سلا ـ المغرب ــ ذ. عمر الشرقاوي المكناسي

عن نادي الجسرة الثقافي والاجتماعي، صدر العدد 58 من مجلة ” الجسرة الثقافية” لربيع ـ صيف 2021. تصدرت المجلة افتتاحية لرئيس تحريرها الأستاذ إبراهيم الجيدة، تحت عنوان “أول طلة” رسم فيها خارطة طريق المجلة برصد مواد العدد الثقافية… مشيرا في البداية إلى جديد الإصدارات المتمثلة في ” سلسلة جديدة تحمل اسم ” كتاب الجسرة” تختص بنشر الأعمال الذهبية، والكتب التذكارية التي يمكن أن تشكل إضافة حقيقية للمكتبة العربية في الألفية الثالثة”. إلى جانب مجلة ثقافية جديدة موسومة ب “فنون الجسرة”، متخصصة في : المسرح ، والسينما، والتشكيل…
تسافر صفحات المجلة بالقارئ إلى العديد من المدن والعواصم العالمية للنبش في عوالم الثقافة والفكر والأدب بمتلف أجناسه، حيث تحط رحالها في “الجزائر” لتعرف القارئ من “الدكتورة أحلام معمري” إلى ملامح “الموسوعة الجزائرية” والتي صدر منها أول مجلدين بمبادرة من ” المجلس الأعلى للغة العربية ” الذي يروم ” العمل على ازدهار اللغة العربية، ونشر الثقافة الجزائرية، وإنجاز مدوناتها الكبرى، ومعالمها المعرفية، وكنائزها التراثية…” وفي تونس، يطلع ” الدكتور علي البوجديدي” قراء المجلة على محطات رحلة طريفة قام بها الدراجان التونسيان الشابان ” سمير بن يعقوب” و ” معاذ بن شيبة” إلى “المغرب الأقصى” كاشفين عن ” خبايا وأسرار مركوزة في أعماق الإنسان بعاداته، وتقاليده، وبساطته، وحضارته الضاربة في متون الماضي السحيق”.
وفي المغرب تحط بنا رحلة السفر الثقافي والفكري، مع حوار ماتع ممتع، أجرته الكاتبة الصحافية والقاصة فدوى البشيري، مع المفكر والأديب المغربي ” الدكتور بنسالم حميش” ، حول عالمه الفكري والروائي، متلمسة جوانبه الإنسانية، والتعرف على أفكاره ومواقفه في شتى القضايا. ومن أبرز عناوينها الكبرى: فعل الكتابة تصورا وممارسة عند بنسالم حميش” ” طقوس وعادات الفعل الإبداعي” ” الحرية والحداثة، وجهان لاعملة واحدة” “حضور المرأة في شعر بنسالم حميش” ” تأثير التكوين الفلسفي في أعمال بنسالم حميش الأدبية” …إلى جانب عناوين كبرى، يمكن للقارئ المتتبع الاطلاع عليها ضمن الحوار الوارد في العدد.
وغير بعيد عن المغرب ، وفي تونس، يحاور الناقد التونسي ” الدكتور أصيل الشابي” الناقد والروائي والمترجم المغربي ” بوشعيب الساوري” حول مجاراة النقد العربي والغربي اليوم ما كتبه الرحالة العرب قديما، وميزة الرحلات اليوم، ومقارنتها بالرحلات الغربية من ناحية آلياتها وتصوراتها المعرفية العميقة… إلى جانب محاور أخرى قيمة.
ومن ضفة شمال افريقيا يمتطي القارئ صهوة المجلة ليتجه شرقا صوب اليمن ليطلعه الشاعر “زين العابدين الضبيبي”على ما لا يعرفه عن “القات” كمتنفس يفر إليه الناس من بؤس الواقع وجحيم الحياة ، حيث صار تناوله جزءا من العادات اليومية في سلوك الإنسان اليمني…ووقودا فعالا لمضاعفة الهواجس والخيالات الجميلة وأحلام اليقظة…”
وفي الأردن يتعرف القارئ من العلامة” الدكتور إبراهيم السعافين إلى حكايته مع الشعر الذي” دخل عالمه قبل أن يدخل عالم الدراسة الأدبية والنقد…” فكانت أول استجابة شعرية تلقائية له في مرحلة الابتدائية، في إبان العدوان الثلاثي على مصرعام 1956 قبل معرفته العروض ولا معايير الشعر، فقال كلاما موزونا لايمثل أصالة الشعر…”. ومن اليمن إلى اللاذقية حيث نشغل الروائي والناقد “نبيل سليمان” ببحث ظاهرة حضور “التانغو” في أعمال روائية عربية، حيث أخذت الشخصية الروائية الموسيقية تلعب دورا مهما في العزف أو الغناء أو الرقص. كما أخذ ” فعل الموسيقى في الزمن الروائي وفي البناء الروائي، يصير حاسما…”. وفي بيروت تحاور “زينب عبد الباقي” الناشرة ” غريد الشيخ” المهتمة بتحقيق التراث وصناعة المعاجم المتخصصة .
