة الأسرة بما استطاع إليه سبيلا. والجميل أنه رغم تربيتنا وتنشئتنا بالبادية كانت الإناث تشارك الذكور في جميع الأعمال، والكبير يعطف على الصغير، والصغير يحترم الكبير، رحم الله أبي وأمي اللذين قاما بتربيتنا وتكويننا..