
طارق المعروفي
ما وقع في الأيام الأخيرة من تهافت على المناصب و تصارع على المكاسب ، لم تشهده البلاد منذ الاستقلال . و قد استعملت جميع الوسائل من أجل الظفر بالمقاعد، و سمعنا و رأينا عدة مظاهر لم نتعوذ عنها . و كل هذا التطاحن و هذه السلوكات ،هي من أجل “خدمة” المواطن.
و كل هذه الممارسات الغير مبررة هي لصالح المواطن كما يدعون .
فهل أصبحت خدمة الصالح العام تقتضي هذه التضحيات كلها ؟
لا حاجة لنا أن نكرر ما تم نشره بخصوص الظروف التي مرت بها هذه الانتخابات بجميع أشكالها و ألوانها .
و من هنا يبقى المواطن البسيط في حيرة دائمة …
كيف له أن يثق في ذلك الشخص الذي رفض دخول حزب الاستقلال إلى الحكومة في السابق، أي في مرحلة البلوكاج الممنهج، و فضل حزب الاتحاد الاشتراكي ، بينما اليوم يتحالف مع الاستقلال و يزيح الاتحاد الاشتراكي ؟ كيف لنا أن نفهم رئيس الحكومة الحالي الذي وضع عليه سؤال قبيل الانتخابات : لماذا لم تنجز كل ما تلوح به اليوم في الحملة الانتخابية ، و قد كنت في الحكومات السابقة لمدة طويلة.
فكان رد المعني بالامر: لم أكن آنذاك رئيس الحكومة لكي أنفذ ما وعدت به الناخبين .
و أمام هذا التصريح الخطير ، و الذي يعد سابقة في عالم السياسة، و هو أن رئيس الحكومة و الحزب الذي ينتمي إليه، هما المسؤولان عن نجاح أو فشل الحكومة .أما الأحزاب الأخرى، فتبقى فقط مكملة للحكومة و غير مسؤولة .
و قبل الانتخابات التشريعية بأسبوع ، يصرح الأمين العام لحزب الأصالة و المعاصرة أنه من المستحيل المشاركة في حزب الأحرار، و بعد الانتخابات، كان يا ما كان .
و يصرح الأمين العام لحزب الاستقلال قبيل الانتخابات، و يندد بتصرفات الأحرار بخصوص موضوع القفة مقابل الانضمام إلى الحزب. و ها هو اليوم مع التحالف و كأن شيئا لم يكن .
كيف للمواطن البسيط أن يفهم أو يستوعب أو يدرك .
و ما وقع أخيرا في الانتخابات المحلية، يدعي للاستغراب و الدهشة ، و كل ذلك من أجل الظفر بالمقاعد و “خدمة الصالح العام”.
نحن اليوم أمام الثلاثي الكبير المهيمن على جميع المستويات ، و معارضة ضعيفة و منقسمة و مبعثرة ، مما سيفسح المجال الواسع أمام الحكومة لتنفيد مخططها بكل سهولة . و نتمنى أن تفي و لو بجزء بسيط من وعودها الرنانة .
فقد كان محقا عندما بكى المغني عندما قال :
“خذوا المناصب و المكاسب” …