جسر التواصل : خص الكاتب والصحفي الكبير عزوز شخمان جسر التواصل بروايته العميقة ” المرأة التي رممت شظايا رجل الأيام والليالي بدونها” وجسر التواصل اذ تقدمها للقارئ فانها تقدم عملا روائيا متميزا للاستاذ عزوز شخمان الذي قضى سنوات طويلة في العمل الصحفي ما بين صحافة مكتوبة ومسموعة وكان له حضور بارز في الاعلام الرياضي المغربي والعربي …
عزوز شخمان
(19)
انتبهت لنفسي فجأة وتطلعت نحو الساعة الحائطية كانت تشير الى الساعة الثالثة بعد منتصف الليل. توقيت مريع يوقظ في النفس ذكريات لا تصدق لأحداث فظيعة وغريبة. مرة أظنها محض خيال. وأحيانا أخرى مجرد تهيؤات. فيما تبدو لوهلة، أنها حدثت فعلا، وتحدث مرة تلو المرة دون خضوع لمنطق الزمكان أو نظريات الميتافيزيقا. تنتابني رغبة في الكتابة عن ذلك الذي كلما ذكرناه في سرنا الا واجتاحتنا قشعريرة غريزية بالرغم عنا. إنه القرين. ذلك الكائن الخفي الجاثم في الداخل. لست في حاجة الى سقوط بعض الأشياء من مواضعها أو تحركها المفاجئ وغير المعقول حتى ينكشف لي مثلا وعلى رأسه قرني تيس أو ما شابهه لكي يعلن عن حضوره المسرحي قائلا بلهجة كوميدية: ها أنذا؟ كلا. الأمور لا تستقيم هكذا. فأنا أدرك أنه حتما هناك. كامن في تلك المنطقة الحساسة؟ منطقة الخطر؟ تلك منطقته وذلك منطقه؟ يمكن العثور عليه هنالك، ملتصقا بالخواطر المباغتة والأفكار المباشرة والمتدفقة يمتزج بها ويستنسخ منها ويضيف اليها ويبتر منها بسرعة مذهلة تضاهي سرعة الأفكار والخواطر نفسها. إنه ناشط من خلال الترددات والصور المتقاطرة على الأذهان فيما أصحابها ساهون، مشغولي البال في تقليب مسألة من المسائل التي تؤرقهم. انه هنالك بالضبط في تلك الزاوية الخلفية الكامنة ما وراء الأفكار والهواجس وبين ثناياها الوساوس الغامضة والمشتبكة. تلك فرصته لدس ما يريد وما استطاع من همز ولمز. إنها أصواته الخفية التي تتماهى مع الأصوات الظاهرة وتتماهى معها، او تكاد. انه لفتة تلتقطها افكارنا وكأنها جزء منا وربما تتبناها دون ان تنتبه للرسائل الخفية المدسوسة في طياتها. هناك فقط يجثم القرين وثمة فرصته السانحة للنمو. وهو لا يكون دائما بمفرده، فقد تصاحبه ذوات أجهزة الرصد والتحسس والتجسس الدائم على الأفكار والمشاعر والنوايا. تلك الكائنات الذبذبية ذات الترددات الطاقية الكهرومغناطيسية.