محمد كمل القنيطرة 16/07/2020
لوحات تشكيلية وصور فنية على شكل لوحات تسلب العقل للأستاذة الراقية الفنانة والمبدعة العالمية التشكيلية الإسبانية :
روزا دينكرا
أهداء إلى “محمد خير الدين”و ” إدريس البوشاري” و ” عبد اللطيف اللعبي” و “نجيب سرور” و” فيروز ” و ” حوري الحسين” و محمد الصفاح”و ” محمد العلوي ا’محمدي”و “جوليا بطرس ” و” راينار ماريا ريلكه” و ” سعيد الرفاعي” و”
حسن فطيشة ” و ” أحمد زكي ” و ” ليو فيري” و ” جاك بريل”
♧1♧
زارني “طاغور” في المنام
بوجه أجمل من قمر بغداد قبل الكوليرا
ولحيته البيضاء قصائد
حب لاينتهي
وإستئذنته ان ارفع القلم
واريح أناملي
من فيض حروفها
ووطئة القدر
فقط لبعض الوقت
لتتجدد أحلامي
وأزيح عنها مسحة الأسى واليأس
الذي نحث لنفسه تجاعيد بحجم الألم
فانزلقت من بحر عينيه
دمعة قزخية رقراقة
فالتقطتها بوثيرة اسرع من هدهد بلقيس
حبرا
بلسما
نسيما
وقررت
أن أدع حروفي بعد مباركة ” طاغور”
لتغازل نفسها
لتعزف ملحمة هجرك.
♧2♧
زارني “طاغور ” مرة ثانية في منامي
مؤكدا انه لن يستطيع زيارتي في الغذ
كانت نفس الإبتسامة المقدسة الحكيمة
ترصع وجهه” اليوسفي”
وعرق ذهبي من ذرر وكان جميل
يتراقص بين أغصان لحيته
الناصعة البياض المرمري
وحدثني بإسهاب عن مقامه هناك
في “حدائق إرم ذات العماد…
وأخبرني أنه لا يفارق ” السياب”
حتى” بعد ساعة السحر في غابة النخيل حيث تقطن عينا حبيبته”
وأخبرني أن ” السياب ” صار ألمه جبلا
لما آلت إليه العروبة العراق الشام ونواحيهما
وأنه و” السياب ” يسيران على شط دجلة والفرات بعد أن صارا نهرا واحدا عظيما
طوال الليل والنهار ويستحمان في روائح
نسيم الجنة وأنهما ينشدان قصائد ” أمل دنقل”و” نجيب سرور”و “أحمد فؤاد نجم” و” شيخ إمام” و” احمد قعبور”و “مظفر النواب ” و” محمود درويش ” و” جاك بريل ” و” ليو فيري” و كاترين سوفاج” بحضور ” لويس اراغون” و “إلزا” اللذان يقطنان في الرياض
المجاور لهما ويبادلانهما التحية صبح- مساء
وقرأت ل” طاغور “نص نثري خربشات على عجل لأظهر له قدرتي على الإرتجال
فرممها وطهرها من زلاتي اللغوية والروحية
و الإملائية ونصحني أن أقرأ لأدونيس والمعري
وعبد الله راجع والحلاج وابن الرومي والشوستري وابن الفارض و أمرىء القيس…
وانذرني ان زيارته لي لن تتكرر
وإن ألحت علي الرغبة في لقياه
فالطريق معبد
وأنه لن يمل من إنتظاري.
♧3♧
زارني ” طاغور ” للمرة الثالثة
بعد أن فقدت الأمل في لقياه
حل مضطربا
وهو يتحدث لي بسرعة الأحلام
حل وهو محمل بوصيته الأخيرة
حل كما في الحلم الأول
بلحيته البيضاء حبال حب وحظ
وسفر في السحاب لاحدود له نحو الأمل
ومن جيب قميصه ” البنجالي” الرمادي
كضباب ” لندن ” وقلبه تطل كراسة
ديوانه المترجم من ” البنجالية ” للإنجليزية
“قرابين الغناء”
قمر عالق بروحه المتغناة بالريح والجبال والأشجار والأنهار والسحاب والحلم والخيال
في جيب صغير ترقد حدائق البنجال والهند والصين جمع في ديوانه السعادة
ترسم زغاريد تههل للقمر والشمس والنجوم والكواكب البعيدة الأخرى لتنثر الرايحين
والقرنفل على اليتامى والمشردين والمسنين
والأطفال والمساجين وعابري السبيل لتزهر
في عيونهم سعادات لاتنتهي.
وقف “طاغور ” وقلبي حلق من مكانه حتى خلته يمشي ظننت ان الحلم قد أنتهى ولم أشف بعد شوقي منه لكن ” طاغور ” فطن لحالي وجلس وكان القمر على يمينه
والشمس على يساره وفي نفس الآن مسحة حزن عميق وإبتسامة بعرض الأفق تغطي الكون بحساب عطف وشعر وحنان وسكينة لا حدود لها تنثر العوسج والليلك والريحان والقرنفل وعينيه ضفاف تفوق جمال جبال التبث وقد حمل ” طاغور ” معه قلما أحمر
من نوع “مون بلون “Mont Blanc”
الذي حرر به “هوجو” البؤساء” ولم يتحرروا
وظهر على ” طاغور” غضب شديد على محياه
وحرك القلم الأحمر الكبير وأخبرني انه سوف
يصلح كل شيء الكون وكل شيء
بدءا من الكتب الدينية والرسائل السماوية
ليعيد الله إلى قلب الإنسان وأنه منذ الآن سوف يعيد توزيع خيرات الكون على الشحاذين والمرضى والمحتاجين والشيوخ وذوي الإحتياجات الخاصة وأكد لي ” طاغور” ان ضجيج أطباق الأغنياء ماعاد يسمح له بالراحة في نومته الأخيرة وهل يعقل أن يغزو الإنسان القمر والمريخ ولازال الأطفال يموتون جوعا
وأصبحت الإبتسامة تجارة تهريب لاينقطع
وان كل هذا الظلم على الأرض قد أتعبه
وهرب الرغبة في الهناء والراحة الأبدية
وابتسم ” طاغور ” وسألني هل لي جدور
” بنجالية” فقلت له انني رحالة من العطاوية
وجرت على شفتيه ابتسامة أخرى وقال لي
انه قد هزه الشوق لي وزارني للمرة الثالثة وقال لي انه قد استنفذ آخر رخصة بزيارتي وأنه سوف ينتظر أن أرد له الزيارة وطلبت منه ان يمتعني بمهلة لألف سنة حتى أتمكن من تدويب جليد مآسي وبعض من أحلامي وبشرني بكونه معجب بخربشاتي الصباحية
وطلب مني ان أضمنها في ديوان وإن زرته سوف يترجمها الى ” البنجالية” فرحت ولم أترك الفرحة تعبر وجهي والحلم يحتضر
ودعته لم أعده بالزيارة وعندما صحوت وجدت فوق وسادتي شعيرات بيضاء غادرت لحيته قبلتها واخدت أتذكر الحلم ليسر من هو الآن منشغل بهذه الحروف الحالمة.