(ديكولتيه )في يوم عيد المرأة، أقول كل أيام السنة لك أعياد.

جسر التواصل12 مارس 2020آخر تحديث :
(ديكولتيه )في يوم عيد المرأة، أقول كل أيام السنة لك أعياد.

عن مصطفى جنيني

مقال : ديكولتيه
من كتاب : في الحب والحياة
للدكتور مصطفى محمود رحمه الله

في يوم عيد المرأة، أقول كل أيام السنة لك أعياد..بالمناسبة اخترت من كتاب مصطفى محمود رحمه الله.. في الحب والحياة ..المرأة فى الغالب عملية جدا .. واقعية جدا عاطفية .. حسية .. نظرتها قريبة .. لا تذهب فى العادة لأبعد من زينتها .. فستانها .. مطبخها .. بيتها .. رجلها .. أولادها .. عائلتها .. جيرتها على الأكثر ..
اهتماماتها في العادة لا تتجاوز هذا النطاق العملي .. و هى تترك للرجل أن ينظر لأبعد من هذا .. فيهتم بوطنه و بلده و بالعالم .. ويكافح على مستويات أكثر عمومية .. فيكافح من أجل الحرية و العدالة و الفكر و الفن .. بينما تكتفى هى بالوقوف بعيدا لتبتسم و تصفق و تشجع .. و لكنها لا تفكر فى أن تشارك جديا فى هذه الأهداف المجردة ..
هذا حال الأغلبية من النساء .. و الاستثناءات القليلة للنساء اللاتى كان لهن دور فى الفكر و الفن و السياسة ، كانت طرائف و نوادر تروى كما تروى قصص البطولة .. و هى تؤكد القاعدة و لا تنفيها ..

المرأة عملية .. و لا تحفل كثيرا بالقضايا المجردة ..

الانسانية .. و العالم .. و الفكر .. و العدالة .. كلمات مجردة بالنسبة للمرأة .. و هى تفكر فيها فقط على المستوى العملى ، و فى نطاق محدود .. هو أولادها و بيتها ..

إن بيتها هو العالم .. و أولادها هم الانسانية .. و حينما يخرج رجل مثل سقراط على تقاليد بلده و يخرب بيته فى سبيل أفكاره الانسانية ، فإن زوجته تلطم على خديها و لا تفهم كيف يفعل رجلها المجنون هذه المصيبة .

و بالمثل حينما يوزع تولوستوى أرضه على الفلاحين ، لأنه لا يطيق مناظر الظلم و الاستبعاد و الاقطاع .. فإن زوجته تشق ثوبها على جنونه ..

و حينما يعلن جاليليو نظرياته فى الفلك و يعتقل و يعذب فى محاكم التفتيش فإن زوجته لا تفهم شيئا فى نهضة الفلك هذه .. إن كل ما يهمها أن الأولاد سوف يشردون .. إن العلم كلمة مجردة بالنسبة لها .. إن كل ما يهمها هو قوت العيال و الأمان المادى للبيت و الأسرة ..

و هذا يعنى أن الخيال و التفكير النظرى هما لعبة الرجل و ليسا لعبة المرأة .. المرأة ليست خيالية .. المرأة عملية واقعية تفكر على أساس ، و بناء على موضوعات قريبة منها و فى مجال حواسها ..

و على هذا الأساس تفكر بيوت الأزياء حينما تحاول اجتذاب المرأة بمبتكراتها و موضاتها .. إنها تجسم الأنوثة بأسلوب واقعى و بتفصيلات حسية عملية .. إنها تقدم الأنوثة على أنها .. عريان و ديكولتيه و جابونيز و محزق و سوتيان بحلمة و كورسيه .. تقدم الأنوثة على أنها أعضاء .. و هى بها تعكس التفكير الحسى الواقعى كما هو فى العقلية النسائية ..

و لكنى .. انا الرجل .. لى تفكير آخر .. الأنوثة عندى خصائص مجردة معنوية روحانية .. إنها فى الصوت و النبرة و الرائحة و الحركة .. و فى نظرة العين الفاترة الدافئة العطوفة الحنونة .. و فى اللفتة الفياضة بالرأفة و الأمومة .

و معنى هذا أن هناك نوعا من عدم الوفاق حاليا بين تفكير المرأة و تفكير الرجل .. هناك اختلافات جوهرية فى أسلوب الحياة و أسلوب الفهم بين الاثنين ..

المرأة تريد خدمات ملموسة و مسرات واقعية قريبة فى مجال زينتها و لبسها و مصروفها و أكلها و شربها و بيتها .. و الرجل لا يهتم كثير بهذه المطالب الملموسة القريبة ، و هو أحيانا يضحى بها فى سبيل أهداف بعيدة مجردة غير ملموسة مثل الفن و الفكر و الحرية و الوطنية .. و المرأة فى الغالب لا تفهم هذه التضحية ..

