أجرى اللقاء الإعلامي احمد رمزي الغضبان/جسر التواصل/الرباط
تعد الأديبة والكاتبة المغربية الأستاذة سعاد بيكة احد الأصوات الجديدة التي انطلقت بصيغة مميزة في عالم القصيدتين الزجلية والشعرية، فارتبطت بالعمق الإنساني الذي يظل خاصية تطبع جميع أعمالها الأدبية، وهو ارتباط يترجمه اهتمامها بمختلف القضايا الإنسانية والاجتماعية والسياسية في المجتمع، ولعله السر في حرصها الشديد على توقيع أعمالها الأدبية باسم ( ابنة الشعب)، هذا أيضا إلى جانب اهتمام الأستاذة سعاد بيكة بالبحث في الموروث الثقافي الشعبي المغربي، وتنهمك حاليا في الإعداد لإصدار سلسلتها التوثيقية في هذا المنحى الثقافي والتراثي الهام،بإحدى المؤسسات الإعلامية الخاصة بمدينة بني ملال. كان اللقاء صدفة، وكان هذا اللقاء الممتع مع الأديبة المغربية والكاتبة الأستاذة سعاد بيكة: ـ
احمد رمزي الغضبان) :بداية مرحبا بالأستاذة سعاد بيكة، وبداية نتعرف إليكم؟ ـ
الأستاذة سعاد بيكة ): شكرا لمنبركم الإعلامي المميز على هذا الانفتاح وعلى هذه الدعوة الطيبة الكريمة، ونورتم مدينة بني ملال بحلولكم فيها، بالنسبة لي فانا لازلت طالبة علم متواضعة، من مواليد مدينة مراكش الساحرة، نشأت في وسط عائلي متفتح على مختلف أساليب العيش الحضاري، كل أفراد أسرتي يقرؤون، ووالدي رحمه الله كان موهوبا متعدد الاهتمامات الفنية من شعر ورسم ومسرح وموسيقى، ولا زلت احتفظ بالعديد من القصائد الشعرية التي كان يكتبها، درست وتزوجت بمدينة مراكش، وأنجبت ابني الغالي إدريس الذي ارتبط به ارتباطا قويا، ومهووسة بالسفر من اجل البحث عن الناس واكتشاف أساليب العيش في كل مجتمع،ويملكني شغف الاهتمام في كتاباتي بالإنسان البسيط في المجتمع، لذلك فانا أحب دوما أن أوقع كتاباتي باسم (ابنة الشعب)، يشغلني كثيرا عشق القصيدة والزجل، إلى جانب المقالة والرواية والكتابة الصحفية، انشر مقالاتي ذات المواضيع المختلفة في العديد من المجلات والجرائد العربية.
احمد رمزي الغضبان) كيف بدأت علاقتك بالشعر والزجل ؟
الأستاذة سعاد بيكة) زمنيا، لا استطيع أن احدد لكم زمن البدايات، منذ طفولتي المبكرة كنت كثيرة التأمل في أي شيء أجده في الحياة، وادقق في كل موقف من مواقف الحياة سواء مواقف عشتها أو أخرى عايشتها، كان والدي رحمه الله هو رفيق دربي حيثما حل يصحبني معه، وكان يحاول أن يزرع في نفسي خاصية التفكير والتأمل، وكان دائما يقول لي (ياابنتي فكري في كل شيء)، وهكذا بدأت اشعر بأول أداة تتحرك في عالم وجودي (الفكر والتفكير والتأمل)، ومن هنا كانت البداية في ارتباطي بإنسان وبحياة ومجتمع عن طريق رفقتي لوالدي رحمه الله، بعد ذلك جاءت مرحلة الشغف بالقراءة وأنا بعد في مرحلة الطفولة وشبابي الأول، فقرات العديد من القصص والروايات، ثم ومع مرحلة الدراسة الثانوية والجامعية اشتد عندي الولع بالمطالعة والبحث، لست ادري كيف وجدتني مشحونة وارغب بالكتابة، وهكذا، ولست ادري كيف ولا متى، كان ميلاد أولى بوادري للكتابة، كتابتي التي انطلقت فيها بداية باللغة العربية فكتبت شعرا يتناول حديثا عن الحياة وحلما بنشر الخير والسلام، وهكذا كانت بدايتي مع الكتابة فدخلت حرم الشعر المقدس عن إيمان مطلق بأهمية الرسالة مرتبطة بعمق الإنسان والحياة، ولازلت أواصل من منطلقه مشواري مع الشعر والأدب.