ومن “مونتريال” مع الكاتب المهاجر “حسام عبد القادر” مؤسس أحدث كيان ثقافي ـ كندي يسعى لملء الفراغ الذي يعاني منه أبناء الجالية العربية هناك بسبب فقد الوسائط الثقافية التي تربطهم بوطنهم الألم وثقافتهم العربية، حيث تلخص الرائعة “فيروز” الحياة في كندا بشكل كبير في أغنيتها ” بيتي الصغير بكندا”.
ومن كندا تعرج صفحات المجلة بقارئها إلى “مريلاند” في أمريكا ليلتقي بروائي وطبيب شهيرب “جامعة جونز هوبكنز” وهو ” الدكتور شريف مليكة” حيث يطرح للمناقشة قضية مختلفا عليها تتصل باستخدام العامية في كتابة الحوار في الرواية العربية.

ومن “هامبورج” يلتقي القارئ بالروائي المهندس “عيسى بيومي” في باب جديد عنوانه “من مكتبات العالم” ليتعرف من خلاله على أحدث ما أخرجته المطابع الأجنبية.
وفي “لندن” يكتب الناقد الكبير “الدكتورصبري حافظ” الحلقة الأولى من مذكراته، وفيها يتوقف عند أول لقاء له في حضرة “توفيق الحكيم”.
كما يهتم العدد بقضايا الطفل حيث تكتب “الدكتورة أماني الجندي عن المولود وطقوس “السبوع” في الواحات البحرية. أما الكاتبة “عفت بركات”، تلخص تجربتها في تربية تلاميذ المدارس من خلال حصص الإبداع وإطلاق العنان للخيال. إلى جانب استطلاع حول قرية “الديبة” بعنوان مراكب للصيد… وقوارب للهجرة ، للكاتب ” سميرالفيل”.
كما خصصت المجلة ملفا خاصا، تحتفل من خلاله بالحضور القوي للموسيقار ” عبد العزيز ناصر” بمناسبة مرور خمس سنوات على غيابه، ك “نموذج للمثقف الشامل الذي استوعب عصره وواقعه الاجتماعي والثقافي، واستطاع أن يعبر عنه بأكثر الطرق عبقرية ، وبواسطة أكثر الفنون دقة وحساسية …وهي الموسيقى.
وتجدر الإشارة إلى أن رئيس مجلس إدارة نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي، الأستاذ “ابراهيم خليل الجيدة” يشكل علامة مميزة في الحركة الثقافية . و بداية شعاع النادي كانت سنة 1960 حيث أصبح مكان لقاءات ثقافية وندوات فكرية وشعرية ، يلتف حوله نخبة من المثقفين العرب ، ونقطة طواف اسماء فكرية أدبية وازنة ، كُرّمت من طرف نادي الجسرة، تميزت تجربته الثقافية بالعواصم العالمية فقد نظم اسابيع ثقافية، أقيمت في باريس ، برلين، امريكا، اسبانيا،الارجنتين، فنلندا، اليابان. وعواصم عربية منها : لبنان، الأردن فلسطين، السودان واخرها المغرب -الرباط وطنجة -.
هذا وقد أصدر نادي الجسرة مجموعة من الإصدارات، تشكّل إضافة ثرية للمكتبة العربية ، منها مجلة الجسرة الثقافية ، مجلة الجسرة التشكيلية ، مجلة الجسرة السينمائية وآخرها مجلة الجسرة الفنية التي احدثت مؤخرا ، كانت ضيفتها الفنانة المغربية الاستاذة سميرة القادري .
يبقى نادي الجسرة الثقافي تاريخا من التميز والإبداع وحلما يكبر بمجهوداته المتواصلة..
Views: 3
























