محمد معتصم
أعلن نقيب زوايا رجراجة بالمغرب عبد العزيز المقدم عن برنامج موسم رجراجة 2020 بإقليم الصويرة ، حيث ستنطلق فعاليات الموسم السنوي يوم الخميس 12 مارس القادم من سيدي علي بن بو علي بجماعة أقرمود ، كما سيتميز يوم 13 مارس بحضور عامل اقليم الصويرة ، الذي سيعطي افتتاح الموسم بعد تأدية صلاة الجمعة بزاوية بن احميدة ، حيث ستنظم ليلة التصوف والسماع بحضور عامل الاقليم وعدة شخصيات وفعاليات مهتمة بهذا النوع من الفن ، تم خروج الخيمة . تشمل هذه الجولة الدينية التي تعرف ب ” الدور ” مرحلتين تهم الأولى مجموع تراب منطقة الشياظمة , أما الثانية فتجري شرق ” جبل لحديد” . حيث يجري تنظيم طقوس دينية قرب كل واحدة من الزوايا التي تجري زيارتها خلال الموسم . ويعتبر هذا الموسم أطول موسم بربوع المغرب , دأبت ساكنة المنطقة على تنظيمه لعصور خلت , ومازال صداه يتردد . كما يكتسي أبعادا دينية وثقافية واقتصادية , حيث يحج اليه زوار مغاربة من مدن مختلفة , وأجانب . الموسم سيتواصل الى غاية الأحد 19 أبريل 2020 .
شرفاء ركراكة والتاريخ.
تصنف قبائل ركراكة ضمن القائل المصمودية الأمازيغية التي تعربت في ما بعد أثناء حملة عبد المومن بن علي الموحدي , وبعده حفيده يعقوب المنصور الموحدي التي استهدفت البحث عن سبيل التقريب بين العنصر العربي الوافد , والعنصر الأمازيغي للحد من فرص الثورة والتمرد لدى الأخير . وكانت لهذه القبيلة فضيلة السبقية لتلقي الاسلام بالمغرب, وكانوا مظاهرين للإسلام , ناشرين شرائعه , مدافعين عن حوزته, وبالأخص بعد ظهور البورغواطيين بمنطقة تامسنا, فكانت بينهم حروب استمات فيها الركراكيون على الاسلام, وباعوا أنفسهم في سبيل الله, بل روى جماعة من العلماء , أنهم يعتبرون في عداد الصحابة المغاربة لرسول الله ( ص ), لأنهم شدوا الرحال اليه , وزاروه بمكة في أول بعثته , وكلموه بالأمازيغية , فأجابهم بها ,وأسلمو ا أمامه , ورجعوا الى بلدهم المغرب, فهم أول من أدخل الاسلام الى المغرب.
المواسم الربيعية : دين ودنيا.
ظلت مواسم ركراكة المشهورة ب ” الدور ” طيلة قرون عديدة تؤدي وظائف دينية , لأن الأصل في تلك المواسم, أن الركراكيين أرادوا من خلالها تركيز العقيدة الدينية في أواسط القبائل الأمازيغية التي كانت تعمر حوض تانسيفت, فبعض المصادر التاريخية تحكي أن الأمازيغ ارتدوا اثنتى عشرة مرة, وبهذا يمكن تفسير طواف الركراكيين أثناء مواسمهم على أماكن مختلفة داخل اقليم الصويرة وخارجه, حتى يجددوا صلة تلك القبائل بالإسلام. وقد تجاوز ” الدور ” الاطار الدعوي الضيق مع مرور الزمن ليمتزج بعادات وطقوس وممارسات تعبر عن الهوية الثقافية للمنطقة, وتقام خلالها وعلى امتداد 44 يوما.
خروج الخيمة.
