عندما يغضب الفن….

جسر التواصل17 فبراير 2020آخر تحديث :
عندما يغضب الفن….

طارق المعروفي

عندما يهيمن المتسلطون على الميدان الفني ، فيحتلون الإذاعة و التلفزة و المنابر الإعلامية الرخيصة و المواقع الاجتماعية المشبوهة ، لا يجد الفنان الحقيقي أي منفذ لتبليغ إبداعاته ، فيلجأ إلى الفضاء العام . و هكذا بدأنا نلاحظ مؤخرا ظهور شباب يعزف الموسيقى بشكل رائع أمام المارة في الشارع ، و آخرون يرقصون بشكل إبداعي جميل و متناسق و كأنهم قاموا بتدريبات مسبقة و مكثفة من أجل ذلك العرض .و أخيرا قام يوم الجمعة الماضي شباب من المعهد الموسيقى بتقديم معزوفات كلاسيكية في محطة القطار بأكدال بالرباط ،هدفهم إمتاع المسافرين، و تنظيف آذانهم من الأوساخ العالقة منذ عشرات السنين . ما الفرق بين ما نشاهد في التلفزة و نستمع إليه في الإذاعات ، و هؤلاء الشباب الذين يؤدون معزوفات في الشارع و الحدائق؟ الصنف الأول الذي احتل وسائل الإعلام، يعتمد على ما يسمى ب “الشعبي” الذي مسخوه و استغلوه لأغراض مادية حتى “خيخناه”. و الصنف الثاني هم هؤلاء الشباب الذين يستمتعون بما يقدمون من موسيقى جميلة بالفضاء العام ،لا يهمهم المردود المادي و لا الشهرة المزيفة ، إنما يريدون إمتاع الناس و إرجاع الثقة للمستمع و تهذيب ذوقه ، و ذلك بالعزف الجميل و الأداء المتميز و العطاء الخالص .
السؤال المطروح متى سنرتقي بالفن ،أم سيجرنا هؤلاء إلى مستنقعهم الخبيث ؟
الصياح و الصهيل… لا موسيقى و لا عزف و لا إبداع… حك جر… إيوا هايوا، إيوا هايوا …
و لا زلنا ننتظر .
حياة المتسلطين على الميدان الفني مليئة بالأحداث المنحطة ، هذه “خطفت” رجل فلانة، و هذا سكير لا يحترم أستوديو التلفزة ،متعجرف لا يدري ما يقول لأن فاقد الشيء لا يعطيه ،و هذا تنشر له صورا في وضعية مخجلة … و الجمهور المغلوب على أمره يتابع هذه الخزعبيلات في غياب الفن الراقي .
إنتهى عهد الأغنية المغربية و الإبداع الفني و حل محله الإبداع الالكتروني . إنتهى عهد المسرح المغربي و حل محله تعواج الأفواه و تبليد المتلقي . إنتهى عهد الفن الجميل و حل محله العفن الرديء …

الاخبار العاجلة