
طارق المعروفي

الطريقة الخنوشية التي اعتمدها رئيس الحكومة الحالي للاستحواذ على جميع دواليب الدولة و القطاعات الحيوية ، يتعين أن تُدَرَّس في إطار مادة العلوم السياسية في الجامعات الدولية .
عندما نتحدث عن هذا الرجل، فإننا نعني المنظومة التي تخطط و تبرمج للوصول إلى ما وصلنا إليه اليوم. إنها ما يشبه “الدكتاتورية” المغلفة بالديمقراطية. و قد عبر عن ذلك في إحدى اللقاءات التلفزية ، زعيم حزب الحركة الشعبية عندما قال :” إن ثلاثة أحزاب في الحكومة، يدخل بطبيعة الحال في إطار التعددية التي ينص عليها دستور البلاد ، و لكن ما يعيب على الحكومة ،هو امتداد هذا الثلاثي إلى جميع مراحل الحياة السياسية العامة، من جهات و أقاليم و جماعات، الشيء الذي لم نشاهده في أية حكومة سابقة رغم توفر الظروف، و ذلك احتراما للتعددية. كما يعيب على هذه الحكومة أنها ربما تسقط في ما يشبه الحزب الواحد أو الرأي الواحد…”
و ها نحن اليوم بعد مرور سنة مع هذه الحكومة الفريدة من نوعها، تصول و تجول بدون معارضة ،لأن دور البرلمان أصبح هو التصفيق لكل كلمة نطق بها وزير أو نائب من الأغلبية ، و أصبحت النقابات تدافع عن الحكومة و في صفها ، كما أن الصحافة أصبحت تطبل يوميا لهذه الحكومة ،و تعمل على امتصاص الغضب الشعبي بافتعال القصص المثيرة ،و الحديث عن طلاق فلانة، و مرحاض فتيحة، و كرة القدم ، و الزليج ، و التفاهات المنحطة… و لم يعد أمام الشعب المسكين إلا الصبر و الاحتجاج الصامت أمام هول الأسعار، التي تنخر جيوب المواطنين، و تدفعهم إلى اليأس و الإحباط . أما الحلول التي تخططها و تبرمجها حكومتهم، فهي تزيد دائما من محنة الفقير، و تدهور الطبقة الوسطى التي تدفع الضرائب.
لطالما تحدثنا عن الحلول الواضحة و المعقولة و المنطقية و التي لا تتعلق بتاتا بدعم المهنيين، لأن هذا الدعم لا يؤثر على الأثمنة، و لا يحافظ على القدرة الشرائية للمواطنين. فقد تم دعم المهنيين و لا زالت الأثمنة مرتفعة و تزيد في الارتفاع كل مرة .
لقد طرحنا حلولا للحفاظ على المال العام، و صرفه في محله، و عدم تبذيره و منحه لغير مستحقيه ، و حبذا لو كانت هناك وصلات إشهارية في التلفزة للحد من تبذير المال العام مثل ما تقوم به للحد من تبذير الماء . و لكن المسؤولون الغير معنيون بهذا الغلاء، لا يحسون بهول الفقر و متاهات المصير ،لأنهم يجهلون الأثمنة، و لا يقفون كل مرة في محطات البنزين و يؤدون الثمن من جيوبهم، و لا أريد أن أعرض عدد الامتيازات التي يتوفرون عليها من أجل “خدمة” المواطنين ، و التي تحجب عن أعينهم الحالة المزرية التي تعرفها الأسر المغربية .
و سنظل على هذه الوضعية و التي ستتعمق في بداية السنة المقبلة بدون معارضة لأنه تم إقبارها، و بدون نقابات لأنه تم شراؤها، و بدون صحافة نزيهة لأنه تم تحريفها، و لم يعد هناك أي حاجز أو منتقد في مواجهة الحكومة . هناك فقط ارتفاع مهول و غير معقول لأسعار جميع المواد ،أما بعض المواد التي استقر سعرها فقد تم التخفيض من وزنها. كان على هذه الحكومة أن تخلق لنفسها معارضة شكلية و محبوكة حتى تظهر للجميع أنها مراقبة ،و أنها تحترم التعددية و احترام الرأي الآخر .
وفي انتظار الخروج من هذا النفق المظلم ،على الجامعات الدولية أن تُدَرِّس السياسة الخنوشية في مناهجها، لأنها فريدة من نوعها ،و فعالة في بعض الشعوب .
Views: 5







