دِبلوماسيةٌ رُوحيّة!

جسر التواصل6 نوفمبر 2020آخر تحديث :
دِبلوماسيةٌ رُوحيّة!

أحمد إفزارن
الجمعة 6 نونبر 2020

في المَغرب، أُفُقٌ لتَحرِيكِ الدّبلوماسيةِ الرّوحيّة، باتّجاهِ القارّاتِ الخَمس.. رُوحانيةٌ قائمةٌ على أديانٍ ذاتِ قِيّمٍ يُوحّدُها: “السّلامُ عليكُم”!
وهذا الأفُقُ يتَمثّلُ في أن نَنفتِحَ على مُختلِفِ الأديانِ المُتَجذّرةِ هُنا، داخلَ البلَد، وعلى الأديانِ المُهاجِرةِ إلينا قديمًا وحديثًا، منَ الشرقِ والغرب، والشّمالِ والجنوب..
ويُمكِنُ إنشاءُ اتّحادٍ وَطني للأديانِ السّماوية، فيكُونَ ما يُوَحّدُها على أرضِنا هو: الوَطنُ الواحد.. هُو يَجمعُنا ويُوحّدُنا على وطنيةٍ ذاتِ جِذعٍ رُوحانيّ مُشترَك..
وهذا يُخَوّلُنا التّشارُكَ للبحثِ في المَشاكلِ المَطرُوحةِ على الصعيدِ الوطني والعالمي، ومنها فكُّ تعقِيداتِ التّطرّفِ والإرهاب..
هل تَستطِيعُ الأديانُ المُتجذرةُ في بلادِنا، وذاتُ الأصُولِ الشّرقية والغربية والشمالية والجنوبية، أن تُوحّدَ صفُوفَها في ما يَجمعُها حول الوطنِ المُشترَك، تحتَ أضواءِ رُوحٍ وطنيةٍ واحدة..
وفي هذا السّياق، يستَطِيعُ بَلدُنا أن يلعبَ دورَ المُوحّدِ للصّفوفِ الرّوحِية، وأن نستَحضرَ معهُ مِفتاحًا رئيسيًّا يَتمثّلُ في “إمارةِ المؤمِنين”..
وقد سبَق أن صَرّحَ مَلِكُنا، في جولةٍ إفريقية، قائلاً: “أنا أميرٌ للأديَان”..
لم يَتحدّث المَلكُ عن دٍينٍ واحد.. تحَدّثَ عن أديان، بصيغةِ الجَمع..
وهذا التّصريحُ بهذه الصّيغة، يتّسمُ ببُعدِ نَظر، وبِخَلفيّةٍ رُوحيّةٍ دالّة، خاصّةً وأنّ الهجرَةَ في العالم، عبرَ التاريخ، لا تَقتَصرُ على البشر، تُجّارًا ولاجئينَ ورُحّل، بل تَشمَلُ أيضًا الأفكارَ والمَشاعرَ والفُنونَ والآداب، وتَسمَحُ بالاختِلاط والتّنوّعِ والتّعدُّد والمُشترَكاتِ البشرية، وما يُسمَّى بلُغةِ العَصر: “دِبلوماسية شَعبيّة”..
وينطبقُ على الأديانِ ما ينطبقُ على الأفكار والفنون والعلوم والتكنولوجيا والمصالحِ المُتبادَلة..
وهذه يُمكنُ أيضا توظيفُها لتحريكِ المُشترَكاتِ الرّوحيةِ وغيرِها، من أجلِ تحقيقِ السلامِ المحلّي والإقليمِي والعالمي الذي توصِي به كلُّ الأديان..
ويستطيعُ بَلدُنا أن يلعبَ دورَ الجامعِ والمُوحّدِ لمَغربِ الأديان، في سياقِ الوحدةِ الرّوحية، ومن ثمّةَ يَفسحُ المجالَ لهذه الطاقاتِ الدّينية لكي تعقدَ مُلتقياتٍ في مَغربِ الأديان، للبحثِ في ما يُوحّدُها حولَ أديانٍ هي في شكلِها مُتنوّعة، وفي عُمقِها هي بنّاءةٌ على تُرابِ وَطنٍ واحد..
وهُنا يَكُونُ الوَطنُ الواحدُ الجامِعُ حاضِنًا لطاقاتٍ رُوحيةٍ فاعلةٍ من أجلِ ما فيهِ خَيرُ الإنسانيةِ جَمعاء..
وعِندَها، تنطلقُ من بلادِنا دبلوماسيةٌ روحيّةٌ عالَميةٌ لم يسبق لها مثيل، وتتمثّلُ في تجميعِ كلّ الأديان حول المُشترَكاتِ السّماويةِ ذاتِ النّبَضاتِ الإنسانية..
وستلعبُ دبلوماسيتُنا الرّوحيةُ أدوارّا توحِيديّةً عالميّة، هادِفةً لما فيه خيرُ الإنسانية، تحت أضواءِ أديانٍ مُتنوعةٍ في الشكل، وواحِدة في العُمق، وكلُّها من إلهٍ واحد، تحت سماءٍ واحدة، مع بشرِيةٍ واحدة، على كوكبٍ أرضيّ واحد.. وكلُّها أيضًا لها خُصوصياتٌ مَكانيةٌ زمانيةٌ تشريعيّة، وفي عُمقِها هي دينٌ واحد، من ربّ العالمين..
وهذا الأفُقُ الرّوحي، الواحدُ المُوحِّد، قادرٌ على المساهمة، وبشكلٍ فعّال، في إنقاذِ البشرية من المخاطرِ التي تتَهدّدُها..
وهذا نفَسٌ جديد.. مَفتوحٌ على الكون.. وزاويةٌ أخرى لتوحيدِ البشر، لا حولَ ما يُفرّقُها، بل حول ما يجمعُها، وهو إنقاذُ كوكبِ الإنسان من مخاطرَ قد أصبحت لا تزدادُ إلاّ حِدّةً ومنها المَخاطرُ المُحيطةُ بالصحّة والعدالة الاجتماعية وكلّ ما هو حياةٌ للفكرِ والعقلِ والرّوح..
العالَمُ بحاجةٍ إلى هذه المبادرة الروحيّة الصاعدةِ من مغربِ الأديان، لتكُونَ سنَدًا لكلّ المبادراتِ الروحية، والأحلامِ التّوحيدية، لفائدةِ الحياةِ الإنسانيةِ المُشترَكة..
وفي هذا المُشترَك، نجدُ دَوْرَ المَعابِدِ والكنائسِ والمَساجِدِ وغيرِها، وكذا العلاقاتِ الدينيّة، وطنيًّا ودوليًّا في مغربِ التّنوّع..
وهذه الإطلالةُ الرّوحية هي ذاتُ أرضيةٍ مَحلية، ولها أبعادٌ عالمية، وهي لصالحِ الجميع، خاصة وأنّ الأديانَ في العالم تُعانِي عراقيلَ في التواصُل، وفي وضعِ اليَدِ في اليَد..
وما تحتاجُه هو الربطُ بين الدّينِ والتّديُّن، على أساس العُمقِ الرّوحي الواحد..
وهذا الرابطُ هو بلدُنا الذي يستطيعُ إيجادَ قاعدةٍ مُشترَكةٍ لتحريكِ طاقاتٍ رُوحية مُمتَدّةٍ من هذا البلدِ الأمين، إلى مختلفِ أصقاعِ العالم..
ifzahmed66@gmail.com

الاخبار العاجلة