
عمر عاقيــــــــــــــــــل
ﻟﻤﺎﺫﺍ فشل اللاعب المحلي في اﻹحتراف أوروبيا، رﻏﻢ ﻧﺠﺎﺡ ﻋﺪﺩ لا بأس به خلال السنوات اﻷخيرة ﻣﻦ ﺍﻟﻼﻋﺒﻴﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﻭﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ وتونس، ﻭﻧﺠﺎﺡ ﺍﺣﺘﺮﺍﻑ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻼﻋﺒﻴﻦ ﻣﻦ جنوب الصحراء، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺳﻘﻄﺖ ﻣﺤﺎﻭﻻﺗﻨﺎ خلال السنوات اﻷخيرة ﻓﻲ ﺍﺣﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﻼﻋﺐ ﺍلمحلي أوروبيا باستثناء لاعبين يعدون على أصابع اليد ضمن أندية يمكن اعتبارها من المستوى الثالث؟
ﻫﻞ ﺳﺒﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺧﻔﺎﻕ ﻫﻮ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺍﺟﻊ مستوى ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ محليا رغم الإنجازات القارية والعربية التي تحققت من قبل الأندية المغربية، أم بسبب غياب النتائج الإيجابية للمنتخبات الوطنية بمختلف فئاتها السنية.
لﻷسف أصبحت لدى اللاعب المغربي ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻹﺣﺘﺮﺍﻑ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ، ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ وﻫﻢ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ عقله، ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﻣﻼﻋﺒﻨﺎ ﺍلمغربية، ﺑﻞ ﻣﺠﺮﺩ ﺃﺣﻼﻡ ﺗﺨﺎﻟﻒ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ، وبأن ﺍﻹﺣﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﻤﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ مستوى الكرة المغربية لسنوات ﻻ ﻳﺘﻌﺪﻯ ﺑﺄﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﻮﻯ اﺣﺘﺮﺍﻑ ﻋﻠﻰ ﻭﺭق نجح في جزء منه وفشل في أجزاء، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ نقاﺭﻥ اﻹﺣﺘﺮﺍﻑ المحلي بإحتراف بعض الدول ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻧﺔ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﺟﺪﺍ، ﺭﻏﻢ صرف رواتب جد متقدمة عن ما كان يصرف للاعب فيما سبق في زمن الهواية، ﻓﻴﻤﺎ يرجع أن يكون أقرب إلى الواقع كون اﻟﻼﻋﺐ المغربي مرد تراجع مستواه إلى اﻹلتحاق باﻹحتراف أوروبيا، إلى غياب اﻹلتزام، والعطاء المستمر، ﻭفي غياب ﻋﻄﺎﺋﻪ ﻭﺍﻟﺘﺰﺍﻣﻪ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺒﻲ تكوﻧﺖ لديه ﺛﻘﺎﻓﺔ محلية ﻓﻠﺴﻔﺘﻬﺎ أنه أصبح من الصعب احترافه إلى أوروبا.
ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺗﺠﺎﺭﺏ ﻏﻴﺮ ﻧﺎﺟﺤﺔ ﻟﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﺣﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﻼﻋﺐ المغربي ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻟﻌﺪﻡ ﺗﻤﻜﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻊ ﺍﻷﺟﻮﺍﺀ ﻭﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻭﺍﻟﺒﺮﺍﻣﺞ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﻡ ﻣﻦ اﻷﻧﺪﻳﺔ ﺍﻷوﺭﻭﺑﻴﺔ ﻟﺬﻟﻚ فشل اللاعب المحلي في فرض ذاته داخل أسوار اﻷندية اﻷوروبية.
ما ﻳﺠﺮﻧﺎ ﻟﻠﺘﻮﻗﻒ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻹﻳﺠﺎﺩ ﺳﺒﻞ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﺣﺘﺮﺍﻑ اللاعب المحلي ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ ﻷﻧﻬﺎ تبقى وسيلة ايجابية ﻟﺘﻄﻮﺭ كرة القدم المغربية، ﻭﺗﻘﻠﻴﺺ ﺍﻟﻔﺎﺭﻕ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻭﺑﻴﻦ ﻣﻨﺘﺨﺒﺎﺕ القارة السمراء ﻋﻠﻰ ﺃﻗﻞ ﺗﻘﺪﻳﺮ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ فجامعة الكرة ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺄﻥ ﺗﻌﻴﺪ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ اﻹﺣﺘﺮﺍﻓﻲ المحلي من كل الجوانب ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺍﺣﺘﺮﺍﻓﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﻭﻫﻤﻴﺎ في الكثير من فصوله ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﻝ اﻵن، حتى يكون هناك تحول ﻓﻲ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻹﺣﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﻜﺮﻭﻱ ﺍلمحلي ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺩﻋﻢ منتخباتنا ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻳﻴﻦ القاري والعالمي.