أكد نقيب زوايا ركراكة عبد العزيز المقدم ، بزاوية بن احميدة , ,أن موسم شرفاء ركراكة السنوي ينطلق من زاوية علي بن بو علي بجماعة سيدي علي لكراتي , تم الى سيدي امحمد بن عبد الجليل بزاوية تالمست, وخروج الخيمة الركراكية من زاوية بن احميدة ,وتوجهها الى الوالي الصالح سيدي عيسى بوخابية, مرورا بعدة زوايا .لتصل الى مدينة الصويرة. تم تنتقل الى سيدي مولاي بوزرقطون ,فالى زاوية سيدي بولعلام , بسيدي حمو احساين , فالى سيدي موسى , تم سيدي علي بن معاشو فاختتام الموسم بقيادة الشياظمة الجنوبية .و يعرف اليوم الأول من ” الدور ” خروج ما يسمى بالعروسة ( مقدم طائفة زاوية أقرمود ) ويمتطي فرسا . ويصاحب مختلف محطات ” الدور ” ” تم يأتي الى زاوية نقيب شرفاء ركراكة , حيث يتم خروج الخيمة , التي تعتبر عند الشرفاء بمثابة مسجد متنقل , تقام فيها الصلوات الخمس , ومجلس للذكر , والوعض والإرشاد الديني, هذه الخيمة تصنع على يد حرفيين قلائل من نبتة توجد بضواحي دكالة , , ويتم تجديدها كل ما دعت الضرورة الى ذلك, ولقد سمي الموسم السنوي لشرفاء ركراكة ب ” الدور ” , لأن ركراكة عرفوا بتبعيتهم الى الاسلام كما معروف تاريخيا, فكانت فكرة الدور بمثابة تحري سنوي من طرف ركراكة لهذه القبائل, ان هي لا زالت على الاسلام أم لا. ومن هنا جاءت هذه الفكرة, لون الخيمة بني , وتحمل على ظهر جمل ( ابل ).
يوم ” الصفية ” يخصص للبيع والشراء , وقضاء الأغراض , وفي اليوم الموالي , فيخصص للعبادة , والأنشطة الدينية والدعاء, وممارسة الطقوس الدينة.
في تصريح للجريدة ألتمس نقيب ركراكة عبد العزيز المقدم من الجهات الوصية العمل على جعل هذا الموروث الديني الذي عمر لعدة سنوات تراثا وطني انسانيا في أفق أن يصبح تراثا عالميا، كما يلتمس من جميع أبناء وأحفاد الشرفاء ركراكيين من داخل المغرب أو من خارجه , العمل على النهوض بهذا الارث التاريخي والديني , والنهوض به اعلاميا , والحرص على هذا المنتوج الثقافي والديني , والمحافظة عليه, والعمل على تلقينه الى الأبناء, لأنه موروث يشرف قبائل أمازيغية الذي كانوا سباقين الى الاسلام في المغرب, وإعطائه الاشعاع الاعلامي الذي يستحقه.
وعن نقيب ركراكة , فهي مؤسسة ,أحدثت بظهير اسماعيلي , حيث تم تنصيب الولي الشيخ سيدي امحمد بن احميدة, من طرف مولاي اسماعيل بموجب ظهير يكون هو نقيب ركراكة, فهو كبيرهم , وهو الذي يأخذ الزكاة , والأعشار من قويهم ويدفعها الى ضعيفهم وفقيرهم. وهو الذي يستشار في جميع أمورهم. وهو بمثابة المحاور الرسمي اتجاه السلطة , والنقيب يورث من الابن الى الابن .
ركراكة معروفين بالسبق الى الاسلام , بنشأة الزوايا التي كانت بمثابة قلع للعلم ومنابر للعلم والفكر والمعرفة, حيث تأسست بها مدارس قرآنية لحفظ ذكر الله والفقه. ولعل أبرزها المدرسة العتيقة بزاوية بن احميدة, وتم احياء مؤخرا عدة مدارس من بينها : مدرسة سيدي عبد الجليل ( تالمست ). أبي بكر الشماس ( أقرمود ). ومدرسة أغيسي .
تبقى الاشارة الى أن شرفاء ركراكة وزواياهم وأضرحتهم يوجدون في ربوع المغرب ، كما تتواجد بالجزائر ، و خلال موسم ركراكة السنة الماضية حضر فعاليته شرفاء من زاوية ركراكة بأسا الزاك .