جامعة العَرَب امرأة زوجها هَرَب

جسر التواصل22 أكتوبر 2020آخر تحديث :
جامعة العَرَب امرأة زوجها هَرَب

برشلونة : مصطفى منيغ

لم تكن الشعوب العربية مقتنعة بوجودها أصلاً لتعيرها الآن أدنى اهتمام ، و حتى في أوج نفوذها الراكعة به في المشرق العربي حيال بعض حكام ، خدمة لاعداء العروبة الأصيلة وعظمة الإسلام . الأمثلة عن ذلك اسفار تئِنُّ من حملها الجِمال عبر أجزاء معيَّنة من شبه جزيرة مقبلة على ما لا يستحيي من ذكره أي كلام، شعراً مُقَفَّى صنفه كان أو نثراً جنسه موزون بدلائل يفخر بنشرها أشرف وأصدق إعلام ، منها اتفاقات تمَّت في جلسات مغلقة وأخرى ظلت معلقة تسمح بالسكوت عن التجاوزات ليمرحَ ويُخطِّطَ في راحة تامة مََن يرغب في إلحاق الشعوب العربية إلى حافة العدم ، يكفي ما اعترض كفاح فلسطين العزيزة باستعمال واجهتين إحداها إنشاءات حماسية و عهود مكتوبة بتقنية رواية ألف ليلة وليلة وما جادت به قرائح مسكوبة في بيانات مرسومة بحبرٍ مخابراتي السمات تُقْرَأُ على مفهومين مختلفين يميِّز بينهما من تدرَّب في أماكن لا داعي لذكرها فهي معلومة لدى المختصين في الموضوع وما أكثرهم عبر العالم .

… ما انتهت إليه هذه الجامعة لم يكن محض ظروف والسلام ، بل سقوط حتمي من أعلى سلم صعد مِن خلال درجاته مُتخفِّياً مَن يحتفل بوقوع النكسة الشاهدة ستكون عن انتهاء مرحلة والدخول في أخرى مشحونة بمزيد الهم والغم ، من معالمها انتقال الجامعة المعنية لمقرها الجديد بمملكة البحرين ربَّما، حاملة أسم جامعة دول عربية والدولة العبرية للسلام ، برعاية المطبّعين مع اسرائيل قبل الانتخابات الامٍريكية وبعدها ، وتمويلِ من دولة الامارات بالكمال والتمام .

… لغة شَذا الورود الصادحة من ثَغر مُحِبِّ الأمس بكل الود ممدود ، لم تعد بما نسمع ونرى لها وجود ، طَغَى الهاجس السياسي على استقرار مفعوله بما يُنتَظََر حدوثه محدود ، أصبح العرب (بجامعة بعض دولهم تيك) في أمخاخ معظم الغرب كالزائد على العدد ، المطلوب حصره نتيجة حل معادلة ، الأولوية فيها للأقوياءِ عِلماً واقتصاداً وتقدُّماً وادراكاً أن الدنيا تدور ليس من تلقاء نفسها لتتطوَّر ، بل بحركة هادفة عن حكمة خالقها المٌدبِّر الحكيم سبحانه و تعالى لاستمرارية التجديد ، كالطموح الفطري للفرد ، من المهد إلى اللحد .

… الإبتعاد لا يعادي العاطفة بقدر ما يتحكَّم في خوضها ما لا يُحمد عقباه إن تمادت في جرِّ صاحبها ليتخلى عن موقفه الشاعر دوماً بمسؤولية الحفاظ على القيمة الثمينة المُعَرِّفة بشخصيته العاشقة الحرية ، المتحصِّنة وراء النََّفَسِ الطويل ، الضابطة لايقاع المسير، على طريق مستقيم له بداية ووسط وما قبل الآخير .

… كعرب بمثل “الجامعة” تدحرجنا لما لا يسعنا إلاّ ذكر مساوئه ، إن كنا متمتعين حقيقة بحرية التعبير مثل السائد في بلاد المهجر من أوربا لغاية أمريكا الشمالية .

عرب العراق في مسيراتهم الاحتجاجية ، الطويلة طول تعنُّت جهات رسمية ، لا تجد غير القمع سبيلا لاسكات أصوات ، أعيا أصحابها انتظار تسوية ، تعيد للبلد ولو نصف ما كانت عليه من امكانات تلبِّي حاجيات قابلة لارضاء الأمل في الأفضل يسود واقعاً قائماً على بسط نفوذ سيادة دولة ، لها عَلَم يرمز للوحدة ، وجيش مهمته الدفاع عن الحدود وحماية شرف وعرض شعب عراقي دون دافع إلا القيام بواجباته العسكرية الصرفة ، وحكومة وطنية غير منحازة إلاَّ لمصلحة العراق العليا وفق حِكمة تَصَرُّفٍ تستمدّ ارادتها من قوة قاهرة للفساد والمفسدين مهما كان مقامهم ورُتب وظائفهم وارتباطهم الفعلي بهذا الحزب المتجاوز أهدافه ، أو جماعة دينية تربط وجودها داخل العراق بمصالح دولة أخري نصَّبت تفسها الممثِّل الكوني لتلك الديانة الخاضعة ذاتها لنظام توسعيّ لا يعترف بحق دول أخري في تقرير مصيرها والتحكم في شؤونها الداخلية بما يلائم استقلالية وحرية وخير وصلاح شعوبها .

