“مشهد الغروب بين الانبهار و التأمل الهادئ” للشاعرعبد العزيز حنان

جسر التواصل15 نوفمبر 2021آخر تحديث :
“مشهد الغروب بين الانبهار و التأمل الهادئ” للشاعرعبد العزيز حنان

عبد العزيز حنان الدار البيضاء في 15 نونبر 2021


شفق أحمر
ودع الشمس وقت المغيب
وغسق أسود تسيد الأفق
لتشرق شمس فجر الغد حبلى بالآمال …
إبداع رباني …
يخرس الألسن …
فتبدع لغة العيون
وتصبح النظرة أعمق …
تسبح في أمواج الصمت …
ترسم ابتسامة هادئة كلها خجل
فيخمد بركاني ………..
…………
مليكة ضفير
/////////////////////////////
مدخل
للغروب سحر لا يضاهى ….
التأمل في مشهد الغروب تعيدنا لذواتنا بعدما خاصمناها فنتلمس الجمال ، و نستشعر عظمة الخالق …
حينها ، نحادث هذا الإبداع في صمت ، و نسافر في عوالمه ..
نعم المشهد بهذه الروعة و المبدعة مليكة ضفير وقفت على جزئيات أثره ، و أبدعت في نقل الصورة و أثرها في النفس …..
وقفة إبداعية متميزة عند المشهد ، و كعادتك بما قل و دلّ
رحلة الغروب
للغروب سحر و جاذبية خاصة على مر التاريخ .كل الفنون التعبيرية السبع تعاملت مع هذه اللحظة الطبيعية الأخاذة .
تعددت الرؤى و زوايا التعاطي مع المشهد ، و ما توقف ….
قد نرصد المشهد كما هو في الزمان و المكان ، فنكون حينها مجرد موصل للمتلقي ، و هو عليه التمتّع من خلال التحليل و التأويل بطريقته الخاصة انطلاقا من ثقافته و رؤاه و نظرته للحياة اعتمادا على المرجعية العَقَدية و الفلسفية التي يؤمن بها ، و قد نقدّم لمشهد من إحدى الزوايا الخاصة بنا و السابق ذكرها ، فنعمل على تقر يب رؤيتنا الخاصة للمشهد و لتداعياته فينا . و في كلتا الحالين نعمد إلى استفزاز المتلقي و دفعه لمساءلة ذاته و ملكاته لتحديد رؤيته الخاصة للمشهد و امتداداته في نفسه و عقله .
تعالوا نعيد تشكيل اللوحة مع المبدعة المقلة مليكة ضفير ، التي تنتقل من المشهد الطبيعي المتكرر و المثير للإعجاب و الدهشة ، إلى المشهد ذي البعد الوجودي العاقل . و كأني بها تنطلق من قوله تعالى في سورة آل عمران : <<< اِ۬لذِينَ يَذْكُرُونَ اَ۬للَّهَ قِيَٰماٗ وَقُعُوداٗ وَعَلَيٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِے خَلْقِ اِ۬لسَّمَٰوَٰتِ وَالَارْضِۖ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَٰطِلاٗ سُبْحَٰنَكَۖ فَقِنَا عَذَابَ اَ۬لنّ۪ارِۖ (191) >>>
هو ليس مجرد مشهد طبيعي متكرر فحسب، و إنما فرصة للتأمل، للتماهي فيه … ثم استخلاص العبر.
المبدعة تقدم لنا في البداية المشهد في صورة فنية مُأَنْسنة .
الشفق الأحمر يودع الشمس . حتى و إن كان هذا الشفق انعكاس لتبعثر الضوء الشمسي في طبقات الغلاف الجوي العليا فهو هنا يبدو منفصلا عنها . لتليه صورة تتم اللوحة . إنه الغسق . و هو بداية ظلمة الليل . و الغسق عنا يتسيّد . و كأننا بمواجهة بين الشفق و الغسق تنتهي بانتصار الأخير ( التسيد ) . و المشهد بكل عناصره ما هو إلا تمهيد لمشهد أكبر ، إنه :
“”” لتشرق شمس فجر الغد “””
صراع الشفق و الغسق ما هو إلا مقدمة لانهزامهما معا أمام الآتي . إنه الشروق .
هذا الشروق يحمل في ركابه الأجمل . شمس حبلى … و ستنجب آمالا يتوق المتأمل في المشهد كله أن تتحول إلى حقيقة .
و المشهد برُمّته هو إبداع رباني . هنا الانتقال لمستوى أرقى من مجرد لوحة طبيعية و إنما هو ما عبّرت عنه الآية القرآنية <<< رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَٰطِلاٗ سُبْحَٰنَكَۖ >>>
إنه تجدد الحياة ، تجدد اليقين و الإيمان .من أن الآتي أحسن و أجمل من خلال التأمل و الانصهار في هذا الإبداع الرباني المتفرد حيث يصيب الألسن الخرس و تبقى العين وحدها تتابع هذا الإعجاز الإلهي . هي لحظة متميزة يؤطرها التأمل و نقل الصورة للعقل لتكون نظرة هذا الأخير أعمق و أكثر قدرة على استجلاء عظمة الخالق .
حينها يشعر المتأمل بالرضا و منه للخجل .و يبقى السؤال : هذا الخجل ، هل من شدة الإعجاب و الرضا أم من عدم قدرتنا على ملامسة هذا الإعجاز الرباني ؟؟؟
مهما يكن الجواب . هي لحظة تعيد للذات هدوءها و سكينتها ، حين يهدأ البركان فيها و تنكفئ نيران جمره .
فما قولك أيها المتلقي في هذا المشهد ؟؟؟

الاخبار العاجلة