الباحث والكاتب طارق المعروفي في حديث الاثنين: معضلة التعليم الخصوصي ودروس الدعم

جسر التواصل18 سبتمبر 2022آخر تحديث :
الباحث والكاتب طارق المعروفي في حديث الاثنين: معضلة التعليم الخصوصي ودروس الدعم

طارق المعروفي

“البحر من ورائكم و العدو أمامكم “…
و ما على آباء و أولياء التلاميذ إلا الاختيار، بين المدرسة العمومية التي تعاني من عدة مشاكل، منها انقراض هذه المدارس العمومية أو تحويلها إلى منشات إدارية، و إما اللجوء مكرهين إلى المدارس الخصوصية، التي تتكاثر بشكل ملحوظ، و تتنافس من أجل ابتزاز الآباء و الأمهات، الذين يقفون مكفوفي الأيدي أمام هذا الغول المخيف الذي ينخر الجيوب .
من قال لكم إن المدارس الخصوصية تتوفر على الجودة في التعليم ؟
جميع هذه المدارس لها منهجية واحدة، و هي اختيار و انتقاء أجود و أفضل التلاميذ، بالاعتماد على امتحان الولوج إلى هذه المؤسسات. إنها لا تقبل التلميذ المتوسط الفهم، فبالأحرى الضعيف، لأنها غير مستعدة من ناحية الأساتذة أن ترهق نفسها من أجل التلقين و المتابعة التعليمية. أضف إلى ذلك أنها تحث الآباء بصفة مباشرة أو بصفة غير مباشرة، لمتابعة دروس الدعم التي غالبا ما يقوم بها الأساتذة أنفسهم، و كل ذلك من أجل الحصول على نقط عالية، يتباهون بها في آخر السنة، و كأن المدرسة و أساتذتها هما ثمرة هذه النتيجة، و الحقيقة أن التلاميذ هم الذين يجتهدون بكل الوسائل من أجل مسايرة الركب. أما الآباء فهم مرغمون أن يؤدوا للمدرسة و مدارس الدعم على حساب حالتهم المادية و الاجتماعية . لهذا فإن نظرية الجودة في المدارس الخصوصية هي نظرية مغلوطة .
إن “مدارس” الدعم أو الشقق التي تكاثرت بشكل فظيع في السنين الأخيرة،أصبحت تهم جميع المستويات و جميع المواد، و ربما سنضطر في يوم ما إلى اللجوء إليها حتى في روض الأطفال.
دروس الدعم هاته هي في مصلحة من ؟
بطبيعة الحال المستفيدة الأولى هي “مدارس” الدعم التي تستنزف جيوب المواطنين .
و المستفيدة الثانية هي المدرسة الخصوصية التي تتباهى كل رأس سنة بمستوى تلاميذها و نسبة النجاح و الميزات، متناسية أن المجهود الحقيقي يبذله الطالب منذ بداية السنة، إضافة لمجهود الآباء و الأمهات اللذين يؤدون مكرهين المبالغ الطائلة من أجل الوصول إلى النتائج المرجوة.
و المستفيد الأخير، هو الأستاذ الذي لا يكلف نفسه العناء لتلقين التلاميذ الدروس بجدية و إخلاص ، مدركا أن أولائك التلاميذ سوف يتلقون الدعم الدراسي خارج المؤسسة، و يبقى دوره محصورا فقط في إعداد الامتحانات و تصحيحها (خدمة ساهلة ماهلة ). خصوصا إذا علمنا أن جلهم يعطون دروس الدعم في المساء و يحثون التلاميذ على متابعة هذه الدروس حتى يكونوا في مستوى أصدقائهم.
و أمام هذه المعضلة ،يبقى الوالدان في حيرة من أمرهما، في غياب تعليم عمومي صحيح و قوي كما كان في الماضي، و الذي أفرز نخبا عالية و متميزة ، و حل محله هذا التعليم الغريب، المعتمد أساسا على المال و الوصول إلى المبتغى بأي ثمن.
فهل يا ترى ستعود المدرسة العمومية إلى مكانتها الرسمية و الوازنة ؟
أم سنترك الفرصة لأصحاب الشكارة ليعبثوا بهذا القطاع الهام و الحيوي ؟

الاخبار العاجلة