عمر عاقيل
تبدو صورة الأندية فيما يخص نظرتها اتجاه المدربين، لدى الغالبية منها لا تبنى على رؤية واستراتيجية واضحة محددة المدى، في كل موسم تطرح أسماء وتسقط رؤوس، في كل موسم تتردد مدارس مختلفة من المدربين العرب إلى الأوروبيين إلى الأميركيين اللاتينيين، ما يحدث يدلل بشكل واضح أن الأمور تدار باﻹجتهادات الشخصية أكثر منها باﻹستراتيجيات والخطط المستقبلية.
في تصور الأندية، حتى لا أقول الرئيس قبل اختيار المدرب يتم تجاهل رسم الإستراتيجية من الأهداف المرجوة، حتى تتناسب اﻹختيارات مع الأهداف الموضوعة على رأس الأولويات، بما يتناسب مع إمكانات وقدرات كل مدرب ومواصفاته مع خطط وبرامج النادي الحالية والمستقبلية ومدى تناسبه مع نوعية اللاعبين الموجودين، أي أن الأهم من الإقناع باعتقادي الذي يبحث عنه أي ناد بما يحقق نوعا من التوافق النفسي، وبما يتوافق مع وضعية اللاعبين المتواجدين.
إن الواقع الشاذ المأساوي الذي يطرح كل موسم، وقد أطاح بثقة الجماهير في إدارات الأندية، يضعنا أمام عقدة مستعصية اسمها غياب وضياع الحلول داخل الأندية المغربية، وبقاء سجل التنظير الإصلاحي والمطالب مفتوحا، حتى أيقنت تماما بأن المشكلة التي تتخبط فيها الكرة المغربية هي جزء لا يتجزأ من مشكل العلاقة التي تجمع المدرب بناديه.
معادلة الفوز داخل منظومة الأندية يحب أن ترتكز على أكثر من عنصر أبرزها الإستقرار على الجانب الإداري أو على مستوى اللاعبين، وكذلك الجانب الفني وقد دفعت بعض الفرق ثمن التخبط في تغيير المدربين غاليا سواء تلك التي تنافس على المقدمة أو تصارع من أجل الهروب من شبح الهبوط، وتبرز تجربة الأندية التي حافظت على أجهزتها التدريبية كونها حققت أفضل النتائج.
ﻻ ﺃﻋﻠﻢ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ رؤساء الأندية يتمسكون بكرسي الرئاسة ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ إﺩﺧﺎﻝ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﻓﻲ ﻧﻔﻖ ﻣﻈﻠﻢ ﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻪ، ﻭﺍﻟﺤﻞ ﺍﻷﻣﺜﻞ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺗﻐﻴﻴﺮ اللاعبين ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺪﺭﺑﻴﻦ، ﺑﻞ ﻓﻲ إﺑﻌﺎﺩ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ، التي تعتبر ﺣﺘﻰ ﺍﻵﻥ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻟﻤﻌﻈﻢ ﻣﺸﺎﻛﻞ ﻛﺮﺓ ﺍﻟﻘﺪﻡ المغربية كونها تتمثل ﻓﻲ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ، ﻭﻫﻮ ﺳﺒﺐ ﺭﺋﻴﺴﻲ ﻭﻋﺎﺋﻖ ﻧﺤﻮ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻭﺍﻹﺣﺘﺮﺍﻑ، ﻷن أغلب قراراته تقوم ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺎﻣﻼﺕ ﻭﺍلمصلحة ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻌﻴﺪ ﻛﻞ ﺍﻟﺒﻌﺪ ﻋﻦ ﺍﻹﺣﺘﺮﺍﻓﻴﺔ ﻭﺗﻐﻴﺐ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻭﺗﻈﻬﺮ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍلسلبية.
أي أن ما يحدث في بطولتنا وجب وضع ضوابط له في عملية التغيير سواء من نصوص وتشريعات وشروط ومواصفات وميثاق شرف بين المدربين فيما بينهم وميثاق آخر بين الأندية بين بعضها وأن نتوقف عن لعبة الكراسي المتحركة والتغييرات العشوائية وأن نكون أكثر حرصا ودقة في التشخيص وأكثر ترو عند اتخاذ القرار وأكثر دقة في الحكم وأكثر موضوعية في التقييم.
حينما نقول إن إدارات الأندية تعيش حالة من التخبط، تبرز خلالها اﻹجتهادات في ظل غياب الحسم في كل الصراعات والخلافات التي بقيت عالقة حتى يومنا هذا، فإننا نعني بالتحديد كثرة القضايا التي وصلت حتى إلى المحكمة الدولية، ما كانت لتظهر إلا لسببين مهمين، اﻹفتقار إلى الإلمام بالأمور، واﻹنفراد باتخاذ القرار.
وفي الحقيقة واقع العمل الإداري أكل من جرف الكثير من المكتسبات التي كان يفترض أن تحدث، وهو أمر أدى حتما فيما بعد إلى ضياع الوقت وتشتت الجهود والتخبط الفعلي الذي لم يطور من واقع الأندية بشيء، بل زاد الطين بلة، بسبب كثرة الملفات العالقة، فحدث ما حدث من فارق كبير بين ما كانت تتمناه الجماهير وتنشده وبين ما حصل على أرض الواقع.
في بطولتنا تصبح حالات تغيير المدربين أكبر من عدد المفاجآت في البطولة، تأتي النتائج غير المرضية إلى أرض الواقع، لتأتي حصيدا على تاريخ العديد منهم، تكبر معها حالات الأسماء الذاهبة بخفي حنين، تصبح عند نهاية الموسم جمعا كبيرا، فهم يتسلمون مهامهم وسط غيث منهمر من الوعود والإستراتيجيات للرؤساء، بشكل يدفع الأحداث إلى التأجيج المستمر بعيدا عن روتين المدرب الواحد.