عرب السودان المبتاعة حكومتها ، العجيبة التركيب ، براءة ادانتها من تهمة “حاضنة الارهاب” بمبلع 338 مليون دولار مدفوع للولايات المتحدة الأمريكية ، إضافة لتقديم فروض الطاعة للتطبيع مستقبلاً مع اسرائيل ، في وقت خرج الشعب معبراً عن غضبه الشديد من وطأة الحيف الاجتماعي المزداد تعقيداً منذ توقف ثورته عن أداء مهمتها لآخر المطاف ، والسقوط في مؤامرة حفنة استعملتها المخابرات الأجنبية سنارة صيد حكم خارجٍ عن ارادة سيادة الأمة السودانية ، حكم تابع لقوى منتسبة لمصالح خططت للهيمنة المطلقة على هذا القطر العربي الهام المتمكن بما يختزنه من قدرات ليصبح فطباً فلاحياَ اقتصادياً صناعياَ يتبوء مكاناً طلائعياً على الصعيدين الإفريقي والعالمي .

عرب اليمن الفاقد مقومات دولة حاكمة نفسهنا بنفسها برئيس مقيم في السعزدية ووزراء مشتتين غير مستقرين على برنامج مُعد من حكومة واعية بمسؤولياتها وهي مكبَّلة بحبال تعليمات السعودية والامارات من جهة ، وضغط حليفة لإيران من جهة أخرى، تحت شعار الشرعية للضحك على نفسها أولا وأخيرا، فيما الشعب اليمني تصارعه المجاعة ويهدده الانهيار الكلي، ويحوم حوله القهر والظلم ، وتنهش لحمه مخالب فتنة لا آخر لها إطلاقا.

عرب فلسطين المنزوعة حقوقهم مرحلة مرحلة ، المحدَّد مصيرهم من طرف حماة الصهاينة العجم واشباه العرب بالاستسلام الطوعي أو عن اكراهٍ ليفقدوا ما بقي بين أيديهم حتى الآن ، المسكوت عن عربدة الاحتلال الإسرائيلي داخل القدس والعبث بحرمة المسجد الأقصى ، والتدخلات المباشرة وغيرها لتكريس التفرقة بين الضفة والقطاع ، وتمزيق عرى الوفاق للنهوض بواجب الكفاح المشروع دفاعاً عن استقلال البلاد والعباد ، لتعود فلسطين عمود استقرار الكيان العربي على كلمة واحدة وعقلية موحَّدة ناصرة الحق بالحق ، المسكوت عمَّا سبق وأزيد ببضع مؤتمرات نفس “الجامعة”، مهما تعالت حناجر بعض المشاركين فيها ، ظلَّت حلقة مُفرغة يتداول من يدفعون بها للتهريج السياسي الترفيهي الظرفي، صَبْغ لافتات مرفوعة للتمويه بألوان إن امتجزت كما يرغبون ، أسفرت عن مضمون العَلَم الاسرائلي بهيمنة نجمة داوود على التهرين الفرات والنيل بدايةً وليس نهاية.

عرب ليبيا مهما كثرت اجتماعات مَن وضعوا أنفسهم مقام الشعب وتقاسموا المناصب قبل تحرير بلادهم مما غرقت فيه من فتن ، وانتقلوا من ألمانيا إلى المغرب إلى مصر إلى سويسرا وبالتالي أوائل الشهر المقبل إلى تونس ، ليحصدوا نفس التفاحة تتوسطها قرحة ، علماً أن الايادي الأجنبية قد امتدت بمباركة نفس المُشار إليهم ممن وضعوا مقامهم مقام الشعب الليبي ، لذا المصيبة قائمة عن طيب خاطر بترك تلك الأيادي التابعة لاحسام متقدمة في العالم للبحث عن الكسب الثمين السهل فتمكنت بالفعل من مساحة ارتكاز فانطلاق لتغرف ما شاءت من مغانم ليبيا المفعمة بالطاقة المشيد عليها ازدهار ورفاهية دول لا يهمها اجتماع عُقد ، أو لقاء اكتُمل ، أو حق ضاع ، المهم عندها الحصول على أكثر حجم يعود بالنَّفع عليها وشعوبها ، وهكذا ستتحول “ليبيا” خلال عقود ، لسوريا ثانية تقض مضاجع المغرب العربي بما بقي فيه من تونس والجزائر وموريطانيا والمغرب .

… فأين “الجامعة” من كل ما حدث ، أو من هذا الجزء القليل ممَّا حدث ، إن لم تكن مجتمعة كانت في سبات عميق عقيم ، تحلم بتسريع تفتيت العرب ، لتأخذ مكانة خيبة امرأة ، عنها هرب زوجها ليقينه بارتكابها أخطاء يطول شرحها ، لتببقى لفترة معلَّقة بين عودته من جديد ، أو يتبدَّد رجاؤها بالطلاق الثلاث .

aladalamm@yahoo.fr

—————————————————————————————————————

الاراء الوادة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر جسر التواصل

الاخبار العاجلة