إنها تريد عيشة لوكس و فخفخة .. و فكر إيه يا عم و أنا مالى و مال الفكر .. خليك اشبع بالفكر بتاعك .. لكن أنا عاوزة أعيش ..

و بالطبع هناك أقلية من النساء تفهم و تقدر و تشجع ، و تحب بالقلب و بالروح .. و تعرف ماهو هذا القلق الذى يشعر به الرجل على المعنويات و القيم المجردة ..

و الفنان يكون محظوظا إذا عثر على واحدة من هذه القلة الحساسة و التواقة بروحها إلى الجمال و الكمال و القيم المعنوية .
و لكن الأغلبية من الجنس اللطيف تنفعل أكثر بالذهب و الألماظ و تبرق عيونها مثل عيون القطط فى الليل أمام واجهات العربات و توكيلات كاديلاك و مرسيدس .. و فاترينات الجواهرجية ..

و أنا لا أقول هذا لأهاجم المرأة أو أعيبها .. فليس هذا التفكير طبيعة فيها .. و ليس غريزة .. و ليس صفة أصيلة من صفاتها .. و إنما هو صفة مكتسبة لا ذنب لها فى اكتسابها ..الذنب ذنبنا نحن ..

لقد اكتسبت المرأة هذه الصفة نتيجة تخصصها فى مجال البيت و عزلتها بين جدرانه و انفصالها عن المشاركة العامة فى المجتمع أجيالا طويلة متعاقبة بناء على طلبنا و بناء على تسلطنا و تحكمنا و أوامرنا بأن تكون الست للمطبخ و الرجل للمجتمع و الفن ..
و كانت نتيجة توزيع الاختصاصات بهذه الطريقة .. هذه الثغرة بين تفكير النساء و الرجال و الخلاف بين الاثنين على أهداف لا يلتقون فيها أو يكون اللقاء فيها بالضرب و بالعافية ..
** و الحل فى نظرى ليس المقالات وحدها .. و إنما الحل الحقيقى هو الزمن ..
إن نزول المرأة إلى ميدان العمل و اصطدامها بالمسئولية الاجتماعيه و تسلمها مقاليد حريتها سوف يؤدى فى البداية إلى موجة انحلال نتيجة انبهار المرأة بحريتها الجديدة ، و اندفاعها فى تجربها هذه الحرية للحصول على لذات سريعة ، ملموسة من كل نوع .. و هو انحلال سوف ينتهى بأن تعود من مغامراتها مجرحة مهانة مبتذلة ضائعة خائبة .. و تكون نتيجة هذا الانحلال أن تثوب إلى نفسها .. و تفتقد القيم و المعنويات و تبحث عنها .. و تقلق عليها .. و تفكر فيها و تهتم بها .. و تسعى إليها كما يسعى الرجل .. و بذلك يلتقى الاثنان فى التفكير و فى الحياة و فى الحب ، و قد اكتشفا معا أن الأهداف المجردة و المعانى يمكن أن تكون ملموسة و مقنعة و مرغوبة أكثر من الأكل و الشرب و اللبس ..
و مثل هذا التطور سوف يحتاج إلى مائة سنة .. نشربها نحن فى الوحدة و الانتظار .. و يشربنها هن فى الضياع ..

و قلة من النساء الذكيات بالطبع سوف تكون عندهن الفطنة التى يكتشفن بها هذه الحقيقة و يتطورن من تلقاء انفسهن و يوفرن على انفسهن المائة سنة .. لأنهن يمتلكن أرواحا حساسة قادرة ..

و هؤلاء النساء الذكيات النموذجيات سوف يعرفن كيف يقصصن عقولهن على الموضة و كيف يقصصن أرواحهن على الباترون 1980 لآخر مبتكرات الفكر و الفن و الحب و الجمال .. و كيف تكون الواحدة منهن حلوة فى تقاطيعها .. حلوة فى لبسها .. حلوة فى سجايا ها .. كيف تقص فستانها ديكولتيه .. و عقلها ديكولتيه .. كيف تكون مشتهاة و بعيدة المنال .. و كيف تكون ذات كبرياء و بسيطة .. و كيف تكون عاقلة و طفلة ، و كيف تكون لطيفة و مهابة .. و كيف تكون ست بيت و قارئة ذواقة و كيف تكون صديقة و عاشقة ..

** لتحاول كل واحدة منكن أن تكون هذه المرأة الذكية النموذجية التى تفهم سير الدنيا و توفر على نفسها مائة سنة من التطور .. و تجسد لى أحلامى لعام 1980 ..

الاخبار العاجلة