حسن المولوع
في البداية تم اغراق مهنة الصحافة بالمتطفلين الذين لا علاقة لهم بالمهنة وأصبحوا يبحثون على ما يسمى بالبوز وكل ما له علاقة بأعطاب المجتمع في الوقت الذي كان يشكل الصحافي ازعاجا لأنه يشتغل على أعطاب الدولة ويقوم برصد الأحداث وتتبعها وتحليلها ، في صحافة اليوم لا نجد هذا وبالتالي أصبحت هذه المهنة في المخيال العام أنها مهنة من لا مهنة وليس لها أبواب ولا مصداقية لأصحابها …
نفس الشيء وقع في مهنة المحاماة ، ولقد رأينا مؤخرا كيف تم اغراقها بعدد كبير من الناجحين في المباراة الخاصة بها والذين فاق عددهم القدرة الاستيعابية للنقابات الموجودة بربوع المملكة ، واغراق أي مهنة بعدد كبير من الأشخاص هدفه إضعافها دون الحديث عن ضعف التكوين سواء في مهنة المحاماة أو الصحافة ، علما أنهما من المهن التي أساسهما الزاد المعرفي والنبل والأخلاق ، لكن هناك آلة دعائية أصبحت تصور أن كل محامي هو (سمسار ونصاب ) وكل صحافي (مبتز وباحث عن البوز )…
وبالعودة إلى القضية الشهيرة التي راجت بمحكمة الاسثئناف بمدينة الدار البيضاء رأينا الصدام الذي حصل بين الصحافيين والمحامين علما أنهما زملاء رغم اختلاف المهنة ما استدعى في ذلك الوقت تدخل نقيب المحامين لهيئة الدار البيضاء ونقيب الصحافيين لرأب الصدع الذي وقع حينها وعلى إثره قرر الصحافيون الإنسحاب من تغطية القضية (…)
وفي نفس القضية حاولت الآلة الدعائية تصوير صحافي مزعج على أنه مغتصب للنساء ويتاجر في البشر والهدف من هذا كله هو الإساءة للجسم الصحافي ككل كما تمت الإساءة لجهاز الأمن سنة 1993 بخصوص عميد الاستعلامات بالحي المحمدي بالدار البيضاء محمد مصطفى ثابت وذلك بغية زعزعة صورة الأمن الذي يحمي المواطن من مثل سلوكات العميد و هاهو نفسه يفعل مثلها ، الأمر نفسه أريد ترسيخه في ذهنية الرأي العام على أن الصحافيين كلهم يغتصبون النساء وهم نفسهم يشجبون مثل هاته السلوكات التي يقوم بها عامة الناس أو أي مسؤول من مسؤولي الدولة إلى ما هنالك مما يراد التأثير به على الرأي العام ، وساهم في هذه الآلة الدعائية بعض الدخلاء على مهنة المحاماة بمساعدة المتطفلين على مهنة الصحافة ، فتم التشهير بالصحافي وإدانته قبل أن تدينه المحكمة ، ضاربين كل الأعراف والتقاليد المهنية التي في الأصل لا تهمهم لأنهم بدل أن يؤدوا الرسالة النبيلة ، كانوا ينفذون ما يؤمرون به ، إذ أن تلك القضية أحدثت شرخا في الجسم الصحافي ، فمنهم من كان في الخط الملتزم للمهنة ومنهم من تجاوز كل الخطوط ، نفس الأمر حدث في جسم المحاماة ليكتشف الرأي العام سلوكات لم يشهد لها مثيلا ، محامي لا يحترم زميله ولا يتكلم في القانون بل يتكلم “تحت الحزام ” فقط ، وهنا بدأت المحاماة تتهاوى في نظر الناس .
الشيء نفسه يحدث الآن ، زملاء في مهنة المحاماة ضد زميلهم ، وهم نفسهم الذين أساؤوا للمهنة في القضية التي ذكرتها سلفا ما يجعلنا نتأكد أن هناك إرادة للنيل من شرف المهنة ونبلها ، علما أن القضية المعروضة حاليا على أنظار المحكمة الزجرية بالدار البيضاء ، هي قضية عادية يتم حلها بالقانون وليس بالتشهير بأي طرف ، فليكن محاميا أو بائع سجائر ، فالقانون لا يعرف هذا أو ذاك ، لكن للأسف هناك إساءة متعمدة للبدلة من طرف أشخاص دخلوا إليها على حين غفلة وهاهم الآن يستغلون القضية للقضاء على ما تبقى من شرفها ونبلها وتصريف أحقادهم وضغائنهم على لون سياسي معين ، والضحية هي الرضيعة ولا ضحية سواها وهم بسلوكهم يريدون ترسيخ صورة سلبية على المحامي أنه يستغل امرأة وعندما ينتهي منها يرميها في السجن باسم القانون وهذا كله خطأ لكن للأسف هذا ما يراد ترسيخه الآن للقضاء على ما تبقى من نخبة المجتمع ، فأي دولة تخشى من المحامي والصحافي لأنهما عماد النخبة ، فهل بقي من النخبة شيء بعد كل الإساءات المتكررة ؟ أعتقد أنه لم يتبق شيء وهي فرصة لأصحاب الذين يزاوجون المال بالسلطة هذا إن لم يكونوا هم الذين يحركون لعبة الإساءة من وراء حجاب ..