هل هناك فعلا صحافة فنية؟

جسر التواصل9 مارس 2020آخر تحديث :
هل هناك فعلا صحافة فنية؟

طارق المعروفي

هل هناك فعلا صحافة فنية تهتم و تساير و تتابع المجال الفني في البلاد ؟
لقد كانت الصحافة المكتوبة إلى حدود التسعينات ، تواكب الأعمال الفنية و تساهم في النهوض بالميدان الفني . فكان الصحفي متمكنا من المادة الفنية، ينتقي أهل الفن الحقيقيين، و لا يجري أي حوار مع من يعتبره دخيلا على الميدان . أما اليوم ،فإن الميكروفون يقدم لكل من هب و دب، لأن ما يسمى بالصحفي أصبح يقوم فقط بالتبليغ بدون تدخل و لا نقاش، على اعتبار أنه غير ملم بالعالم الفني ،مما يتيح لما يسمى بالفنان أن يبرز عضلاته و أكاذيبه . بل هناك من “الصحفيين” الذين يطلبون من الفنان كتابة ما يريد ، ليقوم هو بنشره حرفيا ،لأنه لا يمتلك الأدوات للحوار أو التدخل أو النقض، بل يكتفي بالنشر فقط. و هكذا سمعنا فلانا لا يفرق بين السيمفونية و المعزوفات الموسيقية ،و الآخر يتباهى بكونه فنان عالمي ،و الحقيقية أنه ليس هناك في المغرب أي فنان عالمي إلى يومنا هذا ،و قد عبر عن ذلك كل من الموسيقار عبد الوهاب الدكالي و الفنانة سميرة بنسعيد . فإذا كان هؤلاء الفنانين لا يعتبرون أنفسهم عالميين فكيف لأحد قدم حفلة أو حفلتين خارج البلاد أن يصبح عالميا ؟ لهذا كنت و لا زلت أطالب بتخصيص مادة التعليم الفني في الإعدادي ،و ذلك من أجل تكوين الجيل القادم في الميدان الفني ،حتى تتكون لديه مناعة ضد المتسلطين على الفن في هذا البلد.
حضرت مرة جنازة فنان متميز، و لفت انتباهي بالقرب من المسجد شاب صغير السن بلباس غير لائق ،حسبته في بداية الأمر يطلب صدقة ،فإذا به يعطي الميكروفون لأحد الحاضرين للتعبير عن رأيه اتجاه المرحوم.ومن باب الفضول سألت هذا الصحفي عن إسم المرحوم، فأجابني بأنه لا يعرف اسمه ،ثم أضاف قائلا : ربما يكون موسيقيا… كيف لنا أن ننهض بقطاع الفن في المغرب مع هذا النوع من “الصحفيين” ، الذين لا شغل لهم إلا تفاهات المتسلطين على الميدان الفني، و رذالة التعليقات المقيتة . يتعين على الصحفي في الميدان الفني أن يكون على بينة من الفنون، فيطلع على التاريخ الفني في البلاد و رموزه من أجل أن يحاور الفنان في مستوى ثقافي مفيد و جاد .شاهدوا و تتبعوا معي الحوارات الفنية في البلاد الأوربية و حتى الشرقية ،حوارات كلها متعة و ثقافة و معلومات قيمة . و لهذا كنت و لا زلت أقول بأننا نفتقد للصحافة الفنية ،الأمر الذي لا نلاحظه و نلمسه في الصحافة الرياضية ،التي تواكب الأحداث الرياضية بكل دقة و احترافية ،و تتابع أنشطة الرياضيين و الرياضيات ، و هي على دراية كبيرة بجميع الرياضات … إنها فعلا صحافة متميزة ، الشيء الذي تفتقده الصحافة الفنية .
كان هذا جزء من تدخلاتي في البرنامج الإذاعي الناجح المتميز”جسر التواصل” الذي كان يعده و يقدمه الإعلامي الكبير، صديقنا و صديق الفنانين الأخ العزيز محمد نجيب .

الاخبار العاجلة