الدكتور أحمد الدافري -جسر التواصل
دكتور متخصص في التواصل والاعلام
وكالة المغرب العربي للأنباء MAP هي وكالة عمومية تابعة للدولة، تخضع لوصاية الحكومة المغربية في شخص قطاع الاتصال بوزارة الثقافة والشباب والاتصال، ولها استقلالية مالية وميزانية خاصة..
من المفروض أن تكون هذه الوكالة هي السباقة للتصدي لما تتعرض له الدولة المغربية من حملات ممنهجة من قِبل أجهزة إعلامية تابعة لبلدان تعادي المغرب. بل من المفروض ألا تقتصر على التصدي من خلال تصحيح الأخبار الزائفة والمفبركة، بل أن تبادر هي الأخرى بالهجوم من خلال أخبار صحيحة تكشف بها نوايا البلدان المناوئة، وأن تخترق الفضاء الإعلامي لهذه البلدان وفق استراتيجية تواصلية ذكية، تجعل شعوب تلك البلدان تفقد الثقة في ما تقدمه لها وسائل إعلامها الرسمية من مواد إعلامية مسمومة. لكن، يبدو أن وكالة أنبائنا الرسمية لا تدخل هذه المهمة في الوظائف المنوطة بها، وتتركها لنشطاء التواصل الاجتماعي المغاربة الذين يقومون بها بحماس وبتطوع وانطلاقا من غيرة على بلادهم مكرسين وقتهم للتصدي تارة وللهجوم تارة أخرى. أما هي، فالأموال العمومية تصرفها في أمور ليست في الأصل من اختصاصاتها. فبعد أن أطلقت قناة تلفزية اسمها M24، قلنا لا مشكلة، وانتظرنا أن تساهم هذه القناة في دعم الإعلام الرسمي المغربي وتقديم ما لا تقدمه القنوات الأخرى.. فإذا بهذه القناة تقدم أخبارا هي نفسها التي تقدمها باقي القنوات والإذاعات المغربية التلفزية، وتنتج برامج لا علاقة لها بالرهانات الإعلامية الكبرى التي يتصارع البلد من أجل أن يكسبها في حربه الإعلامية ضد البلدان المناوئة. وها هي الآن تطلق سبع إذاعات موسيقية عبر الإنترنت قالت بأنها تريد من خلالها أن تعمل على تنويع منتجاتها. هذه الإذاعات هي إذاعة الطرب العربي، وإذاعة الطرب المغربي، وإذاعة الأندلسيات، وإذاعة الطرب الغرناطي، وإذاعة الطرب الأمازيغي، وإذاعة عالم العيطة، وإذاعة السماع وموسيقى الشباب.
أيتها الدولة المغربية. هل اختصاص وكالة أنبائك الرسمية هو إنتاج أخبار ومواد إعلامية وتوزيعها على وسائل الإعلام المغربية، أم اختصاصها هو إنشاء القنوات التلفزية وإذاعات الطرب والغناء، ومنافسة وسائل الإعلام المغربية الخاصة على مداخيل الإشهار في الإنترنت بإنتاجات سمعية بصرية رغم أنها تستفيد من الأموال العمومية ولها ميزانية تُصرف لها من خزينة الدولة؟.. إن كان مدير هذه الوكالة يطمح في أن يكون مديرا لمؤسسة تلفزية أو إذاعية، عينوه مديرا لمؤسسة تلفزية أو إذاعية حتى يلبي طموحه. فلا عيب في الطموح.. لكن العيب هو الخروج عن الاختصاص وإضاعة الجهد والمال في مشاريع عبثية، في وقت نحتاج فيه في بلدنا إلى مؤسسة أنباء رسمية قوية.. وهذا ما كان.