طارق المعروفي
مشاكل السكن في العمارة تزداد و تتفاقم و تتشعب حتى تصبح الحياة في تلك العمارة عبارة عن جحيم لا يطاق…
ربما سيقول البعض إنها مسألة الوعي و التربية . خطأ .
و ربما سيقول الآخرون إن العمارة المتواجدة في حي راقي ، تختلف عن مثيلتها في الحي الشعبي . خطأ.
و هناك من سيقول إن الأمر يتعلق بمستوى الطبقة التي يعيش فيها هؤلاء السكان . خطأ .
إن مشاكل العيش في العمارة لا تختلف ، سواء كان يسكنها المثقفون أو الأميون، سواء كانت فاخرة في حي راقي أو في حي شعبي.
و سوف أحاول أن أتطرق في هذا الموضوع إلى ثلاث نقط فقط.
المشكل الأول متعلق بتسديد المستحقات :
في هذا الإطار ،لا بد أن تجد في العمارة أحد السكان الذي يريد الامتناع عن أداء الواجب الشهري، و يبحث عن جميع المسببات للتخلص من الأداء. و لهذا يقوم مثلا بالاحتجاج عن كل شيء و أي شيء، إلى أن يقرر عدم أداء المستحقات. فيتبعه بعض الذين ينساقون وراء هذا التصرف، إلى أن تصبح العمارة بدون مداخيل ،أي بدون نظافة و لا إنارة و لا اهتمام .
المشكل الثاني و يتعلق بالمرافق المشتركة في العمارة :
بعض السكان يرون أن تلك المرافق لا تخصهم، و لا يمكن لهم المساهمة في إصلاحها أو الاهتمام بها ،ما داموا لا يستفيدون منها.
و على سبيل المثال لا الحصر، عندما يحدث عطب في المصعد، و يكون من الواجب على جميع السكان المساهمة لإصلاحه، تجد بعض سكان الطابق السفلي يمتنعون عن الأداء أو يتماطلون ،على اعتبار أنهم لا يستفيدون من هذا المصعد ، و يمكن الاستغناء عنه .
كما أنه إذا ما حدثت شقوق في سطح العمارة بسبب الأمطار أو ما إلى ذلك ، فإن المتضرر الوحيد هو الذي يسكن في الطابق العلوي، فيضطر لإصلاح السطح عندما يمتنعون الآخرون مع أنه ملك مشترك. و حتى إذا ما شارك السكان في عملية إصلاح السطح، فإنهم يعتبرون أن تلك المساهمة هي لصالح سكان الطابق العلوي لا لصالحهم، مع أنهم يستغلونه في “النشير” ،و متنفس للعب للأطفال خصوصا في الحجر الصحي ،كما يستغلونه للذبائح و “تقطاب “الزرابي . إلا أنه عندما يتعلق الأمر بالإصلاح ،ينسحب الجميع ليتركوا المتضرر المباشر .
المشكل الثالث و يتعلق بالضمانة العشرية :
كلنا نعلم أن العمارات الجديدة تتوفر على ضمانة لمدة عشر سنوات تتعلق بالأخطاء و العيوب في البناء، مما يحتم على المقاول أن يصلح تلك العيوب و الأخطاء .إلا أن الضمان العشري يمكن أن يسقط ،إذا ما وقع تغيير في العمارة من طرف السكان. و نحن نعلم أنه بعد شراء المسكن، فإن جل ملاكي العمارات يقومون بإصلاحات كبيرة داخل منازلهم و حتى في البالكونات، التي تتم تغطيتها بالكامل بسقوف غير لائقة و تشوه معالم العمارة و المدينة .بالأمس كنا نواجه دور القصدير المتواجدة في الأسفل ،أما اليوم ،فقد تحولت هذه البنايات العشوائية “المقصدرة” في واجهة العمارات .
مثل هذه المشاكل و أخرى يتخبط فيها الساكن المغربي ،و لا يجد لها حلا أمام تعنت بعض الملهوفين و الوصوليين ،و الذين تم إسقاطهم بالمدينة ،غير مدركين لنظام الملكية المشتركة و حسن الجوار و الامتثال للقانون .