بقلم : محمد نجيب

كانت حلقة مورقة نبشت في عمق التراث ، وفتحت الباب على مصراعيه للدخول الى تجربة فريدة من نوعها ، متميزة في اسلوبها، متألقة في عطاءها الوافر ، تجربة الشاعر الكبير عبد المجيد الزوان شيخ الزجل وفارس الكلمة التي تمتح قصائده من لغة البادية وعبقها ، من البداوة وما تحبل به من شهامة ونبل وكرم وحسن ضيافة ، وتشبث بالأصول ووفاء للجذور …جاء الوقت ليسلط الاعلامي المقتدر عبد الله البلغيثي الضوء في برنامجه مقامات على تجربة عبد المجيد الزوان ، العميقة اسلوبا ، الثرية مضامينا ، والأصيلة مبنى ومعنى ….
عبدالمجيد الزوان شاعر البادية وفارسها ، وأحسن من صور البادية في قصائده ، وبنى لها قصرا بين ثنايا ابيات ازجاله وأشعاره …سرعان ما يبدي حنينا جارفا لأرض الجدود ، للتربة الطاهرة، لكل معالم البادية التي أحبها بعمق ,فبادلته حبا بحب ، ومنحته الفرصة ليغرف من معينها ليعطينا قصائد متوهجة ، متألقة ، تبهر سامعها ، ولا يفتأ في اعادة الاستماع اليها مرات ومرات لينعش القلب والوجدان والذاكرة ….
في طرحه في “مقامات”قدم الاعلامي المقتدر عبد البلغيثي ضيفه الكبير عبد المجيد الزوان كما لم يقدمه أحد ، تحدث عن قصائده ، عن إبداعاته ، عن دواوينه عن مساره مع الكلمة ، عن أستاذ التربية البدنية العارف بخبايا وأسرار القصيدة التي منحها كل وقته وفكره ، فخلع بذلة الاستاذ والمربي ليلبس جبة الشاعر ويتمطي صهوة الكلمة ويصدر مرة واحدة اربعة دواوين غاية في الرقي ورواية تمتح من حركية البادية … ويفاعة “تساوت” المنطقة والديوان ، فكان ان تهافت العاشقون للكلمة الراقية على ديوانه المثير “سواكن تساوت ” ….. “سواكن تساوت” تحفة الدواوين وولادة اولى باكورات الحلم الذي سرعان ما تحقق لزجال وشاعر عاشق للتمرد عن الأنماط المعروفة ، رافض الزيف والنفاق و(الحكرة )والاستغلال والاضطهاد ، شاعر عميق الرؤيا بديع التفكير ، متمسك ببداوته التي لا يرغب عنها بديلا ….هكذا هو عبد المجيد الزوان صلب مهما تغيرت الازمان ، عنيد مهما زحف التمدن على ضفاف البادية ….بقي عبد المجيد الزوان متمسكا ببداوته ،متشبتا بأصالته وشهامته ونبله كأنه يذكرنا بإنتماءنا ويحرضنا على التشبث به والاعتزاز بالأصول والجذور …. كانت حلقة “مقامات ” وهي تستضيف الشاعر الكبير عبدالمجيد الزوان ، مشعة بالضياء ،تعبق بلون الصفاء الشعري والنقاء الزجلي الذي يصر عبد المجيد الزوان ان ينحث به عناوين قصائده المبهرة والمزنرة بلغة البادية …
حتى وهو يقرأ قصائده …فهو يقرأها بشموخ وعنفوان لا مثيل له ، يرفض أن يقرأ من الديوان او الورقة ، كأنه مرة اخرى يدعونا ان نحفظها ونجد لها مكانا في القلب والذاكرة ، يسردها وهوفي حالة انفعال وتجلي ، في انسجام بينه وبين القصيدة ليصبحا كيانا واحدا يثير الاعجاب …هي حالة من الخشوع في لحظة الكلمة التي تبهر الأنظار ويصيخ لها السمع …. فتستقر القصيدة في وجداننا للأبد . وهو يسرد القصيدة ينتقل عبد المجيد الزوان بسلاسة بين الابيات معبرا بصدق عن خباياه ، عن مكنونات القصيدة فيصل سريعا للمتلقي ليحمله الى مرافئ عشق الحرف وسلطان الكلام ….
عبدالمجيد الزوان ظاهرة شعرية ولدت من رحم تساوت وفلتة من فلتات المنطقة ، جاء ليغرد وحده ويعتلي عرش الزجل بدون منافس ….
شكرا للاعلامي الكبير والمبدع عبد الله البلغيثي ، شكرا ل “مقامات “البرنامج الناجح الذي استطاع عبد الله البلغيثي ان يجعله على كل لسان وفي صدارة البرامج الثقافية والأدبية … شكرا للشاعر الجميل والأديب الراقي الاستاذعبد الكبير معروف الذي قدم شهادة رائعة في شاعرنا عبد المجيد الزوان وهي شهادة من كبير اتجاه كبير ، فالأستاذمعروف أديب وشاعر نفذ الى اغوار تساوت ، ونقب عن شخوصها وأعلامها ومبدعيها ببراعة الباحث المتنور والأديب الجسور ليصل بنا الى تطابق كلي بين عبد المجيد الزوان والشاعر الأمازيغية “مريريدة نايت عتيق”… ولعلنا سنفرد حلقات عن كتابه القيم “الحلقة المفقودة في شعر مريريدة ” عبد المجيد الزوان وعبدالكبير معروف ثنائي الأصالة …روح واحدة في جسدين ، وصداقة فيها من العمق والوفاء والإخلاص والتضحية ما لا ينضب أبدا …. مرة اخرى شكرا للاعلامي المقتدر عبد الله البلغيثي فقد حلق بنا برنامجك البهي في فضاءيعبق بأحلى كلام وأجمل الانغام ……



تسجيل الحلقة