جسر التواصل/ الرباط: الحسين بلهرادي
الوافي الرحموني..اسم على مسمى..الوفاء والرحمة..الوفاء والإخلاص في كل شيء..مع النفس والذات والكتابة والأخر..حكاية هذا العصامي…تحتاج إلى الملايين من السطور..تعرفت عليه وأنا أتابع دراستي بأولاد أفرج..بإقليم الجديدة..بقسم البكالوريا..خلال هذا العام..اكتشف عالما ..أدبا جديدا مع هذا الرجل القادم من المنطقة الشمالية..فقد دعمني معنويا وماديا..حكاية لن تنسى..
داخل مؤسسة 6 نوفمبر كان قسمنا في تنافس مع مجموعة اخرى يشرف عليه الأستاذ خشينة أطال الله عمره..كنا في صراع خفي بيننا..من سينال أعلى المراتب..كان التنافس شريفا..كنا نحن فئة قليلة شعبة الأدب..مقارنة مع أصحاب العلوم.
مع هذا الرجل تعلمت المفهوم الحقيقي للقصة والأقصوصة والرواية والكتابة السردية..معه تعلمت وتعلم معي من كانت له حرقة التعلم..مفهوم التحليل الروائي..وقراءة المباشر وغير المباشر لمجموعة من الروايات..
معه عرفت القيمة الحقيقية لرواية “رجال في الشمس”..التي تبقى اعز وأحسن ما قرأته في مسيرتي الدراسية المتواضعة..معه عرفت أبطالها…ومعه تمكنت من الحصول على أعلى المراتب في مادة العربية داخل إقليم الجديدة..
ومهما كتبت عن “رجال في الشمس” لغسان كنفاني..والسرد الحكائي لها…والأبطال.. لابد على كل واحد منا أن يطلع عليها..للأسف لم افهم لماذا تم حذفها من المقررات الدراسية؟.
رواية “رجال في الشمس “من أشهر روايات غسان كنفاني على الإطلاق، طبعت في عام 1963م ..فيلم سينمائيٍّ عام 1972م تحت عنوان (المخدوعون)…تدور أحداث الرواية حول ثلاثة رجال من فلسطين يعيشون واقعاً صعباً مرّاً ويحاولون الهرب منه إلى مكانٍ أوسع.. وتطوَّرت أحداث الرواية عندما اتَّفق هؤلاء الرجال مع شخصٍ ليهرِّبهم من الحدود بين العراق والكويت.. وبدأت معاناتهم منذ صعودهم بالشاحنة المخصصة لنقل المياه، إذ كان يوجد خزان كبيرٌ في مؤخرة الشاحنة، فكان الاتفاق مع السائق أن يختبئوا في الخزان عند المرور بنقطة التفتيش.. ويخرجون بعدها من برد الأمل وسلامه إلى الشمس ولهيبها.. وعند الوصول إلى الحاجز الأخير مكثَ السائق وقتاً طويلاً في حديثه مع الجنود.. والرجال مختبئون في الخزان حتى نالت منهم أشعة الشمس ولم يلبث السائق أن اكتشف أنهم ماتوا جميعهم خنقاً. وانتهت الرواية بسؤال عريض يحمل معانٍ عديدة: لماذا لم يدقّوا الخزان؟؟؟
جرتني رواية” رجالات في الشمس” للحديث عنها..وكان هذا شيء طبيعي لأن الذي جعلني اعشقها..وأعيد قراءتها أكثر من عشر مرات..هو هذا الأستاذ..المبدع الذي عرف كيف يحبب لنا كل هذا…؟؟
وبالعودة إليه فقد تخرجت على يده مجموعة من الأجيال..والتي تعتلي مجموعة من المناصب الهامة في الفترة الآنية..فهو الذي انطلق من شفشاون مكان الولادة..لتكون محطة وزان أولى محطات العمل المهني.منها إلى أولاد أفرج الغالية..ثم العودة إلى سيدي قاسم..الذي تقلد داخل مؤسساتها مجموعة من المناصب..
وبعيدا عن مهنة التدريس فد نجح هذا المتواضع الخلوق أن يقدم للقارئ المغربي والعربي مجموعة من الإصدارات الأدبية..التي تبقى من أحسن ما تعرف الخزانة الأدبية الوطنية..
أولى الانتاجات الأدبية كانت بعنوان” معراج العاشقين” 2003 ثم رواية”المضطهدون” والتي تبقى حسب تصوري المتواضع من أحسن الأعمال نظرا للموضوع الذي تناولته..ثم”أوليدات الصيادين” ثم رواية ” خفايا علبة الحرف” 2011..ثم رواية” ملحمة الحب والحرب” 2013..ثم رواية”متاهات الياسمين 2018..
وأخيرا أكليل المؤانسة..وهي مجموعة قصصية (خمسون قصة وأقصوصة) كتبها ما بين 2017 و2020..وهي فترة مهمة من ناحية الوقائع على جميع المستويات..النفسي والاجتماعي والقومي والحضاري والتكنولوجي…
ورغم إنني مازلت لم اطلع على تفاصيلها..لكن من خلال تجربتي المتواضعة…وعلاقتي الجذلية مع الأستاذ الوافي الرحموني..إنها تتميز بالتشويق والإثارة..كما تبعث مجموعة من الرسائل النقدية لمجموعة من الاعوجاجات التي تمس القيم داخل المجتمع..في رسالة تحت عنوان الكرامة والحرية والديمقراطية
وحتى لا أطيل عليكم ..لابد من الاطلاع على هذا الإبداع الجديد.. للمبدع الوطني الغيور على كل ما جميل ومفيد