
مراكش محمد الصقلي
لا وحدة و لا اتحاد بين العرب. وانما هي وعود واهية او رعود خلبية لا غيث فيها. الوحدة تنبعث من إرادة الشعوب. و الإرادة المقصودة هنا لا تعني انظمة فرضت من فوق مما خلفه الاستعمار عبر تواطآت و توافقات أملتها المصالح و زكتها الامتيازات.
لماذا لم يتحد العرب حتى الآن و إنما تراهم جميعا و قلوبهم شتى و لكل وجهته. لطالما تغنى الحكام و السياسيون بشعارات الوحدة. و باعتقادي أن هذا المفهوم ولد ميتا. و من ثم تشبثنا بهذا المفهوم الذي لا نبض فيه و لا حياة.
اوروبا لم تنطلق باتجاه الوحدة ثم الاتحاد بعد حروب مدمرة بمخلفات كارثية عمرت قرونا الا بعد أن تجاوزت مفاهيم الوحدة الجغرافية ووحدة العقيدة او ايضا تجاذبات الادلوجة و تضاربها.
اوروبا بعد صراعات مريرة اهتدت اخيرا إلى أن البقاء و الاستمرار و التطور لا تضمنه قوة السلاح وحدها و إلا لكان هتلر ضمن لنفسه السيادة و التسيد على اوروبا بالكامل. ولا حتى الادلوجة ضامنة للوحدة و إلا لكان النظام السوفياتي البائد بسط نفوذه على نصف الكرة الارضية. فيما انشطر و ترامت أطرافه مخلفا نزاعات دامية في شرق اوروبا كما تناسلت عنه معظم الويلات التي تجناح الشرق الاوسط و شمال افريقيا.
الوحدة في اوروبا انطلقت من ميثاق يستند إلى مصلحة و مستقبل الشعوب. و من ثم اعتمدت الشرط الديموقراطي في الحكامة و التسيير و التدبير و اخذت وجهتها صوب التطور و النماء و التقدم و الرفاه.
لماذا إذن اجهضت كل إرهاصات الوحدة و الإتحاد بين الاقطار العربية؟
ذلك ان الوحدة لم تكن غاية و إنما تم استخدامها من قبل الانظمة العسكرية التي جاءت إلى الحكم عبر انقلابات في مصر و سوريا و العراق باسم الثورة و الاشتراكية و التقدمية. و من ثم التبست هذه الوحدة بطابع قومجي. و مع منتصف الستينات و مطلع السبعينات انتقلت هذه الحمى في صيغتها الناصرية إلى الجزائر التي لم تعرف نظاما مدنيا منذ استقلالها حتى الآن كما إلى ليبيا حيث فشل القذافي عبر اربعة عقود في صياغة نظرية الدولة و جعل الحكم متمحورا حول شخصه و عوض الجيش النظامي بميلشيات مسلحة تدين له بالولاء وحين اختلت الموازين كانت أول من انقلب عليه.
فاين الوحدة و الاتحاد في كل ما يقع حولنا. وفي ما يطبع العلاقات اابينية بين هذه الدول. كل في فلك يسبحون. الحدود متاججة باستمرار و الحيطة و الحذر و الارتياب و التوجس ناهيك عن منطق الاحتراب هو سيد الموقف في ما بين الكويت و العراق.. لبنان في قبضة كماشة اليمن و السعودية مصر و السودان قطر و جيرانها في الخليج فضلا عن الجزائر و المغرب.
هنا يطرح التساؤل اي دور سواء في الماضي كما في الحاضر لمؤسسة هلامية تحت مسمى جامعة الدول العربية. هل كان لها أي تأثير في حلحلة اي نزاع عربي عربي ما دورها في متابعة مقررات القمم العربية ما استراتيجيتها او هل لها رؤية استباقية لمستقبل المنطقة العربية.
إذا كان لابد من خلاصة او بالأحرى استناج هو لا وحدة في الأفق بين العرب والمؤشرات التي تدعم هذا الطرح قوية و بادية للعيان كما ان الاوضاع المتآججة في منطقتنا من ليبيا
التي تحاول إطفاء حرائقها لتونس المتذبذبة بسبب الجوار اللدود إلى الجزائر في مخاضها العسير بين حراك مطالب بالدولة وعسكر يتمسك بملف الصخراء المنتهي كصمام آمان لمقاومة الطوفان القادم.
فما على المغرب إلا المضي بإصرار في ترسيخ تموقعه كقطب استراتيجي سياسيا و اقتصاديا كما و أمنيا و عسكريا في الفضاء المغاربي و الشرق الأوسط و ايضا على مستوى الشمال و الجنوب وهو ما يعزز فتوحاته الرائدة في العمق الإفريقي.