بقلم الباحث : عبدالله راشد الشحي – مملكة البحرين
Email: aralshhi@gmail.com
الإدارة الاستراتيجية والتخطيط الإستراتيجي ركيزة أساسية تعتمد عليها الكثير من المنظمات والمؤسسات سواءً على النطاق الحكومي أو الخاص، وقد اتخذت العديد من الدول المتقدمة الإدارة الإستراتيجية والتخطيط الاستراتيجي منهجاً علمياً في جميع تعاملاتها،وقد بدأت هذه التجربة تتعمق وتتضح بعد سلسلة من التجارب التي اثبتت مع الوقت نجاعتها في تحقيق الأهداف المستقبلية، ودون هذه الخطط الاستراتيجية فإن العمل مهما كانت جودته إلا أنه لن يحرك ساكناً إن لم يصحبه تخطيط استراتيجي يضمن له التطور وتحليل الموقف الحالي والمستقبلي، أي أن التخطيط والإدارة الاستراتيجي مهمة جداً فلا جودة عمل دون تخطيط دقيق لمعرفة الطريق السليم والسبيل القويم للأداء.
ولعل أهم المحاور المرتبطة بالإدارة الاستراتيجية هو ارتباطها الوثيق بالرؤية المستقبلية والاستشرافية، حيث أن ذلك يمهد لواضعي الاستراتيجية تحقيق عناصر المبادرة لتفاعل المنظمة مع بيئتها الداخلية والخارجية، الأمر الذي ييسر وضع وصياغة الاستراتيجية بقدر كبير من الدقة وتوقع الأحداث المستقبلية والتنبؤ بما ستكون عليه بيئة المنظمة في المستقبل، وهذا كله يصب في المساهمة في كيفية التعامل الفعال وتوقع الأحداث المستقبلية وتوفير الضمانات للاستمرار والتطور وتدعيم الرؤية الصائبة عن المعطيات المستقبلية ودقة توقعاتها بما يحقق الأهداف التنموية، إلى جانب أن الإدارة الاستراتيجية تعمل على إحداث التغيير والحد من مقاومته وتحسين قدرة المنظمات على التعامل مع المشكلات وتحقيق التفاعل البيئي في المدى البعيد وتدعيم الأداء وتحسينه.
وإذا ما نظرنا بمنظور الإدارة الاستراتيجية في المجال الأمني، نجد أن الإدارة الاستراتيجية لها من النجاعة والضرورة القصوى لبناء هيكيلية الأجهزة الأمنية في أي بقعة من العالم، وذلك لكون عمل الأجهزة الأمنية على مستوى عالٍ من الأهمية في حياة المجتمعات لأنها تمثل صمام الأمان لها، وبنجاح هذه الأجهزة الأمنية في تحقيق ذلك فإنه لدلاله على التقدم الحضاري، وما إذا نظرنا إلى عمل الأجهزة الأمنية بشكل عام نجد أنها تقوم على نمط متشابك من المهام، وتقوم على مكافحة العديد من الجرائم، فضلاً عن جهودها الحثيثة في غرس قيم الوقاية من الجريمة، والتعامل مع العديد من الثقافات لتعدد التركيبة السكانية الايديولوجية والثقافية، وفي ظل عدم وجود استراتيجية واضحة ومكتوبة وتقوم على أسس علمية سيكون من الصعب رصد الحالة الراهنة الواقعية لمستويات الأمن في المجتمع، وتحديد الأهداف المستقبلية فضلاً عن غياب جانب تحسين الأداء وتحقيق ماتصبوا إليه الأجهزة الأمنية وفي المقام الأول خفض معدلات الجريمة بطبيعة الحال، وبذلك فإن الإدارة الاستراتيجية والتخطيط الاستراتيجي ضرورة قصوى لبناء هيكلية الأجهزة الأمنية ومؤسساتها حيث تضمن الإدارة الاستراتيجية الفعالة تطوير الكوادر البشرية وتحديد الأهداف بدقة وتوضيح المسارات والسيناريوهات المتبعة لتحقيق تلك الأهداف،إذ تعتبر الإدارة الاستراتيجية من المنطلقات الأولى في صناعة المستقبل، إذ أن الإدارة الاستراتيجية تكفل مواجهة المشكلات الإدارية وتحيلها للتحليل ليقوم على أساسها التخطيط الاستراتيجي الذي يضمن التكيف مع التغيرات والمستجدات التي تطرأ في البيئة الداخلية والخارجية لأي منظمة أو مؤسسة، ولاسيما إن كانت هذه المنظمة هي الأجهزة الأمنية، والتي هي بالضرورة تحتاج إلى هذا النوع من الاستراتيجيات بشكل عام، لحساسية عمل هذه الأجهزة من جهة ، وللتأكيد على النأي عن العمل التقليدي للأجهزة الأمنية دون رصد وتحليل ومراقبة وقياس أداء، ومن هذا المنطلق فإن وضع استراتيجية ادارية استشرافية شاملة للأجهزة الأمنية من الممكن أن يمكنها من النهوض بمستوى أداء العمل ويحقق المصلحة العليا للمجتمع.
خاصة أن ربط الإدارة الاستراتيجية باستشراف المستقبل من شأنه أن يكون المحرك الأساسي لايجاد صيغة تستخدم أدوات فعالة للتعامل مع التوجهات والمحركات الدولية والفرص والتحديات المستقبلية ووضع التصورات والحلول الاستباقية لمتغيرات وتطورات الغد على اسس علمية ، ويمكن القول ان استشراف المستقبل من منطلق الادارة الاستراتيجية هو روح وتقدم الحضارة ومفتاح التنمية وسبيل الرفعة ووسيلة لتقدم المجتمعات.