احمد رمزي الغضبان) وما موقع الإبداع الزجلي في مسارك الأدبي؟
الأستاذة سعاد بيكة) الزجل هو بدوره جنس أدبي تعبيري لا يقل أهمية عن الشعر، وللزجل أيضا رسالته وله أيضا رواده الذين تألقوا فيه، واذكر قول أمير الشعراء عندما سألوه عن التجربة الزجلية لمحمود بيرم التونسي ( أخوف ما أخاف على العربية من زجل محمود بيرم التونسي)، هذا مؤشر على أن الزجل أيضا له أهميته، وأحيانا قد يبدع الزجال في الوصف أكثر من شاعر الفصحى، بداية عشقي للزجل كانت بدورها مبكرة، والى جانب اهتمامي بالمضمون فاني احرص دوما على ان استمد مادة قصيدتي الزجلية من مقومات موروثنا الثقافي الشعبي يتصدره تراث الملحون.
احمد رمزي الغضبان) وبالفعل توجت تجربتك الأدبية بين الشعر والزجل بإصدارين ؟
الأستاذة سعاد بيكة) نعم أصدرت ديواني الزجلي الأول (سوق الخواطر) الذي ضمنته رؤيتي للزجل كأداة تعبيرية بخصائص ومميزات، ، ثم أصدرت ديواني الثاني باللغة العربية الفصيحة بعنوان (شذرات امرأة)، وهو إصدار أدبي قيم حاولت من خلاله أن ألامس شغاف وفكر المرأة في مختلف مراحل التطور النفسي والفكري، بلغة تتلون في تراكيبها الأدبية كأنها عزف سيمفوني ينبع من وجدان يفيض بعاطفة رقيقة كما صاغها الإله خصبة دافقة ناعمة في أعماق المرأة، وهو إصدار قد وجد صدى في أوساط المثقفين من المهتمين بالأدب والشعر والثقافة .
احمد رمزي الغضبان) كيف ترين واقع الشعر اليوم أستاذة سعاد بيكة؟
الأستاذة سعاد بيكة) الشعر كان وسيظل دوما بخير، فما دامت هناك حياة وإنسان، فمن المؤكد أن الحاجة إلى التعبير تظل ملحة وحاضرة، وبنظري فان حاجة الإنسان في عصرنا إلى الشعر قد أصبحت اشد من أي عصر مضى، لماذا؟ لان العصر عصر تكنولوجيا التي باتت تهدد عمق الإنسان بالموت، إلى جانب سرعة انتشار العديد من التيارات والايمانات وما شابه، فأصبح الإنسان بحاجة إلى أداة ترده إلى عمقه والى ذاته والى حقيقته والى صفاء روحه وذهنه، ومن هنا تأتي أهمية الشعر كأداة ابلغ وانجح وأنجع لإعادة صياغة الإنسان : روحا وفكرا وعمقا وحقيقة.
احمد رمزي الغضبان) ما رأيك بالمرأة المغربية ؟
الأستاذة سعاد بيكة): المرأة المغربية تميزت عن المرأة العربية بكثير من المواصفات، لا أناقش المرأة المغربية من حيث (لحداكة) في قدرتها الفائقة على تدبير شؤون بيتها، فهي إلى جانب ذلك قد تميزت وبنجاح كبير في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فحققت في جميع تلك المجالات مكانة الريادة إلى جانب الرجل رفيق دربها في الكفاح، المرأة المغربية بحمد الله قد حققت نجاحا مشهودا لها به عالميا في جميع شؤون الحياة.
احمد رمزي الغضبان) كيف ترين واقع الكتاب الآن من حيث الطبع والنشر والتوزيع بالمغرب؟
الأستاذة سعاد بيكة) المؤلف يعيش فعلا محنة ملحوظة عندما نتحدث عن ظروف الطبع والنشر والتوزيع في المغرب، وكل ذلك أمام ظروف غياب الدعم التي لازال يعانيها الكتاب من حيث الاهتمام، فمن مرحلة التأليف إلى مراحل الطبع والنشر والتوزيع والترويج هناك سلسلة من المعاناة في طريق المؤلف، لذلك فانا اعتبر ان كتابنا الذين لازالوا يكتبون ويطبعون أنا اعتبرهم في عداد المقاومين والمناضلين الذين يجتهدون من اجل استمرارية صرح حضارتنا شامخا وهم يعانون في هذا الطريق.