وإذا ما تعمقنا وبحثنا أكثر في مسألة إخفاق اللاعب المحلي، أو عقم البطولة في تصدير لاعبيها إلى الدوريات الأوروبية الكبرى، فإنه بدون أدنى شك سنجد أن اﻷندية المغربية هي من تتحمل مسؤولية فشل احتراف لاعبيها إلى الخارج، بتجاهلها أو عدم إلتزامها في جانب التكوين القاعدي لدى اللاعبين، واﻹعتماد بنسبة مائوية كبيرة جدا على جلب اللاعبين خلال فترتي اﻹنتقالات الصيفية والشتوية، فضلا على النظام المتبع داخل اﻷندية والذي يفشل كل مخططاتها في بناء لاعبي المستقبل على أسس متينة مشبعة بالإحتراف، رغم الموهبة التي قد تظهر مبكرا على عديد اللاعبين، وتبقى مجمل التجارب الأوروبية مؤخرا رغم قلتها إما عبارة عن تجارب سريعة جنت الفشل، وأضاعت مستقبل أفضل أمام الأجيال التالية لها، أو مجرد عروض وهمية تنهال على بعض من نجوم الدوري المحلي، وما يزيد من فداحة الموقف هو امتلاك الكرة المغربية ل32 فريق يشكلون قسمين، باﻹضافة إلى أقسام الهواة والعصب، وبقية الفئات السنية، بينما المحصلة لتجربة اﻹحتراف الأوروبي تكاد تكون صفرا كبيرا مقارنة باحتراف لاعبي شمال أفريقيا خلال السنوات الأخيرة بأكبر الدوريات الأوروبية، بينما تظل تجربة اللاعب المحلي شبه منعدمة مع بعض اﻹستثناءات التي طفت على سطح البطولة نحو اﻹحتراف في تجربة أقل ما يقال عنها أنها فاشلة، ومن المعروف جدا على أن أنديتنا تتحمل مسؤولية فشل احتراف لاعبيها، في ظل رفع قيمة العقود الخيالية التي لا ترقى لقيمة ومستوى اللاعب المحلي، وإعتقادها الخاطىء فيما يخص اﻷندية التقليدية بأن سيطرتها بالفوز بأكبر قدر ممكن من القوة الكامنة لدى اﻷندية الاخرى، بإغرائهم بمبالغ مالية مبالغ فيها، فكرة أوحت لإدارات اﻷندية أنها تسعى لﻹصلاحات السريعة على جبهة القدرة التنافسية بدلا من صنع المواهب والنجوم التي بإمكانها تقديم الإضافة للمنتخبات الوطنية، باﻹضافة إلى أن بيئة اﻹحتراف المحلي الذي تعيشه البطولة واﻷندية وقوانينها لم تنجح مطلقا في تحديد أطر النجاح التي يمكن أن تكشف لها القناع عن بوادر مستقبل كرة القدم ومستقبل مواهبها ونجومها وكل شيء يرتبط بها فكرا وعملا وحتى مالا، ما يعني أن الدعوة تفرض على جامعة الكرة خلق قاعدة واﻹهتمام أكثر باللاعب المحلي، من أجل الدفع به نحو اكتساب خبرات أكبر ملائمة مع ما يتطلبه اﻹحتراف اﻷوروبي.
ليبقى جدار الإغراءات المالية الكبيرة التي توفرها الدوريات الخليجية حاجزا كبيرا أمام أي لاعب سطع نجمه محليا، فهو يظل بمثابة الوجود الوحيد أمام اللاعب المحلي، وما تعانيه أنديتنا من تأخير في صرف المنح والرواتب، يبقى اختيارا تفرضه عوامل تناسب ما يمكنه من مواصلة اﻹبحار الكروي بنجاح، حيث أن اللاعب المغربي غير قادر بدرجة كبيرة على اﻹلتزام بدرجة اﻹنضباط في البطولات الأوروبية، على خلاف كبير ما يمكن له أن يحدث ببعض الدوريات العربية منها الخليجية دون أندية بعينها، بطولات لا تختلف فيها العادات وغياب اﻹنضباط وهو ما يفسر المستوى الفني المحدود الذي لا يفوق بطولتنا في شيء.
التعليقات - عقدة الإحتراف :
عذراً التعليقات مغلقة