احمد رمزي الغضبان) كيف ترين الفعل القرائي اليوم؟
الأستاذة سعاد بيكة) طبعا هناك تراجع للفعل القرائي والعوامل كثيرة ومتعددة، أولا انتشار الوسائل التكنولوجية التي غزتنا بشكل فظيع، ثم غياب مخطط وجيه يهتم بنشر ثقافة القراءة في مختلف مؤسساتنا التعليمية بالمغرب، وبرغم ظهور الكتاب الالكتروني فان التراجع عن الفعل القرائي قائم، بمعنى أننا وبرغم الحداثة بمختلف أشكالها فإننا لم نستغل انتشار التكنولوجيا الحديثة لتكون في خدمة الفعل القرائي لدينا، هكذا وفي غياب التأطير والتوجيه والتربية ضاع أبناؤنا وراء مظاهر التكنولوجيا منبهرين ومستلبين لبالغ الأسف والأسى، أقول برغم ظهور الكتاب التكنولوجي إلا أن الكتاب الورقي لازال حاضرا بقوة فينا ومعنا، ما يقصنا هو ضرورة وضع مخطط يعيد ربط العلاقة بين قاريء وكتاب، والغريب أن الغرب اليوم لازالوا يقرؤون، ونحن قد هجرنا القراءة وانشغلنا بقشور التكنولوجيا الفارغة.
احمد رمزي الغضبان) أديبات لهن مكانة من اهتمامك الخاص ؟
الأستاذة سعاد بيكة) كثيرات من بينهن فاطمة المرنيسي، نوال السعداوي ،ليلى أبو زيد، نازك الملائكة، مي زيادة، رضوى عاشور،غادة السمان، أحلام مستغانمي،والأديبة الكبيرة الدكتور مليكة العاصمي التي قرأت تقريبا اغلب ما كتبت هذه السيدة العظيمة التي اعشقها العشق كله.
احمد رمزي الغضبان) تجربتك أيضا مع كتابة النص الغنائي ؟
الأستاذة سعاد بيكة) هذه تجربة خضتها بدعم من بعض أصدقائي الأدباء، كتبت بالفعل مجموعة كبيرة من النصوص الغنائية والي قد تغنى يبعضها بعض المطربين الشباب، ومنها أغنية (ياحامي الوطن) التي لحنها الملحن المغربي الواعد الأستاذ عبد الرزاق بوعريب وغنتها المطربة المغربية سناء فرح، ثم أغنية وطنية أخرى بعنوان (لالة خديجة) لنفس الملحن، وهناك مجموعة من الأغنيات المغربية الأخرى هي الآن في طور الإعداد والتسجيل لتخرج إلى حيز الوجود، كما أن لي تعاونا مع ثلاث مطربات معروفات من القطر المصري الشقيق، والآن انتهيت من وضع لمساتي الأخيرة لملحمة وطنية أؤسس من خلالها لتعاون فني مثمر مع مجموعة من الشباب الواعد بمدينتي الدار البيضاء والرباط، ومن تلحين ملحن كبير وسأكشف عن جزئيات المشروع بالتفصيل عندما نسجل هذا العمل الفني المميز بحول الله.
احمد رمزي الغضبان) الأديبة والكاتبة المغربية الأستاذة سعاد بيكة أعطيك كلمة لختم هذا اللقاء؟
الأستاذة سعاد بيكة) أشكركم جزيل الشكر على هذا اللقاء، وانوه جدا بمنبركم الإعلامي الجاد والهادف جسور ، وأبارك تحركاتكم الإعلامية التي تشمل بالاهتمام كل البوادر الطيبة وكل الفاعلين وكل التظاهرات، ومثل هذا الدعم الإعلامي هو الذي نحن بأشد الحاجة إليه في المغرب، ألف مليون شكر لكم، وأدعو لكم بالتوفيق والاستمرارية.